05-أغسطس-2024
يعالج 15 طفلًا فلسطينيًا في المستشفيات الفرنسية (AFP)

(AFP) يعالج 15 طفلًا فلسطينيًا في المستشفيات الفرنسية

تتفاقم أوضاع الجرحى الفلسطينيين داخل قطاع غزة جراء تدمير الاحتلال الإسرائيلي المنظومة الصحية، وهو ما جعل علاجهم شبه مستحيل، كما أدى إلى استشهاد الكثير منهم.

في المقابل، تمكن عدد قليل من الجرحى الفلسطينيين من الخروج من القطاع، عبر وساطات، لتلقي العلاج في عدد من المدن العربية والأوروبية في رحلات يكون بعضها ذهابًا دون عودة للقطاع المدمر.

من بين هؤلاء الجرحى، طارق أبو عيطة الذي تقول عنه وكالة "فرنس برس"، إن حياته انقلبت رأسًا على عقب خلال ثوان قليلة عندما استهدفت غارات للطيران الإسرائيلي الحي الذي يقيم فيه مع بداية العدوان على قطاع غزة.

تمكن عدد قليل من الجرحى الفلسطينيين من الخروج من قطاع غزة، عبر وساطات، لتلقى العلاج في عدد من المدن العربية والأوروبية في رحلات يكون بعضها ذهابًا دون عودة للقطاع المدمر

فقد تسبب القصف في تدمير منزله العائلي المؤلف من طابقَين في مخيم جباليا للاجئين، وأدى إلى استشهاد والده حامد البالغ من العمر 77 عامًا وزوجته منتهى البالغة من العمر 37 عامًا، ونجلهما إلياس البالغ من العمر 11 عامًا، وابنتَي شقيقه؛ ميرا البالغة من العمر 8 أعوام، وتالا البالغة من العمر 14 عامًا.

يتحدث أبو عطية، البالغ من العمر 42 عامًا والمقيم في مدينة رين، للوكالة الفرنسية بينما تنهمر دمعة على خدّه وهو يشاهد على هاتفه المحمول صورًا لزفافه ولابنه الشهيد "كل شيء ذهب".

ويضيف: "هم ليسوا مجرد أرقام، كل واحد لديه أحباء وعائلة وذكريات".

ويرافق أبو عيطة، الذي يعد من الفلسطينيين القلائل الذين تمكنوا من الوصول إلى فرنسا في رحلة العلاج جراء إصابتهم في العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، ابنه الثاني فارس البالغ من العمر 14 عامًا الذي نجا أيضًا من ذلك القصف.

أُصيب أبو عيطة وابنه فارس إصابات خطيرة عندما تواجدا أمام منزلهما وقت شن طائرات الاحتلال هجماتها على المخيم في شمال القطاع.

أصيب فارس بكسر كبير في الجمجمة أدخله في غيبوبة لأكثر من ثلاثة أسابيع. وبعد عشرة شهور من العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، يتعافى الابن وابنه بعد تلقيهما علاجًا طبيًا مكثفًا في فرنسا.

تشير "فرانس برس" إلى أن الرعب لا يفارق أبو عيطة، الذي اضطر إلى ترك ابنين آخرين، هما جود البالغ من العمر 10 أعوام وأحمد البالغ من العمر 15 عامًا داخل غزة.

يقول أبو عطية: "ستكون كارثة إذا حدث لهما شيء. لم تعد لدي طاقة للتحمّل".

ويكشف إلى أنه تلقّى وعدًا بأن يتمكن من التقدم بطلب لإحضار ابنيه إلى فرنسا بمجرد حصوله على وضع لاجئ.

غير أن الانتظار وألم القرار الذي اتخذه بتركهما في القطاع المحاصر والمدمر، يقضيان عليه تدريجيًا، كما تقول الوكالة الفرنسية.

يتحدث أبو عيطة أن ابنه فارس كان يحتضر. لو بقي في غزة لكان خسره.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أُصيب نحو 90 ألف شخص في غزة جراء الهجمات والقصف الإسرائيلي.

وبحسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من بين المصابين يوميًا نحو 10 أطفال يخسرون ساقًا أو اثنتين.

في 16 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كان الطفل آصف أبو مهادي البالغ من العمر 12 عامًا يلعب كرة القدم أمام منزله في مخيم النصيرات للاجئين حين قُصفت المنطقة.

