في العام الماضي، نمت قاعدة مستخدمي تطبيق تيك توك الصيني، المملوك لشركة "بايت دانس"، حتى تجاوزت مليار مستخدم نشط شهريًا. إلا أن الشركة الصينية تمتلك عددًا كبيرًا من التطبيقات الأخرى الناجحة، وهو ما جعلها خلال فترة قصيرة تتربّع على عرش الشركات الناشئة الأسرع نموًا والأعلى قيمة على الإطلاق.
أرقام قياسيّة خلال 10 سنوات
حققت شركة "بايت دانس" التي تصنّف ضمن الشركات الصينية الناشئة، ذات السمعة العالميّة، أرقامًا قياسية متميّزة خلال عقد زمنيّ واحد تقريبًا. ففي العام الماضي، بلغ عدد مستخدمي تطبيقات الشركة زهاء ملياري مستخدم نشط شهريًا في 150 دولة، وأرباحًا قياسيّة اقتربت من 58 مليار دولار أمريكي.
الإنجاز الأكبر للشركة هو تطبيق "تيك توك"، الذي بلغ عدد مرات تنزيله على متاجر أبل وجوجل أكثر من 3 مليارات مرة، وهو رقم لم تنجح في تطبيقه سوى شركة كبرى واحدة، وهو "ميتا"، فيسبوك سابقًا، وذلك باحتساب مجموع مرات التنزيل لتطبيقاتها المختلفة، أي فيسبوك وإنستغرام.
مقالات مختارة على التراصوت عن تطبيق تيك توك:
- الولايات المتحدة تتحرّك أخيرًا.. ضدّ "تيك توك"
- كيف تسببَ "تيك توك" بارتفاع حالات التشنّج اللاإرادي لدى الفتيات؟
- "تيك توك" يسهّل وصول الأطفال إلى عالم الجنس والمخدّرات؟
تعرف شركة بايت دانس أيضًا، بالإضافة إلى أنها المطوّرة لتطبيق "تيك توك"، ونسخته الصينية الخاصّة، بعدة تطبيقات أخرى، من بينها تطبيق الأخبار "توتياو"، والذي يتجاوز عدد مستخدميه النشطين 300 مليون مستخدم شهريًا. أما النسخة المحلية من تيك توك في الصين، فتعرف باسم "دوويِن" (Douyin)، وتمثّل 60 بالمئة على الأقل من إجمالي إيرادات الإعلانات في الشركة. أما تطبيق الأخبار "توتياو" فيمثل 20% من إيرادات إعلانات شركة بايت دانس العملاقة.
لكن كيف حققت "بايت دانس" هذا النجاح المذهل خلال فترة قصيرة؟
1) تطوير فرص متخصّصة
تعتمد شركة بايت دانس على نظام عمل فريد وبيئة عمل ديناميكية، إلا أنّ جوهرها التخصّص والمتابعة الدقيقة التفصيليّة للمهام مع كل موظف مسؤول عنها، والذي عادة ما يكون شخصًا عاليّ التخصّص في المجال الدقيق الذي يتابع نشاطه، والمزوّد بالأدوات اللازمة التي تتيح له القيام بمهامّه على أتمّ نحو. كلّ واحد من فريق العمل يكون على اطّلاع مسبق قبل بدء مهامّه باحتياجات العملاء، ليكون ذلك معيارًا ثابتًا يرجع إليه عند التفكير بالمهامّ والتعامل معها.
2) السبر المستمرّ لفرص النموّ واحتياجات السوق
تجري شركة بايت دانس باستمرار أبحاثًا واسعة النطاق لاستكشاف فرص تطوير المنتجات الجديدة، ومتابعة أداء الشركات المنافسة في نفس القطاع. وليس لدى شركة بايت دانس تخوّف من طرح التطبيقات الجديدة بغرض تجربتها واختبارها، في الأسواق المحلية أو الأجنبية. ففي العام 2015، طرحت بايت دانس 20 تطبيقًا دفعة واحدة من أجل اختبارها وتجربة إمكاناتها. كما كانت قبل طرح تيك توك تعمل على تطبيقات أخرى مماثلة، إضافة إلى عشرات التطبيقات الأخرى في مختلف المجالات. ترى بايت دانس في كل مجال فرصة جديدة للنموّ والتوسّع واستقطاب المزيد من المستخدمين، في مختلف أنحاء العالم.
3) الاستثمار الضخم في النجاح
على الرغم من تجربة عشرات بل مئات التطبيقات خلال السنوات الماضية، إلا أن بايت دانس وبمجرّد أن تكتشف فرصة النجاح في منتج من المنتجات، فإنها تركّز فيه بشكل يبدو للمراقب معه أنّ الشركة لا تمتلك تطبيقًا آخر سواه. وهنا يأتي دور فرق العمل المتخصّصة في كل جانب من جوانب التطبيقات التي لدى الشركة، ضمن أولويّات على مستوى تخصيص الموارد يتناسب مع حجم كل تطبيق وسرعة نموّه.
4) نظام الأهداف وقياسها بالنتائج المتحققة
تعتمد شركة بايت دانس على نظام لمتابعة الأهداف والنتائج الرئيسي، والذي يقدّم تقارير نصف شهرية بالنتائج لمتابعة الأداء والإجراءات، عبر منصّة متاح الاطلاع عليها لجميع المسؤولين في الإدارة العليا والتنفيذية. ويستعرض التقرير إنجازات فرق العمل المختلفة وأوجه التقصير في عملها، وجوانب التحسين الممكنة.
5) تسلسل هرمي فريد
تتميز شركة بايت دانس الصينية بنظام تقييم تشاركي ومفتوح، في ثقافة مؤسسة تلغي التراتبية الرسمية التي تمثّلها الألقاب الوظيفية، مع اعتماد تراتبيّة خطّية مسطّحة، لا يقلق فيها الموظف بشكل كبير على مسألة الترقية الوظيفية على سلّم وظيفي ما.
فالتواصل مع كبار المدراء بالشركة سهل ومتاح وبدون تكلّف وألقاب ومكاتب مغلقة، ويحصل الموظف على مساعدة مباشرة ودعم من قبل بقية الموظفين والمدراء، دون حاجز الألقاب الوظيفية، في جوّ من التآلف والرعاية الوظيفية، الخالية إلى حدّ بعيد من التنافس على المناصب، بما يتيح الفرصة للتركيز على الأهداف المشتركة.
6) ثقافة البيانات
تؤمن شركة بايت دانس الصينية بأن الميزة التنافسيّة الأكثر تأثيرًا هي ثقافة اتخاذ القرارات بالاعتماد على البيانات. فالاستثمار في البيانات وتوليدها وتوفيرها بشكل قابل للاستفادة منه من قبل كوادر الشركة وفرق العمل فيها، سيساعد في وضع الرؤى المستندة إلى حقائق، ومنها وضع الأهداف العملية المعقولة، وتعديل الخطط والإستراتيجيات بشكل أكثر مرونة وفعالية.