طيلة ساعتين، هي مدة عرض فيلم شركة "مارفل" الجديد Spider-Man: Homecoming، لن تستطع أن تُغلِق عينيك أو تسهو عن الشاشة أو تنفصل عما يحدث.
هذا هو لُب ما يصبو إليه صناع أفلام القصص المصورة للأبطال الخارقين بشركة "مارفل"، المتعة والتسلية وجذب المشاهد هو الأهم. شهد العديد من أفلامهم تغييرًا جذريًا من ناحية الإخراج والتصوير وحتى القصص، إلا أن الهَمّ الأكبر هو المتعة أولًا وأخيرًا.
طيلة ساعتين، هي مدة عرض فيلم شركة "مارفل" الجديد Spider-Man: Homecoming، لن تستطع أن تُغلِق عينيك أو تسهو عن الشاشة
يتفق أغلب صانعي السينما حول ضرورة تواجد عنصر "الجذب" في الفيلم السينمائي، فالأفلام تُصنَع للجمهور، وإن كان الفيلم مملًا فلن يشاهده أحد، حتى في الأفلام التي تناقش قضايا "عميقة"، يحتاج المشاهد فيها إلى الحصول على عنصر الجذب، فلن يُكمِل أي مشاهد فيلمًا يتناول فكرة مختلفة وجديدة دون أن تُطرَح بشكل يجعله يلهث وراءها.
وبينما يبحث كثيرون عن فكرة جديدة أو تناول جديد مثير، يصب البعض تركيزهم على تنفيذ فكرة عادية، بقدر كبير من الإثارة وتعظيم جميع العوامل التي تساعد على الحصول على هذا القدر من الإثارة والتشويق.
اقرأ/ي أيضًا: ديزني تختار المصري "مينا مسعود" لبطولة فيلم علاء الدين
الظهور الجديد للرجل العنكبوت كان مثيرًا بحق، Tom Holland ذلك المراهق الصغير الذي يمتلك حُلَّة الرجل العنكبوت أتت له الفرصة أن يكون هو البطل للفيلم الجديد لمارفل بعد ظهورٍ خطف الأنظار في آخر أفلام الشركة Captain America: Civil War.
الجديد هذه المرّة أننا لا نرى قصة البداية التقليدية وتحول البطل من مراهق عادي إلى بطل ذي قوى خارقة، ولا نستغرق وقتًا في التعرف على قصة عمه "بين" التي حفظناها عن ظهر قلب، وذلك وفر علينا كمشاهدين وقتًا كبيرًا تحول لمشاهدة سبايدر مان لمدة أطول ودون ملل.
كذلك يحاول الفيلم أن يبدو واقعيًا بقدر الإمكان، إذ وضع سيناريوهات واقعية لتعامل الرجل العنكبوت في المواقف الكوميدية التي نسأل عنها كثيرًا خلال مشاهدتنا للسلاسل السابقة، مثلًا: "كيف يتحرك سبايدر مان في المدينة إذ كانت الأماكن مفتوحة وليس بها مبانٍ عالية".
يُمهِّد الفيلم بشكل واضح لشخصية سبايدر مان الجديدة، البعيدة عن السلسلتين اللتين تناولتا الشخصية خارج إطار عالم مارفل وشخصيات Avengers، والتي أحب المشاهدون في أولهما الممثل Tobey Maguire، بل ورفض الكثيرون الاعتراف بشخص جديد يلعب الشخصية لشدة حبهم لماغواير، لكن الفيلم الجديد يبدأ بالتدريج في بناء شخصية سبايدر مان بصفات وأحداث، بل وإمكانيات جديدة.
بيتر باركر، المراهق الصغير الذي يجد نفسه فجأة تحت رعاية Iron Man، والذي قام بتأديته النجم روبرت داوني جونيور، بأداء خاطف كعادته، ويبدأ بيتر في استغلال حُلَّته ليقوم بما يفعله الأبطال الخارقون، وكأنه أحد المشاهدين الذين عثروا على ملابس سبايدر مان، نرى تعامله الطفولي مع قدراته الخارقة والمسحة الكوميدية التي طغت على تعامله مع إمكانيات بدلة البطل الخارق، ولا نضع أنفسنا مكانه لأنه هو من وضع نفسه مكاننا!
يحاول فيلم Spider-Man الجديد أن يبدو واقعيًا، فيضع سيناريوهات لتعامل الرجل العنكبوت في المواقف الكوميدية التي نسأل عنها كثيرًا
وطيلة أحداث الفيلم لم نر تَمَكُّن البطل من قدراته، فبات لدينا شغف بتطوير هذه القدرات التي تبتعد عنه كلما احتاج لها في مواجهة الشرير في الفيلم.
هذه النقطة كانت هامة للفيلم، فالفيلم لم يرتفع بتوقعاتنا كي نرى البطل الخارق مكتمل القدرات، وبناء على ذلك قدم لنا شريرًا أقل قدرة من أشرار عالم مارفل السابقون، على الرغم من قوة الشخصية في حد ذاتها وقدرتها على التواجد في أجزاء قادمة.
فالفيلم في النهاية هو جزء من قصة سبايدر مان الجديدة مع مارفل وتمهيد لأجزاء أخرى يكون فيها البطل الأوحد هو سبايدر مان أو يشترك في أفلام أخرى لنفس عالم مارفل.
أما فريق عمل الفيلم من الممثلين فأدوا أدوارهم كما هو مطلوب منهم، مسحة كوميدية أضافت سياقًا مستهدفًا للفيلم بعيدًا عن الجدية، إلى جانب قدر من الجدية لم يكن مبالغًا فيها.
شخصية توني ستارك، التي يؤديها روبرت داوني، لا تظهر كثيرًا، ولا تسيطر على الفيلم كما شعرنا من خلال الإعلان الدعائي له، وجاءت أوقات ظهوره مناسبة ومفيدة في تطور الأحداث وتطور شخصية البطل.
اقرأ/ي أيضًا: إعادة نظر: فيلم"تحقيق عن الجنة".. السؤال النسوي حينما يكون لصالح المجتمع
كذلك شخصية "نيد" صديق البطل كانت جيدة وكان لها جانب كبير من الكوميديا في الفيلم، رغم أنها جديدة ولا توجد في الأحداث السابقة في القصص المصورة، بالإضافة إلى الجميلة ماريسا تومي التي تقدم شخصية "العمة ماي" بشكل مختلف عن السلاسل القديمة.
جينيفر كونلي قامت بالأداء الصوتي لشخصية "كارين" وهي نظام الذكاء الاصطناعي في بدلة سبايدر مان، وهي تشبه شخصية "جارفيز"، وهو الذكاء الاصطناعي في بدلة "الرجل الحديدي"، المفارقة هنا أن جينفير هي زوجة بول بيتاني، الذي يقوم بأداء صوت "جارفيز"، ويقدم شخصية "فيجين" ضمن أفلام مارفل.
أما الرائع مايكل كيتون يجسد شرير الفيلم "فلتشر" بشكل رائع جدًا، وعلى الرغم من عدم التمهيد لتحول شخصيته إلى الشر والقفز زمنيًا بين الحدث الرئيسي الذي دفعه للشر وبين تحوله الكامل، إلا أنه أدى الدور بدون مبالغة تجعله أحد الدعائم الهامة التي قد تلجأ إليها مارفل في الأفلام القادمة.
فيلم Spider-Man: Home Coming بأنه فيلم صُنِعَ للمُشاهِد في المقام الأول، للاستمتاع به في قاعات السينما
بينما جاءت شخصية "ميتشيل" التي تقدمها زندايا، غير واضحة المعالم على الرغم من ظهورها في أكثر من مناسبة وبشكل مميز، وقد يكون هذا مقدمة لظهورها بشكل أقوى في المرات القادمة.
فيما جاء الأداء الإخراجي والتصوير بمستوى فوق المتوسط، يناسب نمط الفيلم الكوميدي ويضع توقعات المشاهد في وضعها الطبيعي دون أن يقلل أو يزيد منها، وربما كان مشهد انقسام العبَّارة هو أفضل مشهد من الناحية الإخراجية ومن ناحية المؤثرات البصرية على الرغم من حرق الإعلان الدعائي له، وقد يعيب الفيلم عدم قوة مشهد القتال النهائي، والذي جاءت بعض المشاهد بمنتصف الفيلم أفضل منه.
ويمكن إجمال تجربة فيلم Spider-Man: Home Coming بأنه فيلم صُنِعَ للمُشاهِد في المقام الأول، للاستمتاع به في قاعات السينما، ولمن يتابعون القصص المصورة لمارفل، ولمن يحب الأفلام الأكشن الكوميدي، أما من يبحثون عن فيلم درامي ثقيل هادئ فلا مكان لهم ضمن مقاعد الحضور.
تقييم سينماتجي (3.5\5) لفيلم Spider-Man: Home Coming.
اقرأ/ي أيضًا:
تعرف على أفضل 5 أفلام لمبتكر أفلام الزومبي "جورج روميرو"
فيلم Pirates of the Caribbean في جزئه الرابع..هل يستحق المشاهدة؟