07-أكتوبر-2024
خسائر بشرية ومادية

أطفال يقفون على أنقاض منازل دمرتها غارات الاحتلال في القطاع (رويترز)

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي هجماته الجوية والبرية العنيفة التي تستهدف منازل مأهولة وتجمعات للفلسطينيين دون سابق إنذار في مناطق مختلفة من قطاع غزة، ما يوقع خسائر بشرية ومادية كبيرة، بعد مرور عام كامل على بدء العدوان على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وكان جيش الاحتلال قد بدأ بشن حرب الإبادة الجماعية في غزة، قبل أن تمتد إلى أراضي الضفة الغربية المحتلة على إثر تنفيذ حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بالاشتراك مع فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة عملية "طوفان الأقصى" داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما أسفر عن سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، فضلًا عن اعتقال آلاف الفلسطينيين.

تستهدف هجمات جيش الاحتلال في غالبية الأحيان مناطق زعم أنها "مناطق إنسانية آمنة"، وأجبر الفلسطينيين على النزوح إليها في ظل ظروف صحية ومعيشية غير إنسانية، كما حول مناطق وأحياء سكنية كاملة إلى أكوام من الركام، مستهدفًا المباني والأبراج السكنية والمؤسسات الحكومية والخاصة والقطاع الاقتصادي.

وفيما يلي رصد للخسائر البشرية والمادية ومعالم الإبادة بعد عام من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وفقًا لوكالة "الأناضول" التركية.


الخسائر البشرية

بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، منذ بدء العدوان، قصف جيش الاحتلال القطاع بنحو 83 ألف طن من المتفجرات، من بينها أسلحة محرمة دوليًا مثل القنابل التي تزن ألفي رطل (900 كغ) من المواد المتفجرة.

وقد ألقيت هذه القنابل على رؤوس المدنيين في مختلف أنحاء القطاع، وتسببت باستشهاد أكثر من 41 ألف فلسطيني، بينهم أكثر من 16 ألف طفل، وأكثر من 450 امرأة، بالإضافة إلى ما لا يقل 986 من الطواقم الطبية، و174 صحفيًا.

وأدى عدد الشهداء الكبير إلى تيتيم 25973 طفلًا في القطاع، بحسب المكتب الحكومي، حيث باتوا يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما، ما يرفع عدد الأيتام في القطاع إلى 52322 طفلًا بينما كان عددهم 26349 طفلًا حتى عام 2020، وفق جهاز الإحصاء الفلسطيني.

أما عدد المصابين فقد وصل إلى 96844 فلسطيني، من بينهم أكثر من 22500 فلسطيني يعانون إصابات تغير حياتهم، بحسب بيان لمنظمة الصحة العالمية صدر في الـ12 من أيلول/سبتمبر الماضي، وتشمل تلك الحالات "إصابات خطيرة في الأطراف، وبتر أطراف، وأضرارًا في النخاع الشوكي، وإصابات دماغية، وحروقًا بالغة، تتطلب خدمات إعادة التأهيل الآن وفي السنوات القادمة".

تأتي هذه المتطلبات وسط ظروف صحية صعبة يعاني منها القطاع جراء نقص الأدوية والمستلزمات الطبية والتدمير الممنهج للمستشفيات المركزية والصغيرة في القطاع، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. ويقول المكتب الإعلامي الحكومي، إن جيش الاحتلال أخرج 34 مستشفى و80 مركزًا صحيا عن الخدمة، كما استهدف 162 مؤسسة صحية.


الخسائر المادية

  • تدمير ممنهج للوحدات السكنية

يواصل جيش الاحتلال قصف القطاع بالأسلحة المحرمة وأسلحة أميركية أبرزها: قنابل من نوع "GBU-28"، والقنابل الموجهة بنظام GPS بهدف تدمير البنية التحتية، وقنابل الفوسفور الأبيض، والقنابل الغبية أو غير الموجهة، وقنابل "جدام"، وفق ما أعلن عنه المكتب الحكومي في الأول من أيلول/سبتمبر الماضي.

وتسبب هذا القصف بتدمير أكثر من 75 بالمئة من القطاع الإسكاني والمستشفيات والمدارس والكنائس، بحسب المصدر ذاته، فيما أظهرت تقييمات الأضرار التي أجراها باحثون في مركز الدراسات العليا في جامعتي "مدينة نيويورك" و"ولاية أوريغون"، أن أكثر من نصف المباني في جميع أنحاء قطاع غزة تعرضت لأضرار، وارتفعت النسبة إلى ما يقرب من 80 بالمئة في مدينة غزة.

ومن أصل 400 ألف وحدة سكنية في القطاع، دمر جيش الاحتلال نحو 150 ألف وحدة بشكل كلي، و200 ألف وحدة جزئيًا، بينما تسبب بتحول 80 ألف وحدة لأماكن غير صالحة للسكن، علمًا أن هذه المنطقة الجغرافية الضيقة التي تبلغ مساحتها 365 كم، ويعيش فيها نحو 2.3 مليون نسمة، كانت تعاني قبل اندلاع العدوان من أزمة كبيرة في الإسكان، حيث بلغت نسبة العجز 120 ألف وحدة سكنية حتى مطلع عام 2023.

وبحسب رصد "الأناضول"، فإن عدد الوحدات التي يحتاجها القطاع في الوقت الحالي جراء العدوان تبلغ 270 ألف وحدة على الأقل، وهو مجموع إجمالي العجز مع ما تم تدميره كليًا، فيما يحتاج إلى إعادة تأهيل أو إعادة بناء نحو 280 ألف وحدة، وهي مجموع ما دُمر جزئيًا إضافة للوحدات غير الصالحة للسكن.

إلى جانب ذلك، سعى جيش الاحتلال إلى تدمير ملامح الحياة بغزة حيث حول القطاع وفق تصريحات مسؤولين أممين إلى منطقة "غير صالحة للعيش"، وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، فإن جيش الاحتلال دمر ثلاثة كنائس، و611 مسجدًا بشكل كلي و214 بشكل جزئي، و206 مواقع أثرية وتراثية، و36 منشأة وملعبًا وصالة رياضية، كما دمر 125 مدرسة وجامعة بشكل كامل، و337 بشكل جزئي، فضلًا عن تدمير كامل لنحو 201 مقر حكومي، وفق المكتب.

  • جريمة العدوان المائية

قدرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"الأونروا" حتى حزيران/يونيو الماضي أن 67 بالمئة من مرافق المياه والصرف الصحي والبنية التحتية في قطاع غزة مدمرة أو متضررة جراء العدوان، فيما يقول تقرير لمنظمة "أوكسفام" صدر في تموز/يوليو الماضي، إن العدوان أدى إلى إتلاف أو تدمير خمس مواقع للبنية التحتية للمياه والصرف الصحي كل ثلاثة أيام منذ بداية العدوان.

وبحسب بيان مشترك للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وسلطة جودة البيئة، صدر في الخامس من حزيران/يونيو الماضي، فإن إجمالي المياه المتوفرة في قطاع غزة تقدر بنحو 10-20 بالمئة من مجمل المياه المتاحة قبل العدوان.

وبذلك تراجعت حصة الفرد الفلسطيني في القطاع من المياه بنسبة 94 بالمئة خلال العدوان، حيث بالكاد يستطيع المواطن في قطاع غزة بحسب منظمة "أوكسفام"، الوصول إلى 4.74 لترات من المياه يوميًا، مقارنة بوصوله لنحو 26.8 لتر يوميًا لعام 2022، وفق تقرير سابق للجهاز.

وتبقى حصة الفرد الفلسطيني في غزة ضئيلة بموجب ما أقرته منظمة الصحة العالمية من حق كل فرد الحصول على 120 لترًا يوميا، بما يشمل الاستخدام الشخصي والمنزلي، فيما انخفضت الإمدادات الخارجية للمياه من شركة المياه الإسرائيلية "مكوروت" بنسبة 78 بالمئة.

ويتعمد جيش الاحتلال استخدام التعطيش كسلاح ضد الفلسطينيين في حرب الإبادة، وفق ما أفاد به مسؤولون حقوقيون، فيما صنفته "أوكسفام" ضمن "جرائم الحرب"، حيث يواصل جيش الاحتلال منع دخول الوقود اللازم لتشغيل محطات المياه المتبقية في القطاع، إلا بكميات شحيحة جدًا ما يعيق من وصول الفلسطينيين لحصتهم القليلة.

وأشارت "أوكسفام" في التقرير ذاته إلى أن تدمير البنية التحتية للمياه والكهرباء والقيود المفروضة على دخول قطع الغيار والوقود، حيث تبلغ في المتوسط ​​خمس الكمية المطلوبة المسموح بدخولها، أدى إلى انخفاض إنتاج المياه بنسبة 84 بالمئة في غزة، بعدما تضررت أو دمرت 88 بالمئة من آبار المياه، ومئة بالمئة من محطات تحلية المياه. 

  • تدمير شبكات الصرف الصحي

بلغت نسبة ما دمره جيش الاحتلال من مضخات الصرف الصحي نحو 70 بالمئة منذ بدء العدوان، فضلًا عن تدمير 100 بالمئة من جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي ومختبرات اختبار جودة المياه، وفق تقرير "أوكسفام".

وقد تسبب هذا التدمير الواسع في تسرب المياه إلى الشوارع وخيام النازحين، حيث تتفاقم هذه المأساة في فصل الشتاء، ما يتسبب بانتشار الأمراض في صفوف النازحين، حيث عانى أكثر من ربع سكان غزة وحتى تموز/يوليو الماضي، وفق أوكسفام، من "أمراض خطيرة" كان يمكن الوقاية منها بسهولة؛ لكن انتشرت بسبب نقص المناعة المتزامن مع تسرب المياه العادمة وشح المياه اللازم للتنظيف والاستخدام الشخصي.

