17-يوليو-2024
أوربان خلال لقائه بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب

رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان خلال لقائه دونالد ترامب في فلوريدا (رويترز)

تتزايد المخاوف الأوروبية من تحركات رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، الذي تترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، حيث يقود الرجل "بصفة منفردة"، مستغلًا المظلة الأوروبية، ما يسميها "مبادرة سلام" بين روسيا وأوكرانيا.

وبدأ أوربان منذ مطلع الشهر الجاري جولة قادته إلى كييف وموسكو وبكين، واختتمها بفلوريدا حيث التقى المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية دونالد ترامب، الذي ناقش معه أوربان ما أسماها مبادرة السلام، معتبرًا أن ترامب أقدر من غيره على "وقف الحرب" حال فوزه بانتخابات تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

وقد ضاعف هذا اللقاء من قلق الأوروبيين من "الوساطة غير البريئة لأوربان"، ومن "احتمال عودة ترامب" إلى حكم الولايات المتحدة الأميركية، وهو المعروف بمواقفه السلبية من أوروبا، ومن الحماية الأميركية للقارة العجوز ضمن حلف "الناتو".

مباحثات أوربان مع ترامب تثير مخاوف أوروبا

وجّه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، عقب لقائه بترامب، رسالةً إلى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، جاء فيها، حسب صحيفة "بيلد" الألمانية، ما نصه: "أستطيع أن أقول بثقة إن فور فوز ترامب في الانتخابات لن ينتظر التنصيب، بل سيكون مستعدًّا للعمل كوسيط سلام على الفور، ولديه خطط مفصلة ومدروسة في هذا الصدد لتسوية الصراع الأوكراني الروسي".

لم ترق مبادرة أوربان للفاعلين الأوروبيين الذين ينظرون إليها بعين الريبة ويقولون صراحةً إنها لا تمثلهم

في المقابل، ودائمًا حسب صحيفة "بيلد"، وصف أوربان الرئيس الأميركي جو بايدن بـ: "السياسي الذي يبذل جهودًا هائلةً للبقاء في السباق"، مضيفًا أنّه: "غير قادر على تغيير سياسة الحرب الأميركية الحالية، وبالتالي لا يمكن التوقع منه أن يبدأ سياسةً جديدة"، فيما يخص النزاع الروسي الأوكراني.

ولفتت الصحيفة إلى أن أوربان يدعم الرأي القائل إنه: "في حال فوز ترامب، فإن عبء الدعم المالي لأوكرانيا سيقع في الغالب على الاتحاد الأوروبي".

وكان أوربان قد صرّح في وقتٍ سابق أنه: "عقد اجتماعه الخامس مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في إطار مبادرته للسلام بشأن أوكرانيا"، مشيرًا إلى أنّ ترامب أكد له أنه "سيحل" القضية الأوكرانية، واصفًا ذلك بـ"الأخبار الجيدة".

يذكر أنّ أوربان بدأ جولة للوساطة تحت عنوان "مهمة السلام، قادته إلى كييف وموسكو والصين والولايات المتحدة. لكن هذه الجولة لم ترق للفاعلين الأوروبيين الذين ينظرون إليها بعين الريبة، ويقولون صراحةً إنها لا تمثلهم، نظرًا لأن الكثيرين منهم يعتبرون أوربان رجل بوتين في أوروبا.

وفي هذا الصدد، علّقت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لان، على "جولة أوربان" بالقول إن "الاسترضاء لن يوقف بوتين"، كما أكّدت أوكرانيا، في رفضٍ للمبادرة، على شروطها المتمثلة في انسحاب روسيا من كامل أراضيها والتعويض عن خسائرها جرّاء الحرب، وهي الشروط التي يرفضها الروس الذين يطالبون ببقاء شبه جزيرة القرم روسيةً، والقبول بالأمر الواقع في أقاليم شرق أوكرانيا. وهي المطالب التي يُبدي أوربان تفهّمًا لها، علمًا أن رئيس الوزراء المجري ساهم في عرقلة وتأخير عدد من القرارات والخطوات الأوروبية متعلقة بدعم كييف، وذلك منذ بداية الحرب في 24 شباط/فبراير 2022.

أوربان خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

وقد مارس أوربان طيلة العامين السابقين ما يشبه المقايضة، حيث ربط بين تمرير بعض المساعدات لأوكرانيا، والحصول على أموال الاتحاد الأوروبي المخصصة لبلده بعد جائحة كورونا، التي جرى تجميدها بسبب  سياسات أوربان اليمينية المحافظة، التي تتعارض مع توجهات وسياسات الاتحاد الأوروبي.

وفي آخر ردّ فعلٍ أوروبي على تحركات أوربان، وصفت رئيسة الحكومة الدنماركية، ميتا فريدركسن، خطوات أوربان بـ"الأحادية"، كما اعتبرت أنّ لقاء أوربان بترامب: "ينتهك قواعد أوروبية، ويروج لأجندات سياسية خاصة بأوربان وحده ومن يقف خلفَه".

وقرر الاتحاد الأوروبي عدم مشاركة مفوضيه في الاجتماعات غير الرسمية لمجلس وزراء أوروبا في بودابست نهاية العام الحالي، إذ تخطط المجر، خلال ترؤسها الحالي للاتحاد، لعقد عدد من الاجتماعات الأوروبية على أراضيها خلال الأشهر القادمة.

وكان ردّ أوربان على الانتقادات الأوروبية أنّ "مهمة السلام" التي يقودها تمثل فقط المجر، لكن ذلك لم يقنع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لأنه بدأها مباشرةً بعد تولي بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.

وتتخوّف الدول الرئيسية في الاتحاد الأوروبي من أنّ عودة ترامب لرئاسة الولايات المتحدة ستمنح جهود أوربان زخمًا قويًا، لا سيما في جوانبها المتعلقة بالموقف من أوكرانيا بفرض سلام على مقاس طموحات روسيا وتفتيت حلف شمال الأطلسي، بتشكيك ترامب المستمر في التعهد بالدفاع عن دول الاتحاد في حالة المواجهة مع روسيا.

وفي هذه الحالة، ستجد أوروبا نفسها ملزمةً بالعودة إلى نقاشات الاستقلال عن واشنطن، بناءً على ما طرحته، خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.