ضمن سلسلة "عالم المعرفة"، أصدر "المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب" في الكويت، حديثًا، كتاب "انعدام الجنسية: تاريخ حديث"، لمؤلفته ميرا إل سيغلبيرغ، ترجمة ابتهال الخطيب.
تسببت التصدعات الكبيرة التي أوجدتها الحرب العالمية الأولى والثانية في المجتمع الإنساني بضياع هويات وحقوق وانتماءات مجموعات بشرية عديدة
يضم الكتاب الذي صدر باللغة الإنجليزية عام 2020 عن "منشورات جامعة هارفارد"، ويقع في 397 صفحة، 6 فصول مع مقدمة وخاتمة، تسلط فيها سيغلبيرغ الضوء على تاريخ انعدام الجنسية بوصفه ظاهرة سياسية أممية ذات تبعات اقتصادية واجتماعية هائلة تجلت، بوضوح، مع نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين نتيجة أسباب مختلفة، لعل أهمها انتهاء النظم الإمبراطورية وظهور الدول القومية الحديثة.
وتسعى المؤلفة، كما أوضحت في تقديمها للكتاب، إلى: "إعادة تركيب وتوضيح الطروحات التي ارتكز عليها الاستقرار اللاحق بشأن المفاهيم المشتركة للمواطنة وانعدام المواطنة في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية".
وتبحث: "في الكيفية التي من خلالها أَثْرت مشكلة انعدام الجنسية نظريات الحقوق، والسيادة، والنظام القانوني العالمي، والعدالة العالمية، وهي نظريات تطورت في الوقت الذي كانت تُصنع فيه الملامح السياسية والمفاهيمية للنظام الحديث بين الدول، وذلك على خلفية بعض أكثر الأحداث كارثية وعنفًا في التاريخ الحديث".
ومن بين أحداث كارثية عديدة شهدها العالم منذ أواخر القرن التاسع عشر، تركّز الكاتبة على الحربين العالميتين الأولى والثانية بصفتهما الحدث الذي أوجد في المجتمع الإنساني تصدعات كبرى تسببت بضياع هويات وحقوق وانتماءات مجموعات بشرية عديدة يسرد الكتاب قصص بعض أفرادها، إلى جانب العديد من الحالات الفردية التي شكلت، معًا، جماعات من عديمي الجنسية الذين فشلت الأنظمة والجمعيات والمنظمات السياسية والحقوقية، المحلية والدولية، في تجنيسهم.
يسلط الكتاب الضوء على تاريخ انعدام الجنسية بوصفه ظاهرة سياسية أممية ذات تبعات اقتصادية واجتماعية هائلة
وترى الباحثة المتخصصة في التاريخ الفكري والقانوني للنظام الدولي، أن العالم الجديد الذي تشكل بعد الحربين العالميتين، وتحت تأثيرهما أيضًا، خلق أقليات مجردة من معظم حقوقها الإنسانية نتيجة عمليات تشكيل الحدود السياسية، وتكوين الدول السيادية.
وتسلط الضوء كذلك على الأحوال النفسية والاجتماعية الصعبة لأفراد هذه الجماعة/ الجماعات. وتوضح، في الفصول الأخيرة من الكتاب، كيف أن: "الاعتداء الناجح على المنهج القانوني للنظام القانوني العالمي والسياسي قد شكل المنهجيات المقاربة لانعدام الجنسية وللفئات القانونية العالمية لانعدام المواطنة".