يتحدث لوكالة "فرانس برس"، وهو جالس على كرسي متحرّك ويضع وشاحًا فلسطينيًا على كتفيه بالقرب من المستشفى الذي يتلقّى فيه العلاج بضواحي باريس، قائلًا: "اعتقدت أن هناك حجرًا على رجلي. أردت رفعه فوجدت رجلي مقطوعة".

انتقل آصف مع والدته رجاء عبد الكريم أبو مهادي إلى فرنسا لتلقي العلاج.

غير أن الأمّ التي فقدت زوجها حين كان آصف رضيعًا، لم تتمكّن من اصطحاب أبنائها الخمسة الآخرين، إيناس البالغة من العمر 13 عامًا، وعائشة البالغة من العمر 15 عامًا، وأحمد البالغ من العمر 17 عامًا، ومؤيد البالغ من العمر 18 عامًا، ومحمد البالغ من العمر 20 عامًا.

وتقول رجاء البالغة من العمر 47 عامًا والتي فقدت ثلاثة من أبناء أشقائها خلال الحرب: "القلق ينهشها في انتظار الحصول على وضع لاجئة".

وتوضح: "أرى أولادًا يلقون بالنار وأخاف أن أسمع خبرًا عن فقدان أولادي".

وتشير إلى أن ابنها آصف، الذي يعاني اكتئابًا شديدًا، لن يشفى بشكل كامل من دون إخوته.

كشفت وزارة الخارجية الفرنسية أنها أجلت نحو 300 شخص من غزة منذ اندلاع الحرب، من بينهم 15 طفلًا فلسطينيًا مصابًا بالإضافة لمرافقيهم

وكشفت وزارة الخارجية الفرنسية عن أنها أجلت نحو 300 شخص من غزة منذ اندلاع الحرب، من بينهم 15 طفلًا فلسطينيًا مصابًا بالإضافة لمرافقيهم، مشيرة إلى أن عدم تمكن بعض أفراد العائلات من الذهاب إلى فرنسا غير مرتبط بطلبات اللجوء.

وأوضحت أن ذلك يعود إلى كون "السلطات الإسرائيلية لم تسمح بذلك، أو أن معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر مغلق منذ أيار/مايو".

حين اندلعت الحرب كان ماجد أبو شملة البالغ من العمر 26 عامًا خارج القطاع، وتابع تفاصيلها عن بعد، وخلال الأشهر الأولى كانت عائلته تحاول الخروج من القطاع.

تمكّن ماجد من لقاء والدته وأشقائه السبعة، وابنة أحدهم البالغة من العمر 3 أعوام في فرنسا.

إلا أن ضربة إسرائيلية على مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، في 13 كانون الأول/ديسمبر، أدت إلى استشهاد والده أحمد أبو شملة الذي كان موظفًا قنصليًا في المعهد الفرنسي بغزة.

ويُظهر مقطع فيديو شاركه ماجد مع "فرانس برس"، لكن لا يقوى هو على مشاهدته، رجالًا يخرجون جثة والده من تحت الركام، وبدت إصابات على رأسه.

وكان أحمد أبو شملة، قد حصل قبل شهر من وقوع الهجوم على إذن بمغادرة غزة مع جزء من عائلته، لكنه أراد البقاء حتى السماح لأربعة من أبنائه بالخروج أيضًا.

وتمكن الأربعة، بينهم اثنان أُصيبا في الضربة نفسها، من مغادرة القطاع في نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي.

تقيم عائلته اليوم في باريس، غير أن ماجد يؤكد أن المضي في الحياة قدمًا أمر بغاية الصعوبة.

ويقول مهندس البرمجيات لوكالة "فرانس برس": "نعيش جسديًا في فرنسا ونحاول التعايش مع ذلك، لكننا مسمّرون أمام نشرات الأخبار طوال اليوم".

ويشير إلى أن الحرب خطفت منه أيضًا زوج خالته وأبناء عمته الثلاثة، فيما توفيت جدته لوالده قبل ثلاثة أسابيع تقريبًا بسبب نقص الأدوية في القطاع غزة.

ويلفت إلى أنه فقد الاتصال بمعظم أصدقائه في المدرسة والجامعة. ويعتقد أن نحو 20 منهم قد استشهدوا.

ويضيف: "لم يعد الناس يستغربون إن كنت ميتًا أم حيًا. الوضع سيء لهذه الدرجة".