يُعرّف بابلو إسكوبار، قيصر المخدّرات الكولومبي، أنه الرّجل الأشهر عالميًا من حيث تجارة المخدّرات، حيث صنّفته مجلّة فوربس، كسابع أثرى رجلٍ في العالم، بثروةٍ قدّرت بـ30 مليار دولار أمريكي، اكتسبها من الاتجار بالمخدّرات وغسيل الأموال، ويُعتبر "بابلو إميليو إسكوبار غابيديا"، من الرّجال الأكثر إجرامًا في العالم، وحاز اللقب، بعد وضعه وعصابته، عبواتٍ ناسفةٍ في طائرةٍ مدنية.
ما لا يعرفه معظم المتابعين لإسكوبار، أنّه لم يكن الظّاهرة الأولى في عالم الاتجار بالمخدّرات، بل سبقته إلى ذلك، الكولومبية غريسليدا بلانكو
إسكوبار، الفلّاح الرّيفي الذي وُلد إبّان مرحلة العنف الدّاخلي الكولومبي، بدأ طريقه الإجرامي فعليًا بسرقة السّيارات، بعد تعرّفه على زعيم أشهر العصابات الكولومبية، خيسيوس دي ناصرينو، فأصبح في غضون فترةٍ قصيرة، أصغر وأشهر سارقٍ للسيارات. نفّذ إسكوبار أول عملية تهريبٍ للكوكايين بسيارةٍ كان قد استأجرها، ليترّقى بعدها الشّاب اليافع، حائزًا على لقب، "عرّاب الكوكايين". العرّاب استطاع أن يغطّي حاجة أمريكا كلّها من الكوكايين، وتدخّل في الشّأن السّياسي على مبدأ «plata o plomo»، الرشوة أو القتل. فقد قتل ثلاثة مرشحين لرئاسة كولومبيا، والنائب العام، ووزير العدل، ومئتي قاض، وعشرات الصحفيين، وأكثر من ألف ضابط شرطة، مما جعله مجرمًا غير عادي، تهابه أجهزة الدولة قبل أفراد الشعب الكولومبي.
اقرأ/ي أيضًا: لبنان.. الدولة ومخدرات أبو سلة
ما لا يعرفه معظم المتابعين لإسكوبار، أنّه لم يكن الظّاهرة الأولى في عالم الاتجار بالمخدّرات، بل سبقته إلى ذلك، الكولومبية غريسيلدا بلانكو، التي اشتهرت في السّبعينيّات والثّمانينيات كأبرز "لوردات عالم المخدّرات". بينما كان إسكوبار يسرق السّيارات في ميديلين، كانت غريسيلدا بلانكو تبني إمارةً للمخدّرات في نيويورك. فلقب "عرّاب الكوكايين"، ورثه إسكوبار عن غريسيلدا بلانكو، العرّابة الأصيلة لجمهورية الكوكايين في عصرها، إن كنت مدينًا لها بالمال وعجزت عن ردّه، تقتلك، إن كانت مدينةً لك بالمال وطالبتها به، قتلتك، إن أغضبتها، قتلتك. بالنّتيجة، كان العبث مع غريسيلدا بلانكو ممنوعًا، والموت مصيرٌ محتّم، حتّى أن عدد ضحاياها لا يزالُ إلى اليوم مجهولاً.
غريسيلدا بلانكو المولودة في كاتغرينا-كولومبيا، عانت طفولةً مريرة، وكأن قدر مدينة "ميديلين" أن تحتضن المجرمين، فاستقرّت فيها أمّ غريسيلدا بلانكو عندما كانت الأخيرة تبلغ من العمر ثلاث سنوات، اشتهرت في مرحلة ما قبل المراهقة بالنّشل والسّرقات الصّغيرة، قبل أن تهرب من المنزل عندما أصبح عمرها 14 عامًا، بسبب العنف المفرط الذي تعرّضت له من أمّها، أُجبرت غريسيلدا بلانكو على ممارسة البغاء بسبب فقرها وعوزها، فخلقت من ضعفها إرادة للقتال من أجل الحياة، دون التّظاهر بالضّعف.
غريسيلدا بلانكو، بعمر الـ11 عامًا، اختطفت صبيًا كان يقطن في حيّها، وطالبت أهله بفديةٍ مالية، عندما عجز الأهل عن دفع الفدية، قامت غريسليدا بلانكو بوضع رصاصةٍ في رأس الصّبي، ببساطة، قتلت بلانكو الطّفلة، طفلاً آخر وهي بعمر الـ11. بحكم الواقع الدّموي الذي حكم تاريخ كولومبيا لفترة، كان القتل عاديًا بالنّسبة للكولومبيين، وليس عند غريسيلدا بلانكوبلانكو فقط.
كان العبث مع غريسليدا بلانكو، العرابة الأصيلة لجمهورية الكوكايين، ممنوعًا والموت مصيرٌ محتّم، حتّى أن عدد ضحاياها لا يزالُ إلى اليوم مجهولاً
بعد زواجها بزوجها الأول، كارلوس ترويّلّو، تعلّمت غريسيلدا بلانكو كيفية إنشاء وإدارة منظّمة إجرامية، وأنجبا ثلاثة أولادٍ قبل أن يتطلّقا أواخر السّتينيّات، لتقتل غريسيلدا بلانكو زوجها كارلوس بعد طلاقهما بسنوات، مضيفةً لقب "الأرملة السّوداء"، وهو نوعٌ من العناكب التي تقتل زوجها، إلى ألقابها العديدة.
اقرأ/ي أيضًا: أسعار المخدرات في لبنان
تزوّجت غريسيلدا بلانكو للمرّة الثّانية أوائل السّبعينات، من تاجر مخدّراتٍ مبتدئ يُدعى ألبرتو برافو، ليصبحا سويًا مفاتيح أساسية في تجارة المخدّرات، مما سهّل لهما معًا السّيطرة على السّوق، وبالتّالي زيادة دخلهما، مما مكّنهما من الانتقال إلي نيويورك. وكي تحافظ غريسيلدا بلانكو على تجارتها، ولتسهيل مهمّة تهريب المخدّرات من كولومبيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فتحت محلّاً للملابس الدّاخلية، من تصميمها الخاص، زوّدت القطع فيه بجيب سرّية، تُستعمل لإخفاء المخدّرات ونقلها عبر الحدود، بذلك، نجحت في نقل إمارتها من كولومبيا إلى الولايات المتحدة، وظلّت سيّدة السّوق حتّى مماتها.
اقرأ/ي أيضًا: