صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي من دائرة استهدافه للأراضي السورية، أمس الخميس، وشنّ ما لا يقل عن أربع غارات جوية استهدفت مناطق مختلفة في ريفي دمشق وحمص، موسّعًا نطاق عملياته لتشمل مقارّ ومكاتب لفصائل المقاومة الفلسطينية.
يُشير هذا التصعيد إلى تحول في النهج الإسرائيلي، إذ يبدو أن الاحتلال تخلّى عن "الخطوط الحمراء"، التي كانت تقتصر سابقًا على استهداف شحنات الأسلحة المتجهة إلى لبنان عبر سوريا.
نفذ جيش الاحتلال، أمس الخميس، سلسلة غارات جوية متفرقة استهدفت منطقة السيدة زينب ومحيطها جنوبي دمشق، بالإضافة إلى غارة على منطقة المزة غربي دمشق، وأخرى على قدسيا بريف دمشق. كما استهدفت غارة جديدة، للمرة الثانية خلال أقل من 24 ساعة، مدينة القصير بريف حمص وسط سوريا، مما أدى إلى تدمير جسري الموح والعالي.
ووفقًا لوسائل إعلام سورية، أسفرت الغارتان على منطقتي المزة وقدسيا عن سقوط 15 قتيلًا وإصابة 16 آخرين بجروح. من جهة أخرى، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن الغارتين استهدفتا مواقع قيادية وأصولًا تابعة لحركة الجهاد الإسلامي في دمشق. وتزامن هذا التصعيد مع زيارة كبير مستشاري المرشد الإيراني، علي لاريجاني، إلى دمشق للقاء مسؤولين سوريين، على رأسهم رئيس النظام السوري بشار الأسد.
تبني جيش الاحتلال تنفيذ الغارات الجوية التي تستهدف مواقع حزب الله يدل على أن إسرائيل لم تعد لديها أي "خطوط حمراء"
من جهته، صرّح المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هاغاري، للصحفيين قائلًا: "نحدد صواريخ وأسلحة أخرى تُصنع في سوريا تُستخدم من قبل حزب الله ضد إسرائيل. وسنهاجم أي محاولة لتهريب الأسلحة من سوريا إلى حزب الله، إضافة إلى كل بنية تحتية تُستخدم لإنتاج الأسلحة في سوريا". وأضاف أن الجيش ينفذ عملياته الجوية من "الضاحية الجنوبية لبيروت حتى دمشق".
ويرى الباحث السياسي محمد المصطفى، في حديثه لموقع "العربي الجديد"، أن "عمليات القصف الحالية تستهدف قطع طرق الإمداد اللوجستية التي تُستخدم لنقل الأسلحة بين لبنان وسوريا". وأشار إلى أن "إسرائيل لم تعد تلتزم بأي خطوط حمراء في عملياتها داخل سوريا، حيث أصبحت دائرة عمليات الاستهداف تشمل كامل الجغرافيا السورية".
كما أشارت تقارير منفصلة إلى أن إعلان جيش الاحتلال مسؤوليته عن الغارات الجوية التي تستهدف مواقع حزب الله في سوريا يمثل تغيرًا عن سياسة الصمت التي اتبعها لسنوات. وتوقعت التقارير أن تُكثف إسرائيل من استهدافها لمواقع حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية في المرحلة المقبلة، بعد أن كانت عملياتها تقتصر على استهداف شحنات الأسلحة.
وتأتي هذه الغارات المكثفة في وقت تنتظر فيه تل أبيب ردًا من لبنان على المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار. ونقلت تقارير عبرية عن مسؤول روسي كبير في الكرملين تأكيده استعداد موسكو "لدعم أي جهود توقف قتل المدنيين وتمنع تدمير البنية التحتية المدنية"، في إشارة إلى منع نقل الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله عبر الحدود السورية – اللبنانية.
📸 ألبوم | النظام السوري يضع عينه على أموال صندوق التعافي المبكّر لتجاوز العقوبات الدولية. pic.twitter.com/9zsYtfxF14
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 14, 2024
وعلق المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، على هذه التطورات، موضحًا أن "رغبة إسرائيل في الحصول على ضمانات روسية بوقف نقل المواد العسكرية عبر سوريا إلى لبنان لصالح حزب الله، تتطلب إنشاء نقاط تفتيش جديدة على الحدود". وأضاف أن "هذا الأمر ليس ضمن تفويض القوات الروسية في سوريا، ولا يمكننا تقديم ضمانات بتنفيذه، خاصة أن سوريا دولة ذات سيادة ومستقلة".
كما حذّر لافرنتييف إسرائيل من شنّ اجتياح بري لجنوب سوريا، مؤكدًا أن "موقف روسيا من هذه الخطوة سيكون سلبيًا للغاية".
وأظهرت صور التقطت عبر الأقمار الصناعية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأ العمل على تعبيد طريق على طول "خط ألفا" الذي يفصل مرتفعات الجولان المحتل عن سوريا. وأفادت تقارير بأن الاحتلال قام بتجريف أراضٍ زراعية في ريف محافظة القنيطرة، مما أثار مخاوف من احتمال تنفيذ توغل بري داخل الأراضي السورية.