تسود حالة من الغضب لدى مصر سببها رد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، على مطالب الولايات المتعلقة بمحور فيلادلفيا، وهو ما دفع القاهرة لبحث خطوات تصعيدية، وفقًا لتقرير موقع "العربي الجديد"، في الوقت الذي كشفت تقارير عبرية أن نتنياهو عارض الدخول إلى محور فيلادلفيا في بداية العدوان على غزة، رغم مطالبة المسؤولين الإسرائيليين بذلك.
وبحسب "العربي الجديد"، فإن المعلومات المتوفرة تفيد بوجود "حالة غضب مصرية من رد أميركي على مطالب القاهرة بالضغط على نتنياهو لإجباره على الخروج من محور (فيلادلفيا) صلاح الدين الحدودي، كون ذلك مخالفًا للاتفاقيات والمعاهدات الموقعة بين مصر وإسرائيل".
سيناريوهات عدّة للتصعيد
ووفقًا للمعلومات، فإن نتنياهو "رد على المطالب الأميركية المتمثلة في وضع خطة زمنية محددة للخروج من محور (فيلادلفيا) صلاح الدين مع توفير الضمانات اللازمة بشأن أمن إسرائيل، وكذلك ضمان عدم استخدام الممر في عمليات تهريب الأسلحة للمقاومة في غزة، حتى لا يخسر الدور المصري، بأنه لم يعد بحاجة إلى الدور المصري في المرحلة المقبلة، وهي الرسالة التي أثارت غضب القاهرة عقب نقلها عبر مسؤولين أميركيين".
حالة غضب مصرية من رد أميركي على مطالب القاهرة بالضغط على نتنياهو لإجباره على الخروج من محور (فيلادلفيا) صلاح الدين الحدودي
وقال "العربي الجديد"، إن: "دوائر دبلوماسية وأمنية مصرية تبحث حاليًا سيناريوهات عدّة للتصعيد خلال الفترة المقبلة، تشمل خطوات من بينها إمكانية سحب السفير المصري من تل أبيب، خالد عزمي، ومخاطبة مجلس الأمن من أجل استصدار توصية لتل أبيب بالانسحاب، كون اتفاقية كامب ديفيد مسجلة لدى الأمم المتحدة وتسري عليها وصاية أعمال مجلس الأمن".
وأضاف "العربي الجديد"، بأن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن "المسؤولين في القاهرة يتحركون بحذر في هذا الصدد، في ظل نوايا إسرائيلية لتصدير معاهدة السلام (كامب ديفيد) في المشهد مجددًا، ومن ثم العمل على إدخال تعديلات عليها لتقنين أوضاعها في محور (فيلادلفيا) صلاح الدين، والعودة إلى نصوص قديمة جرى نسخها في تعديل اتفاق (محور) صلاح الدين، وهو الأمر الذي سبق أن رفضته القاهرة خلال محادثات مشتركة بين مسؤولين مصريين وإسرائيليين وأميركيين".
الخبراء يستبعدون تصعيدًا عسكريًا
ويوضح "العربي الجديد"، أن هناك من فسّر في مصر تمركز الدبابات المصرية والأسلحة الثقيلة عند الحاجز الفاصل بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية، خلال جولة الفريق، أحمد خليفة، على أنه "رسالة إلى إسرائيل"، وأنه "مخالف لمعاهدة كامب ديفيد وملاحقها الأمنية، التي تحظر إدخال أسلحة ثقيلة في القطاع الحدودي المعرف في نصوص الاتفاقية بالمنطقة (ج)".
لكن خبراء، وفقًا لـ"العربي الجديد"، "استبعدوا الحديث عن تصعيد عسكري في هذا الإطار، لا سيما أن القوات الموجودة في المنطقة (ج) حاليًا دخلت بناء على اتفاق قانوني، عززت مصر من خلاله وجودها العسكري المصري في منطقة رفح الشرقية الحدودية شمالي جزيرة سيناء".
وأشار "العربي الجديد" إلى أن تعديلات الترتيبات الأمنية المتفق عليها مع "إسرائيل" في الملحق الأمني لمعاهدة السلام المبرمة بين البلدين في عام 1979. والتي أعلنت عنها مصر و"إسرائيل" في عام 2021، استنادًا إلى الملحق الأول في معاهدة السلام "تتيح تعديل ترتيبات الأمن المتفق عليها بناء على طلب أحد الطرفين وباتفاقهما".
من توزيع المساعدات إلى التهجير.. هل يخطط الاحتلال لحكم #غزة عسكريًا؟
أقرأ أكثر: https://t.co/Q7M0Hzehyj pic.twitter.com/QqVibVuXQI
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 4, 2024
ويرى مراقبون أن الرسائل المصرية الأخيرة، تأتي ضمن "محاولات لتهدئة الشارع المصري الغاضب من الغطرسة الإسرائيلية وخطابات نتنياهو، خصوصًا أن الفترة الأخيرة شهدت حالة من الغضب في صفوف الجنود وصغار الضباط المصريين في شمال سيناء، في ظل مشاهد القتل والتنكيل الإسرائيلي بالفلسطينيين".
نتنياهو لم يذكر في آلاف التغريدات محور فيلادلفيا
إلى ذلك، أشار تقرير للمحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، يوآف ليمور، أمس الجمعة، إلى أن هناك من دقق في آلاف التغريدات التي نشرها نتنياهو خلال السنوات الماضية، وتبيّن أنه لم يذكر فيها محور فيلادلفيا ولو مرة واحدة، حتى تصريحه لوسائل الإعلام، بداية الأسبوع الحالي، وفقًا لما نقل موقع "عرب 48" الإلكتروني.
وأشار ليمور في التقرير إلى أن نتنياهو "عارض الدخول إلى محور فيلادلفيا في بداية الحرب (على غزة)، رغم أن كثيرين طالبوه بذلك، وعارض ذلك خلال الحرب، عندما طرح ذلك الثنائي (عضو الكنيست بيني) غانتس، و(عضو الكنيست غادي) آيزنكوت".
ولفت ليمور في تقريره إلى أنه "لم يرَ بالبقاء في المحور ضرورة وجودية حتى الآونة الأخيرة، وإلا لما التزم بالانسحاب منه في إطار توافقات إسرائيل على الصفقة، وعلى عكس أقوال نتنياهو، فإنه منح موافقة كهذه".
وأوضح ليمور في التقرير أن "الخارطة الأصلية التي رسمها الجيش الإسرائيلي شملت سيطرة على المعبر وليس على المحور كله، لإنه بالإمكان استئناف التهريب في المعبر بعد أن يغادره الجيش الإسرائيلي، لكن الأنفاق التي هُدمت تحتاج إلى أشهر كثيرة من أجل إعادة استخدمها من جديد".
وأردف ليمور أن "نتنياهو أوعز للجيش الإسرائيلي بتغيير الخارطة، وأن يشمل فيها تواجدًا عسكريًا على طول المحور، حتى البحر"، وأضاف أنه "عندما استعرض الخارطة أمام (مجلس الوزراء المصغّر) الكابينت ليلة الخميس – الجمعة من الأسبوع الماضي، حاول التلميح إلى أن هذا تم بموجب توصية مهنية من الجيش، إلى حين قال وزير الأمن، يوآف غالانت، إن هذه خرائط فُرضت على الجيش، وخلافًا لرأيه".
جيش الاحتلال يقوم بعمليات تدمير لأحياء كاملة على طول حدود الفاصلة بين القطاع ومستوطنات غلاف #غزة. pic.twitter.com/BzUuSgLJBF
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 6, 2024
ويختم ليمور تقريره بالإشارة إلى إدراك نتنياهو أن السيطرة على محور فيلادلفيا ستؤدي إلى "حصار إسرائيلي كامل على قطاع غزة، أي أنه يلزمها بالسيطرة أيضًا على القضايا المدنية في القطاع"، بما يشمل الخدمات الأساسية، مضيفًا أن "هذا سيكلف عشرات المليارات من الشيكل سنويًا، ويلزم بإقامة جهاز عملاق لحكم عسكري".
وكانت شبكة "CNN" الأميركية قد نقلت عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، أنه من أصل 18 فقرة في صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين بين "إسرائيل" وحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، تم الانتهاء من 14 منها والاتفاق عليها.
وأشار المسؤول الكبير إلى أن "الخلافات" المتبقية تتعلق بالوجهة التي ستنتقل إليها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وقضية 800 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال ينتظر الإفراج عنهم في المرحلة الأولى من الاتفاق، مضيفًا أنه: "بمعزل عن ذلك، فإن كل شيء جاهز".