إذا كنت ممن يلتزمون الحجر الصحي في الفترة الحالية بسبب انتشار فيروس كورونا، فإنك لن تجد أفضل من فيلمThe Platform لتمضية حوالي ساعة ونصف. فالفيلم المتوفر على نيتفليكس اليوم مليء بالإستعارات والرموز، وتدور أحداثه داخل سجن فريد من نوعه، يحاكي المجتمع الحقيقي، ويتمحور بشكل أساسي حول الجشع البشري وإساءة استخدام الموارد الذي يؤدّي إلى خلل في توزيع الثروات، وهو الأمر الذي يشهده العالم اليوم في محاربة وباء الكورونا.
يمتدّ السجن في فيلم "The Platform" بشكل عامودي على شكل برج عملاق، ويتألف من 333 طبقة أو حجرة، حيث يوضع سجينان في كل منها. يشكّل تصميم السجن ركيزة أساسية من ركائز الفيلم، ويطلق عليه تسمية "الحفرة"، نسبة للحفرة المستطيلة التي تتوسّط كل حجرة من الحجرات الـ333. يحصل السجناء على الطعام مرّة واحدة فقط في النهار، من خلال منصة (Platform) متحركة على شكل منضدة. يتم تحضير الطعام في حجرة فوق السجن تحمل الرقم صفر ويوضع على المنصة، ويتم تمرير المنضدة باتجاه كل الحجرات من أعلى إلى أسفل. تستقر المنضدة لدقيقتين أمام كل حفرة، وهي المدة المتاحة أمام السجناء لتناول غذائهم اليومي الوحيد، قبل أن تتابع رحلتها نحو الأسفل.
يمتدّ السجن في فيلم "The platform" بشكل عامودي على شكل برج عملاق، ويتألف من 333 طبقة أو حجرة
يستيقظ بطل الفيلم غورينغ (إيفان ماساغويه) ليجد نفسه في الحجرة رقم 48. غورزينغ دخل طواعية إلى سجن "الحفرة" بهدف التخلص من عادة التدخين والحصول على ديبلوم .لا يعطي الفيلم أهمية كبيرة للحياة خارج السجن، بل إن مخرج الفيلم الأسباني غالدير أوروتيا، حاول تجسيد الحياة العصرية اليوم في السجن الذي صمّمه. تتم إعادة توزيع السجناء على الحجرات الـ333 عند نهاية كل شهر.
اقرأ/ي أيضًا: فيلم "Tall Girl".. حين يحدّد الجسد هويتنا
زميل غورزينغ في الحجرة تريماغاسي، والذي قام بتعريفه بقوانين السجن، محكوم لمدة سنة بسبب قتله أحد المهاجرين عن طريق الخطأ، بعد رميه جهاز التلفاز من النافذة على رأسه، لأنه غضب من أحد الإعلانات. تريماغاسي سقط فريسة للإعلانات المضلّلة المنشرة بكثرة اليوم. يتفاجأ غورزنغ لدى وصول منصة الطعام، أنها مقززة وتتضمن بقايا أطعمة. عليه أن يأكل فضلات الحجرات الـ47 في الأعلى. يقول له تريغاماسي إنه محظوظ لأن 48 يعد رقمًا ممتازًا، مقارنة مع الحجرة 122 التي كان فيها في الشهر الماضي.
تمثّل الحجرات إذًا طبقات المجتمع. من هم في الأعلى يحصلون على مستوى حياة أفضل (الطعام ترميز هنا). يمكنك أن تبصق في الطعام لتذل من هم في الطبقات الأدنى، لكنك أيضًا تأكل طعامًا مجبولًا ببصاق من هم فوقك. يمكنك أن تتبول على من هم تحت، ويمكن لمن هم فوق أن يتبولوا عليك. يأخذنا المخرج نحو الطبقات الدنيا، حيث يتضور المسجونون جوعًا، وحيث عليك أن تقتل زميلك وتأكله لكي تبقى. غريزة البقاء هي من تحكم الحياة في "الحفرة". مشاهد الدماء وأكل اللحم البشري، وإن أدت إلى نفور بعض المشاهدين من الفيلم، فهي تُستخدم بكثرة في للتعبير عن قساوة الحياة في المجتمعات المعاصرة.
في فيلم "The platform"، تمثّل الحجرات طبقات المجتمع. من هم في الأعلى يحصلون على مستوى حياة أفضل
كمثقف ومصلح اجتماعي، يرفض غورنيغ الطريق التي يتصرف بها المساجين. الطعام المعد سيكفي الجميع لو أن كل سجين اكتفى بحاجته، لكن الجشع في الطبقات العليا يؤدي لتجويع الطبقات الدنيا. ومع تبدل الحجرات، يتحول الجاني إلى ضحية وبالعكس. ما يحصل اليوم مثلًا فيما يخص نفاذ كميات مناديل الحمامات في أمريكا بسبب جشع المستهلكين بسبب تخزينهم كميات هائلة في منازلهم بسبب الكورونا، يشبه ما يحصل في الطبقات العليا. يحاول غورنيغ ترتيب الأوضاع، عندما يحصل على الحجرة رقم 6 التي تعد مرفهة إلى حد كبير، يطلب مع زميلته أن يقتصدوا في الطعام لكي يكفي الجميع. طبعًا نزلاء الحجرة 7 سيرفضون لأنهم نجوا في أعجوبة عندما كان في الطبقات الدنيا وهذه فرصتهم للانتقام. يحاول غورنيغ لاحقًا مع زميله بهارات فرض النظام بالقوة، لكن الأمور تنتهي بطريقة مأساوية.
اقرأ/ي أيضًا: في زمن كورونا.. أفضل 6 أفلام عن الأوبئة
يحقّ لكل سجين أن يختار شيئًا واحدًا ليأخذه معه إلى داخل السجن. يختار غورنغ كتاب "دون كيخوته"، ما يرمز إلى محاولة إصلاح المجتمع ولو بالقوة، لكن السيف الخشبي سيتحطم في النهاية، وسيبقى المجتمع على ما هو عليه. الفتاة "الرسالة" التي وُجدت في الحجرة 333 سترتفع إلى السماء، بينما يستمر غورنينغ في الانحدار نحو الهاوية.
اقرأ/ي أيضًا:
فيلم "The Escape From Alcatraz".. كيف تحطمت أسطورة أشهر سجون أمريكا؟