يترقب المتابعون تطورات الوضع في فرنسا خلال الأيام المقبلة، وذلك بعد التصعيد الكبير في الحركة الاحتجاجية على خلفية تمرير قانون إصلاح نظام التقاعد بموجب المادة 49.3 من الدستور من دون المرور على البرلمان.
يترقب المتابعون تطورات الوضع في فرنسا خلال الأيام المقبلة، وذلك بعد التصعيد الكبير في الحركة الاحتجاجية
في الوقت الذي دعت فيه الحكومة إلى التهدئة والحوار، رفضت النقابات التي تقود الاحتجاجات في الشارع الجلوس على طاولة المفاوضات قبل إلغاء أو تعديل قانون إصلاح نظام التقاعد.
وفي أحدث تصريح للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ظهر اليوم الخميس، قال إن الاحتجاجات لن توقف تعديل نظام التقاعد أو أي تغييرات أخرى في السياسة، موضحًا: "الاحتجاجات طبيعية لكن هذا لا يعني أننا يجب أن نتوقف".
وأمام رفض الحكومة التراجع عن خيارها بتمديد بما يخص "إصلاح نظام التقاعد"، واستمرار النقابات في الاحتجاجات، فما هي السيناريوهات المتوقعة للأزمة في فرنسا.
الفشل في إسقاط الحكومة
فشلت أحزاب المعارضة في الجمعية الوطنية في حجب الثقة عن حكومة إليزابيت بورن، عبر مقترحين، إلا أن هذا لا يعني بأن المعركة لإسقاط هذا القانون قد انتهت.
فقد قررت نقابات العمال والمعارضة السياسية الاستمرار في تنظيم الاحتجاجات، ودعت إلى يوم للتعبئة والتظاهر، الخميس 6 نيسان/أبريل المقبل، للضغط على الحكومة والرئيس ماكرون لسحب القانون المثير للجدل.
أما الأحزاب السياسية متمثلة في قوى اليسار واليمين المتطرف فدعت إلى استمرار الاحتجاجات حتى سحب القانون أو الدفع إلى استقالة حكومة إليزابيت بورن.
فيما ذهبت قوى سياسية أخرى إلى أن الخروج من الأزمة يتطلب تدخل المجلس الدستوري، أو تنظيم استفتاء شعبي يضع حدًا للجدل القائم.
اللجوء للمجلس الدستوري
قالت الحكومة الفرنسية، إنه تم إحالة قانون إصلاح سن التقاعد للمجلس الدستوري للمراجعة. بدوره، أعلن المجلس الدستوري الفرنسي، عن تأجيل إصدار قراراته بخصوص القانون إلى 14 نيسان/أبريل المقبل.
وأعلن المجلس في بيان صحفي، أنه "بعد بحث الملفات المتعلقة بمشروع إصلاح نظام التقاعد، سوف يبحث المبادرة المقدمة لإجراء استفتاء وقانون تمويل الضمان الاجتماعي المعدل لعام 2023 وسيصدر قراراته يوم الجمعة 14 نيسان/أبريل 2023".
الدعوة للاستفتاء
اللجوء إلى هذا الخيار يتطلب الوفاء ببعض الشروط، لكي يتم تنظيم هذا الاستفتاء، أولها جمع حوالي 5 ملايين توقيع من المواطنين، و185 توقيعًا من قبل أعضاء الجمعية الوطنية (البرلمان) البالغ عددهم 577 نائبًا، و348 عضوًا في مجلس الشيوخ، وذلك من أجل الوصول إلى هذا الخيار.
محاولة للتهدئة
في محاولة منها لتهدئة الأوضاع التي بدأت تخرج عن السيطرة في البلاد، أعلنت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن في مقابلة مع وكالة "الأنباء الفرنسية"، أن حكومتها لن تلجأ مرة أخرى للمادة 49.3 المثيرة للجدل خارج إطار قضايا الموازنة، كاشفةً أنها ستلتقي في الأسبوع الأول من شهر نيسان/أبريل القادم، المجموعات البرلمانية والأحزاب السياسية، فضلًا عن ممثلين محليين، ومن المقرر أن تجري بورن لقاءات مع النقابات العمالية وأرباب العمل في الأسبوع التالي.
وشددت رئيسة الحكومة على أنها منفتحة على الحوار مع كل الشركاء الاجتماعيين، وقالت "علينا إن نجد السبيل الصحيح، نحتاج إلى تهدئة الأمور".
وأوضحت أن إصلاح نظام التقاعد تم إقراره وسيمضي قدمًا، وصولًا إلى المجلس الدستوري الذي سيدلي برأيه، على أن يعمد رئيس الجمهورية بعدها إلى إصدار القانون، بحسب ما ينص عليه الدستور.
وفي الوقت نفسه، حذرت بورن من خطر حدوث ما وصفته بالفوضى، بسبب استمرار الاحتجاجات الرافضة للقانون.
ما هي السيناريوهات المتوقعة؟
في ظل تصاعد الاحتجاجات والإصرار على سحب قانون تعديل سن التقاعد، تبقى الخيارات أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محدودة لتجنب الانزلاق إلى الفوضى العارمة، وفي انتظار ما يمكن أن تتمخض عنه حوارات الحكومة مع النقابات والأحزاب السياسية، قد يلجأ الرئيس إلى الإعلان عن استفتاء شعبي إذا توفرت شروطه عقده، أما الخيار الثاني هو سحب القانون أو تعديله، لكن هذا الخيار يبقى مرتبطًا بقرار المجلس الدستوري الذي سيتخذه في غضون أسبوعين.
في ظل تصاعد الاحتجاجات والإصرار على سحب قانون تعديل سن التقاعد، تبقى الخيارات أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محدودة
أما الخيار الثالث هو تعيين حكومة جديدة لمحاولة امتصاص الغضب الشعبي، لكن هذا الخيار يبقى مستبعدًا في الوقت الراهن بسبب الثقة الكبيرة التي يضعها ماكرون في حكومة إليزابيت بورن، وهو ما سيضع الرئيس الفرنسي في مواجهة مفتوحة مع كل الاستحقاقات القادمة، بالإضافة إلى أن الهدف الأساسي للحركة الاحتجاجية هو قانون "إصلاح نظام التقاعد".