ووصل عدد من أصيبوا بالأمراض المعدية إلى أكثر من مليون و730 ألفًا من أصل 2 مليون نازح، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فضلًا عن ظهور مرض شلل الأطفال في القطاع لأول مرة منذ 25 عاما في آب/أغسطس الماضي، ما دق ناقوس الخطر ودفع المؤسسات الصحية الدولية لتوفير التطعيمات وإطلاق حملة تطعيم في القطاع بالتعاون مع وزارة الصحة.

  • التجويع كسلاح لقتل الفلسطينيين

إلى جانب التعطيش، يستخدم جيش الاحتلال التجويع كسلاح لقتل الفلسطينيين في حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها ضدهم في غزة، وسط إدانة أممية ودولية لذلك.

ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حينما تشكلت ملامح المجاعة والتي بدأت في محافظتي غزة والشمال بسبب الحصار المشدد المفروض عليهما، وتتواصل هذه الظروف الغذائية الصعبة التي تسببت بموت نحو 36 طفلًا بسبب سوء التغذية.

وقالت "الأونروا" في بيان في تموز/يوليو الماضي، إن أكثر من 50 ألف طفل في القطاع بحاجة ماسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد، وذلك من أصل أكثر من مليون طفلًا دون سن الـ18 عامًا، وفق تقرير للجهاز المركزي الفلسطيني.

وتتواصل حلقة التجويع في ظل منع الاحتلال وصول المساعدات الغذائية لغزة إلا بكميات شحيحة، إضافة لاستهداف المخازن الغذائية التي كانت تتواجد في القطاع والمخابز وشاحنات المساعدات والجوعى الذين ينتظرو دورهم للحصول على مساعدات.

وبحسب تقرير نشرته "أوكسفام" في السادس من أيلول/سبتمبر الماضي، فإن 1 من كل 5 أشخاص يعيشون في غزة يواجهون "مستويات كارثية" من الجوع، فيما قال برنامج الأغذية العالمي في تموز/يوليو الماضي، إن نصف مليون شخص في القطاع يواجهون "مستويات كارثية" من الجوع، وتشير منظمات أممية إلى تقليص العائلات الفلسطينية بغزة لوجبات الغذاء اليومية وسعراتهم الحرارية بشكل كبير، دون تحديدها.

وبينما كان يصل قطاع غزة نحو 600 شاحنة محملة بالمواد الغذائية يوميا قبل اندلاع العدوان، تقلصت الأعداد إلى نحو 50 شاحنة أو أقل، فيما يمنع جيش الاحتلال دخولها في بعض الأيام، ولا يتوقف الأمر على شح كميات الغذاء الواصلة للقطاع، إنما يتعلق أيضًا بنوعيته حيث يعتمد غالبية الفلسطينيين هناك على المعلبات التي بالعادة تخلو من العناصر الغذائية المهمة، وتحتوي على المواد الحافظة الضارة التي تخفض من مستويات المناعة.

  • اقتصاد القطاع في حالة خراب

دمر جيش الاحتلال بشكل ممنهج القطاع الاقتصادي بما فيه المنشآت والمصانع والمزارع وأسواق الأسماك، ما تسبب بخسائر مالية أولية مباشرة قدرها المكتب الإعلامي الحكومي بغزة بحوالي 33 مليار دولار أميركي، وبحلول كانون الثاني/يناير الماضي، تسبب العدوان بفقدان نحو ثلثي الوظائف التي كانت موجود قبل اندلاعها، وفق ما ذكره تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد".

وعلى إثر ذلك ارتفعت نسبة البطالة في القطاع من 45 بالمئة قبل العدوان إلى 80 بالمئة بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وفق تقرير لمنظمة العمل الدولية في حزيران/يونيو الماضي، وبذلك تكون نسبة الفقر في القطاع بحسب تقرير "أونكتاد" ارتفعت إلى مئة بالمئة، بينما كانت 50 بالمئة قبل العدوان وفق أرقام المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.

ووفق "أونكتاد"، فقد تضرر ما نسبته 80 -96 بالمئة من الأصول الزراعية في القطاع، بما في ذلك أنظمة الري ومزارع الماشية والبساتين والآلات ومرافق التخزين، ما أدى إلى شل القدرة على إنتاج الغذاء وتفاقم مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة بالفعل، وأوضح تقرير "أونكتاد" أن 82 بالمئة من الشركات في غزة، التي تشكل محركًا رئيسيًا للاقتصاد، مؤكدًا أن العدوان وضع "اقتصاد القطاع في حالة خراب".