23-أبريل-2024
ماء الغريب وكيف استخدم ولماذا منع استخدامه

(freepik) بدأ استخدام ماء الغريب لأول مرة في القرن الـ19في إنجلترا لعلاج مرض الملاريا

عادةً ما يعاني الأطفال في الأشهر الأولى من عمرهم من مغص مستمر، مما يؤدي إلى شعورهم بالألم والبكاء والتململ طوال الوقت. وتقف الأم حائرة أمام هذا الألم الذي يشعر به طفلها الرضيع، فتلجأ إلى استخدام العلاجات الشعبية والتي سمعت عنها من الأجيال السابقة لتهدئته وتسكين ألمه، وإحدى هذه العلاجات هو ماء الغريب (Gripe water). وهو أحد العلاجات التي يشيع استخدامها منذ زمن للتخفيف من آلام المغص لدى الأطفال الرضع، وتهدئتهم. لكن تبادر إلى مسامعنا يومًا أن ماء الغريب مُنع استخدامه. فما السبب وراء ذلك؟ وما هو ماء الغريب وممّ يتكون؟ 

 

ما هو ماء الغريب؟

ماء الغريب هو مكمل غذائي على شكل شراب، يتكون من الماء، وصودا الخبيز (Baking soda)، ومجموعة من الأعشاب. وكان سابقًا يحتوي على الكحول أيضًا لكنه أُزيل من قائمة المكونات لما له من مخاطر شديدة على صحة الطفل الرضيع. وبدأ استخدام ماء الغريب لأول مرة في القرن الـ19 في الفترة الممتدة ما بين 1840-1850 في إنجلترا لعلاج مرض الملاريا. 

يرجع سبب منع استخدام ماء الغريب في بعض الدول إلى أنه يُصنف ضمن قائمة المكملات الغذائية غير المعتمدة أو المسجلة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)

ما هي مكونات ماء الغريب؟ ولماذا منع استخدامه؟

تختلف مكونات ماء الغريب تبعًا لاختلاف الجهة المصنعة. فإلى جانب الماء وصودا الخبيز، تدخل مجموعة من الأعشاب وبعض المكونات الأخرى ضمن مكونات ماء الغريب. مثل الزنجبيل، والبابونج، والشومر، والمليسة أو بلسم الليمون (Lemon balm)، بالإضافة إلى زيت الشبت، والألوفيرا. كما قد تحتوي بعض الأنواع على المواد الحافظة، والجلوتين، والسكروز، ومنتجات الألبان. لذا من المهم قراءة الملصق الغذائي والاطلاع على المكونات قبل استخدامه، إذ إن بعض هذه المكونات بالأخص الغلوتين ومنتجات الألبان قد تؤثر سلبًا في معدة الرضيع، كما قد يؤدي السكروز إلى تسوس الأسنان. 

وقد يرجع سبب منع استخدام ماء الغريب في بعض الدول إلى أنه يُصنف ضمن قائمة المكملات الغذائية غير المعتمدة أو المسجلة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، ما يعني أنه قد يحتوي على مكونات غير مذكورة على الملصق الغذائي ضمن قائمة المكونات. وبعضها قد يحتوي على مواد تضرّ بصحة الطفل وأبرزها الكحول والسكريات. إذ على الرغم من ادّعاء بعض العلامات التجارية خلو ماء الغريب من الكحول، إلّا أنها قد تحتوي عليه دون ذكره ضمن قائمة المكونات.

تأثير ماء الغريب في التخفيف من المغص لدى الأطفال غير مثبت علميًا

لماذا يستخدم ماء الغريب؟ وكيف يستخدم؟

عادةً ما يُعطى ماء الغريب للأطفال الرضع في السنة الأولى من عمرهم عند إصابتهم بالمغص، أو عند بكائهم الشديد. إذ يعتقد الأهل وبعض مقدمي الرعاية الصحية أنه يخفف من آلام المغص. لكن لا توجد دراسات علمية تُثبت تأثير ماء الغريب في التخفيف من المغص. من جهة أخرى قد تلجأ الأم لإعطاء ماء الغريب لطفلها للتخفيف من آلام التسنين، والغازات. كما يرى البعض أنه يساعد الطفل على النوم في ساعات الليل. لكن تجدر الإشارة إلى أن هذه التأثيرات مبنية على تجارب شخصية لم يُثبتها العلم. 

ومن المهم قبل البدء باستخدام ماء الغريب استشارة طبيب الأطفال. وفي حال سمح باستخدامه فإنه يجب قراءة الملصق الغذائي للتأكد من خلوه من الكحول والسكريات، وقراءة قائمة الإرشادات والتعليمات لمعرفة الجرعة الملائمة للطفل. كما يجب تجنب خلط ماء الغريب بحليب الأطفال أو حليب الأم. أمّا عن الوقت المناسب فيمكن إعطاؤه للطفل بعد الرضاعة لتجنب شعوره بالألم والغازات التي قد تحدث. لكن تجدر الإشارة إلى أن تأثير ماء الغريب في التخفيف من المغص لدى الأطفال غير مثبت علميًا. وعلى الرغم من احتوائه على الشومر والزنجبيل المعروفين بتخفيف آلام المعدة، إلا أن تأثيرهما أيضًا لم يُثبت لدى الأطفال الرضع.

من المهم تجنب إعطاء الأطفال الرضع العلاجات العشبية بما فيها ماء الغريب دون استشارة الطبيب.

ما الآثار الجانبية لماء الغريب؟ وهل هو آمن؟ 

 عامةً، تُعد بعض تركيبات ماء الغريب آمنة للاستهلاك. لكنه ليس أكثر المكملات الغذائية أمانًا. خاصةً أن معظم الأطباء ينصحون بعدم إعطاء الأعشاب لحديثي الولادة بسبب عدم القدرة على معرفة جودة هذه الأعشاب ومقدار الجرعة المعطاة للطفل، ومدى قوتها وتأثيرها في صحته على وجه التحديد. وقد تنطوي عليه بعض الآثار الجانبية، التي يجب أخذها بعين الاعتبار، ومراقبة الطفل عن كثب بعد إعطائه ماء الغريب. ومن الآثار الجانبية التي قد تظهر:

  • دمع العينين.
  • انتفاخ اللسان والفم.
  • التقيؤ.
  • الحكة.
  • تغير في التنفس.
  • القشعريرة.
  • الإمساك.

من جهة أخرى قد يسبب ماء الغريب ظهور رد فعل تحسسي لدى الطفل. كما أنه قد يؤدي إلى نمو البكتيريا في جهازه الهضمي. ووفقًا لمركز العاصمة الوطني لمكافحة التسمم (National Capital Poison Center)، فإنه سُجّل حالات لأطفال أصيبوا بالتشنجات، والعدوى، والتسمم بالرصاص والزئبق، وتلف في الكبد بعد إعطائهم علاجات شعبية من الأعشاب. لذا من المهم تجنب إعطاء الأطفال الرضع العلاجات العشبية بما فيها ماء الغريب دون استشارة الطبيب.

ويؤثر ماء الغريب أيضًا في تغذية الطفل خاصةً عند إعطائه للطفل بكميات كبيرة. إذ تؤدي هذه الكميات إلى ملء معدة الطفل وبالتالي شعوره بالشبع، وبذلك لا تتوفر له العناصر الغذائية الضرورية التي يحتاج إليها الجسم للنمو والتي يحصل عليها من حليب الأم أو الحليب الصناعي. الأمر الذي قد يؤدي إلى تأخر في النمو، واكتساب الطفل وزنًا أقلّ من المعدل الطبيعي.

تجب استشارة الطبيب لوصف القطرات المخصصة للتخفيف من الغازات والمغص. 

ما هي بدائل ماء الغريب؟

تسعى الأم جاهدةً لتخفيف آلام طفلها الرضيع عند إصابته بالمغص والغازات، وغالبًا ما تبحث عن حلّ سريع بغية تهدئة طفلها بعد نوبةٍ من الألم والبكاء الشديد. ولحسن الحظ توجد مجموعة من الممارسات التي يمكن أن تساعدها كحلّ بديل لاستخدام ماء الغريب للتخفيف من الغازات، وآلام المغص، ومنها ما يأتي:

  1. تجنب الأم تناول الأطعمة التي قد تسبب الغازات في حال الرضاعة الطبيعية، مثل البصل، والخضروات الصليبية بما فيها الملفوف، والزهرة، بالإضافة إلى منتجات الألبان، والبقوليات مثل الحمص، والفول، والفاصوليا. 
  2. الحرص على تجشؤ الطفل مباشرة لمرات عدة بعد الوجبة لتجنب تجمع الغازات في البطن.
  3. تدليك بطن الطفل بحركات دائرية لمساعدته على إخراج الغازات.
  4. تجنب الإفراط في إطعام الطفل.
  5. استشارة الطبيب لوصف القطرات المخصصة للتخفيف من الغازات والمغص. 
  6. استخدام الضوضاء البيضاء (White noise) لتهدئة الطفل ومساعدته على النوم.

 

تلجأ العديد من الأمهات لاستخدام ماء الغريب لمساعدة طفلها على التخلص من الغازات، وآلام المغص، وحتى آلام التسنين. ويُعد ماء الغريب من العلاجات القديمة جدًا المستخدمة منذ قرون. لكن قد لا يُعد هذا العلاج هو الأفضل لإعطائه للطفل لما يحتويه من مكونات قد تضر بصحة الرضيع، وأبرزها السكريات والكحول، إذ تلجأ بعض المصانع إلى إضافة الكحول دون التصريح عن ذلك ضمن قائمة المكونات، لذا من المهم استشارة الطبيب قبل اللجوء إلى استخدام أي نوع من العلاجات الشعبية التي تُعطى بناءً على التجربة الشخصية لا العلم. ولحسن الحظ أن هناك علاجات مصرحة ومرخصة طبيًا وثبتت فعاليتها في التخفيف من آلام المغص لدى الأطفال. كما يمكن لبعض الممارسات الوقائية أن تساعد في الحد من إصابة الرضيع بالمغص والغازات مثل الانتباه إلى النظام الغذائي الذي تتبعه الأم، وعدم إطعامه بقدر يزيد عن حاجته، بالإضافة إلى تدليك بطنه وغيرها الكثير.