لعبت العادات والتقاليد دورًا كبيرًا في تشظي المجتمعات، وأصبحت حجر عثرة أمام التقدم بعد أن ترسخت واشتدت لتصبح هي الحاكم والمسيطر على مقدرات المجتمع، وهي الطوق الذي يحدد مكامن الفضيلة والعار.
يعد الفيلم الإيراني "صه.. الفتيات لا يصرخن" صرخةَ كل النساء بوجه العادات والتقاليد البالية
يعد الفيلم الإيراني "صه.. الفتيات لا يصرخن" (إخراج پوران درخشنده) صرخةَ كل النساء بوجه العادات والتقاليد البالية، التي تقتلهن من الداخل لتبقيهن مثل الجثث التي تمشي على الأرض. يبدأ الفيلم بعروس تدعى شيرين وهي تحمل سداد ماء وقد تلطخ فستانها بالدماء بعد ارتكابها جريمة قتل غامضة في مناسبة عقد قرانها.
اقرأ/ي أيضًا: جعفر بناهي.. سأحلم بعالم حر
تثير حالة من الذهول تعتري جميع الحاضرين، هل شيرين مجرمة أم ضحية؟ تنتهي التبريرات بأنها مجنونة وغير صالحة للزواج، ما يؤدي إلى فسخ خطوبتها للمرة الثالثة بعد فسخه بسبب محاولة انتحار في غرفة التصوير وإنقاذها في اللحظات الأخيرة.
تودَع شيرين في السجن مما يستدعي تشكيل محامية من قبل والديها، حينما زارت المحامية شيرين لم تتكلم بأي كلام عن أسباب إقدامها على جريمة القتل، مما اضطر المحامية إلى أن تستعين بخطيبها الأخير، وهنا تعترف شيرين لقاضي التحقيق بعد أن اشترطت أن يخرج الجميع من الغرفة، بما فيهم خطيبها، لتخبره بأنها تعرضت إلى حالة اغتصاب متكررة من شخص يدعى مراد حينما كانت طفلة، وأنه قام بتصويرها عدة مرات، وكان مراد المكلف من قبل أبويها بتوصيلها وتوفير كل مستلزمات الدراسة، وذلك بسب أعمالهما المتواصلة التي تأخذ أغلب أوقاتهم، وقد حاولت شيرين أن تخبر والدتها لكنها لم تتمكن، فتكلمت دموعها بدلًا من ذلك.
بعدها أخبر قاضي التحقيق خطيبها الأخير، لترتفع كل علامات التعجب المرسومة في ذهنه وهنا يتعاطف معها ويتابع قضيتها. في المحاكمة لم تدافع شيرين عن نفسها وقد وافقت على كل ما قالته المحكمة، ما استدعى المحامية أن تحرضها على الكلام لكن دون جدوى. بعد ذلك تكلمت شيرين بكلمات أبكت جميع الحاضرين بعد ان اعترفت "أنا ميتة منذ أن كنت في الثامنة من عمري"، مشيرة إلى حادثة الاغتصاب التي تعرضت لها، وفي نفس الوقت عمى القوانين عما يصيب روح الإنسان من أذى.
اصرخن لتنتصر النساء لكرامتهن، ولا يصبحن ورقة بيضاء يرسم عليها المجتمع كل خطاياه وشذوذه
بعد ذلك يتوصل رجال الأمن إلى مراد ويودعونه السجن، وقد اعترف بفعلته وأنه قد قام باغتصاب أكثر من 20 طفلة، مما يثير استغراب ضابط التحقيق بعدم وجود شكاوى في هذا الجانب. بسبب العادات والتقاليد ومقايس الشرف التي تهيمن على فكر العلائلات، خاصة في المجتمعات الشرقيّة.
بعد ذلك تعترف شيرين بدوافع القتل التي أقدمت عليها، فعند محاولتها إصلاح فستانها داخل البناية سمعت صرخات طفلة صغيرة، وسمعت في المقابل الكلمة التي حفرت في ذاكرتها "صه.. الفتيات لا يصرخن"، والتي أعادت إليها مشهد اغتصابها، بحثت عن أداة جارحة ولكنها لم تجد غير سداد الماء لترتكب بواسطتها عملية قتل المغتصب (حارس المبنى) وتنقذ الطفلة الصغيرة.
اقرأ/ي أيضًا: "تاكسي طهران" والبحث عن الخلطة السحرية لنجاح السينما الإيرانية
ينتهي الفيلم نهاية مأساوية حيث يصدر حكم الإعدام بحق شيرين، وأثناء مسيرها إلى حبل المشنقة تطلق صرخة مدوية تقابلها هلاهل وأهازيج الجماهير، التي مثلت -حالة الصراع بين حرية وكرامة الانسان وبين العادات والتقاليد التي تحاول أن تطمرها- وكأن شيرين ترسل نداء استغاثة لمشاركتها صرختها "اصرخن لتنتصر النساء لكرامتهن، ولا يصبحن ورقة بيضاء يرسم عليها المجتمع كل خطاياه وشذوذه، اصرخن كي لا تمتن صامتات".
اقرأ/ي أيضًا: