15-سبتمبر-2024
رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو

يرى نتنياهو في وقف الحرب نهاية مستقبله السياسي (رويترز)

اعتبرت مجلة "فورين بوليسي"، في قراءةٍ تحليلية، أنّ إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب في غزة والتصعيد في الجبهة الشمالية، هو تصرّفٌ يخدم استراتيجية إيران بإبقاء إسرائيل تحت تهديدٍ دائمٍ، وذلك لإرغام الإسرائيليين على الهجرة منها من دون تورطٍ إيراني مباشر.

وقد بدأ هذا الأمر يتحقق فعلًا مع تزايد أعداد الإسرائيليين الذين غادروا إسرائيل منذ بداية العدوان على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث كشفت "هآرتس"، الخميس الماضي، عن تزايدٍ ملحوظ في عدد اليهود الذين قرروا مغادرة إسرائيل بحثًا عن أماكن أكثر أمانًا"، مشبهةً ذلك: "بالعودة إلى التيه من جديد".

ووفقًا للبيانات التي اطلعت عليها الصحيفة، فقد غادر 42 ألفًا و185 إسرائيليًا بين تشرين الأول/أكتوبر وآذار/مارس 2024 ولم يعودوا بعد، وذلك بزيادة قدرها 12% في المئة مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وخلال الشهر الذي اندلعت فيه الحرب مثلت الزيادة نسبة 400%.

وعليه، ترى "فورين بوليسي" أنه إذا أرادت إسرائيل النجاة من مصيدة "التيه"، بعبارة "هآرتس"، وإرغام اليهود على الهجرة، بعبارة "فورين بوليسي"، فعليها إنهاء الحرب على غزة وتخفيف الضغط على السلطة الفلسطينية والتركيز على الجهود الدبلوماسية مع الدول العربية المطبّعة على حدّ تعبيرها.

تؤكد فورين بوليسي أنّ الطريق الوحيد أمام إسرائيل هو أن يعلن نتنياهو و"المتشددون" في حكومته أن الحرب ستنتهي بإطلاق سراح الأسرى

وعلى الرغم من صعوبة هكذا قرار على صنّاع استراتيجية الحرب في إسرائيل، فإن المحلل دينيس روس يرى أنّه بالرغم من أن قرار انسحاب إسرائيل الآن يعد خسارة ًوانهزامًا، ولكن البقاء في غزة أيضًا خسارة، إذ إنه سيتيح المجال لإيران بالاستمرار في استنزافها مع تعدد جبهات القتال مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة وحزب الله في لبنان والفصائل المسلحة في الضفة الغربية.

ولفتت المجلة، في هذا السياق، إلى تصريح المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بأنّ "الهجرة العكسية" ستكون نهاية إسرائيل، إذ يأمل: "في أنّ توظيف القوة العسكرية المستمرة سيشعر الإسرائيليين بالتهديد، ويدفعهم للهجرة وترك المنطقة من دون الزج بإيران إلى حربٍ مباشرة".

إنهاء الحرب هو الطريق الوحيد

تؤكد "فورين بوليسي" أنّ الطريق الوحيد أمام إسرائيل هو أن يعلن نتنياهو و"المتشددون" في حكومته أن الحرب ستنتهي بإطلاق سراح الأسرى، مما سيضغط على رئيس حماس الجديد يحيى السنوار، ويكسر وتيرة الهجمات الإيرانية.

ويكمن "النصر الحقيقي" في هذه الحرب، حسب المحلل روس، في سحب إسرائيل قواتها من غزة لفتح المجال لقيادة "علمانية متعايشة مع إسرائيل" تتكون من حلفائها العرب للمساعدة في إدارة القطاع. ويقول الكاتب إن على نتنياهو التركيز على تعزيز جهود إسرائيل الدبلوماسية مع الدول العربية المطبعة لضمان استقرارها المستقبلي.

ومن الجدير هنا لفت الانتباه إلى التصريح الذي طالع به وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد الرأي العام بقوله إن: "الإمارات ـ وهي حليف لإسرائيل ـ غير مستعدة لدعم اليوم التالي من الحرب في غزة دون قيام دولةٍ فلسطينية".

وتعتقد القراءة التحليلية لـ"فورين بوليسي" أنه إذا نجحت جهود وقف إطلاق النار ووافق نتنياهو وحكومته على الصفقة، فستبرد جبهات القتال، حيث إن "حزب الله" على الجبهة الشمالية سيوقف هجماته إذا توقف إطلاق النار في غزة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تهدئة الأوضاع.

أما في الضفة الغربية، فحذّرت القراءة التي أنجزتها المجلة من أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تصب في مصلحة إيران من خلال زعزعة استقرار السلطة الفلسطينية، مما سيفتح المجال للنفوذ الإيراني.

وأكدت أنه من الضروري أن تتوقف إسرائيل عن حجب ضرائب السلطة الفلسطينية، والتي تدفع حاليًا فقط 50% من رواتب موظفي السلطة بما في ذلك عناصر الأمن، والتصدي للعنف المتزايد من المستوطنين والسماح للفلسطينيين بالعمل داخل إسرائيل لتقليل البطالة و"منع تأثير إيران من الانتشار".

وتخلص "فورين بوليسي" إلى القول إنه إذا ما أرادت إسرائيل مواجهة إستراتيجية إيران التي تهدف إلى إضعاف إسرائيل من خلال العزلة الإقليمية والصراعات الحدودية، فعليها متابعة اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية.