في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للمرأة، تواجه نساء قطاع غزة ظروفًا صعبة وواقعًا قاسيًا حُرمن فيه من أدنى حقوقهن، ويتعرضن بفعله لمخاطر صحية مختلفة بفعل المجاعة المتفشية في القطاع وغياب الرعاية الصحية، سيما الحوامل والمرضعات، مما يعرض حياتهن للخطر.
وفي ظل اشتداد المجاعة وشح المواد الغذائية التي تمنع "إسرائيل" دخولها إلى قطاع غزة، تواجه المرضعات تحديات كبيرة تتعلق بإرضاع أطفالهن، إذ تعاني معظمهن من عدم القدرة على إرضاعهم بشكل طبيعي بسبب سوء التغذية، كما أنهن لا يجدن ما يكفي من الحليب الصناعي لتعويض ذلك، ما يعرض حياة الأطفال الرضع للخطر.
وإلى جانب عدم وجود الطعام والشراب، تعاني النساء أيضًا من عدم القدرة على الحصول على ملابس للطفل ومعظم ما يحتاج إليه بعد الولادة. تقول إحدى العاملات في مستشفى الحلو الدولي شمال غزة لوكالة "الأناضول": "تأتي الأم الحامل وهي تعاني من سوء التغذية ودون أي تحضيرات للولادة ودون احتياجات الرضيع ولا يوجد معها أي وجبة غذائية لما بعد الولادة".
تعاني معظم الأمهات في قطاع غزة من مستويات حادة من فقر الدم الذي يوثر على صحتها وصحة طفلها
وأضافت أن الحوامل يفتقدن إلى: "المواد الغذائية التي تلزمها إضافة للماء ونحن بدورنا نحاول قدر الإمكان توفيرها وحماية السيدة الحامل من أي خطر يهدد حياتها وحياة جنينها"، مؤكدةً أن نقص المواد الغذائية يؤثر سلبًا على صحة الأم المرضعة التي تحتاج إلى تغذية سليمة ومناسبة لمساعدتها في عملية الرضاعة الطبيعية للطفل.
ولا تقتصر مأساة النساء في غزة على ما سبق، ذلك أنهن لا يتوفر لهن أيضًا ما يكفي من الرعاية الطبية والصحية بسبب انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة، سيما في الشمال حيث خرجت معظم المشافي عن الخدمة، فيما تواصل المتبقية منها عملها في ظروف صعبة ومعقدة وسط نقص الإمكانيات والكوادر والإمدادات الطبية.
كما أوضح رئيس مجلس إدارة مستشفى الحلو الدولي، الطبيب ثروت الحلو، لـ"الأناضول"، أن المستشفى يجري تحاليل وفحوصات طبية لنحو 70 حالة يوميًا، تُظهر نتائجها أن جميع الأمهات تعاني من أنيميا (فقر الدم) حادة والتهابات شديدة غير مسبوقة.
وأشار كذلك إلى أن النساء في شمال قطاع غزة، حيث يعيش الأهالي مجاعة حقيقية، غير قادرات على إرضاع أطفالهن بسبب سوء التغذية وعدم وجود ما يكفي من حليب الأطفال.
وفي سياق متصل، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، اليوم الجمعة، إن الاحتلال قتل خلال حرب الإبادة الجماعية، المتواصلة منذ 5 أشهر، 8.900 امرأة فلسطينية وأصاب أكثر من 23 ألف أخريات، فيما بلغ عدد المفقودات 2.100، مقابل أكثر من نصف مليون نازحة.
وأضاف المكتب، في بيان عبر "تلغرام"، أن الحرب جعلت 60 ألف امرأة حامل تعيش: "حياة قاسية وبالغة الصعوبة، تفتقد خلالها لأبسط متطلبات الرعاية الصحية والطبية، ومنهن المئات اللواتي فقدن أبنائهن أو مواليدهن أو أجنتهن في أحشائهن نتيجة القصف والخوف".
وأشار إلى أن اليوم العالمي للمرأة يأتي في ظل وجود: "أكثر من نصف مليون امرأة فلسطينية نازحة في قطاع غزة تعيش حياة بالغة الصعوبة، لا تتمكن خلالها من الحصول على أدنى حقوقها".
كما أنها: "لا تستطيع الحصول على الغذاء فتعيش المجاعة في جميع محافظات قطاع غزة، وفي محافظتي الشمال وغزة تحديدًا، كما أنها تبحث عن الغذاء والدواء والإيواء فلا تستطيع توفير كل ذلك في ظل هذه الحرب الوحشية".
ونبّه إلى وجود عشرات النساء الفلسطينيات اللواتي يتعرضن للتعذيب الجسدي والنفسي وسوء المعاملة والإهانة في السجون الإسرائيلية، وسط: "صمت دولي فظيع".
من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أشرف القدرة، أن المجتمع الدولي تنكّر لحقوق المرأة الفلسطينية، وصمت عن الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحقها.
وأضاف القدرة، في بيان عبر "تلغرام"، أن صمت المجتمع الدولي ساهم في الإبادة الجماعية التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات وأطفالهن وعائلاتهن يوميًا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي المدعومة أمريكيًا وأوروبيًا.
ولفت إلى أن النساء يشكلن 49 بالمئة من سكان قطاع غزة، معظمهن في سن الإنجاب، مما يفاقم أوضاعهن الصحية والنفسية نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل.
وأكد أن المرأة الفلسطينية، لا سيما في قطاع غزة، تتعرض لأسوأ كارثة إنسانية وتواجه القتل والتشريد والاعتقال والإجهاض والأوبئة والموت جوعًا، لافتًا إلى أن الاحتلال قتل نحو 9 آلاف سيدة فلسطينية بينهن آلاف الأمهات والسيدات الحوامل والكوادر الصحية.