يستوحي فيلم "The Escape From Alcatraz"، إنتاج 1979، أحداثه من عملية الهروب الشهيرة من سجن ألكاتراز البحري في كاليفورنيا في 1962. السجن الذي بني في 1939 وسط البحر، لكي يكون أكثر سجون الولايات المتحدة الأمريكية تحصينًا، وُصفت عملية الهروب منه بالمستحيلة. حتى 1962، شهد السجن 13 حالة محاولة هروب ضمت 31 سجينًا، باءت جميعًا بالفشل. وقد ألقي القبض 23 منهم فيما لقي الباقون حتفهم. في حزيران/يونيو 1962، نجح فرانك موريس والأخوين جون في تخطّي إجراءات الحراسة المشددة وفرّوا فعلًا من مبنى السجن، فيما بقي مصيرهم مجهولًا حتى اليوم، حيث لم يتم العثور على أي أثر لهم.
في 1963، أغلقت السلطات الأمريكية سجن ألكاتريز نهائيًا بسبب ارتفاع تكلفته (يكلّف السجين 10 دولارات يوميًا فيه بينما المعدل هو 3 دولارات في باقي السجون)، لكن حكايا محاولات الهروب منه والأساطير التي حيكت عنه بقيت في الأذهان لفترة طويلة.
في فيلم "The Escape From Alcatraz"، لا يتوانى آمر السجن عن إذلال السجناء من خلال منع الصحف ومستوى الطعام السيئ
نجح المخرج دون سيغيل في تقديم واحد من أفضل أفلام الفرار من السجون على الإطلاق، وقد ألهم "The Escape From Alcatraz" الكثير من الأعمال الفنية المرتبطة بالسجون التي أُنتجت لاحقًا. فعلى سبيل المثال، يمكن ملاحظة الكثير من نقاط من نقاط التشابه بين الفيلم، وبين السلسلة الشهيرة Prison Break لناحية تصميم السجن، حفر الكوّة داخل الزنزانة، استخدام ممرات البنى التحتية ونظام التهوئة للعبور، استخدام المرآة لمراقبة الممر.
اقرأ/ي أيضًا: فيلم "The Boy Who Harnessed The Wind".. صبي أنقذ مدينته من المجاعة
يؤدي النجم كلينت إيستوود ببراعة وإتقان دور فرانك موريس، العقل المدبر لعملية الهروب، والذي كان قد نُقل إلى ألكاراتاز بسبب فراره من أحد السجون بسبب قضية سرقة أموال. في بداية الفيلم يقف موريس أمام آمر السجن (باتريك ماكجويان)، الشخصية السادية والنرجسية. يتبّجح الآمر بأهمية سجنه وشهرته فيقول: "عندما يخلّ أي مواطن بالأمن فإنه يذهب إلى السجن، وعندما يخل سجين بالأمن داخل أي سجن، فإنه يُرسل إلينا"، ويضيف: "نحن هنا لا نعدّ مواطنين صالحين (كما باقي السجون)، بل سجناء صالحين".
تلمع خاطرة الهروب في رأس فرانك منذ اللحظة الأولى، تجذبه فكرة تحدي الآمر، وتحطيم أسطورة "Alcatraz" اكثر من فكرة الحرية نفسها، يطرح الأسئلة على السجناء القدماء ليفهم ماهية السجن، يستفسر عن حالات الهروب السابقة التي فشلت، لكي يتجنب ارتكاب الأخطاء نفسها خلال تطبيق خطته الخاصة.
ينقلنا دون سيغيل إلى يوميات سجن "Alcatraz"، والقوانين الصارمة المطبّقة داخله. لا يتوانى آمر السجن عن إذلال السجناء، فيمنع عنهم قراءة الصحف، ولا تصل نوعية الطعام ومعايير النظافة إلى المستوى المطلوب، فيما يظهر الجانب البطولي في شخصية فرانك. يكتشف فرانك ثغرة في كوة التهوئة في حجرته، فيقرّر بدء الحفر منها مستخدمًا مقص أظافر. يستخدم فرانك خدعًا بصرية لإخفاء عملية الحفر، ما يعكس ذكاءه الحاد. يقول إيستوود في إحدى مقابلاته عن فرانك: "صحيح أنه لم يتلق التعليم المناسب، لكنه كان يملك معدل ذكاء يساوي 133".
يتعاون فرانك مع ثلاثة سجناء للخروج سويًا، من خلال حفر كوى في زنزانتهم على أن يلتقوا في الممرات السفلية، ويصعدون من المدخنة عند برج المراقبة. يتسلل فرانك عدة مرات ليلًا إلى الممرات للاستطلاع ورسم طريق الخروج. يتدبرون طريقة لغنم سترات نجاة وقارب مطاطي ليتسخدموها في الهروب عبر مياه المحيط الباردة.
يستوحي فيلم "The Escape From Alcatraz" أحداثه من عملية الهروب الشهيرة من سجن ألكاتراز
في الموعد المحدد، يتخلّف أحد الشركاء الثلاثة عن الخروج من كوة زنزانته بداعي الخوف، فيما يشق فرانك ومن معه طريقهم إلى المنور ومنه إلى المحيط.
اقرأ/ي أيضًا: فيلم 1917.. لقطة متصلة لجحيم الحرب
بعد انتشار نبأ الفرار، تنتشر القوات الأمنية في محيط السجن بحثًا عن الفارين، لكن محاولاتهم تذهب هباء. يختفي أثر السجناء الثلاثة نهائيًا، ويبقى مصيرهم لغزًا حتي اليوم، لكن التاريخ يخلّد أسماءهم، كأول من حطم أسطورة "Alcatraz" وإجراءاته الأمنية. ينجح في فرانك في تسديد لكمة قاضية لآمر السجن، لكمة تسرّع في اتخاذ قرار إغلاق السجن نهائًيًا.
اقرأ/ي أيضًا: