ألتراصوت- فريق الترجمة
هكذا إذن، وبعد فشل عالمي ذريع في تحقيق توزيع عادل للقاحات المضادة لكوفيد-19، وجّه فيروس كورونا المستجدّ صفعة جديدة للكوكب وهو يقترب من نهاية عامٍ صعب، بإنتاجه نسخة متحوّرة جديدة شديدة الخطور بحسب وصف الخبراء، قد تؤذن بعام آخر لا يقلّ كارثيّة عما سبقه من أعوام، وينذر بموجات جديدة من الوباء.
وجّه فيروس كورونا المستجدّ صفعة جديدة للكوكب وهو يقترب من نهاية عامٍ صعب، بإنتاجه نسخة متحوّرة جديدة
فقد أكدت جنوب أفريقيا يوم الخميس أن العلماء قد حددوا متحورًا جديدًا متعدّد الطفرات، وقد يكون أكثر قدرة على بثّ العدوى السريعة. وقد التقطت هذه الأخبار منظمة الصحة العالمية، ووصفت هذا المتحوّر الجديد أمس الجمعة، 26 تشرين الثاني/نوفمبر، بأنه متحوّر "مثير للقلق"، وهو تصنيف لم يحز عليه من قبل سوى أربعة متحورات سابقة من فيروس كورونا الجديد منذ اكتشافه. ولمنح هذا التصنيف مصداقيّة تكفل إثارة قلق الناس والعالم، أطلقت المنظمة على هذا المتحوّر الطازج والمتجدد، اسم: "أوميكرون" (Omicron)، وهو اسم الحرف الخامس عشر من حروف الهجاء اليونانية (O).
وعلى وقع أخبار أوميكرون، لجأت بعض الدول إلى حظر السفر من وإلى جنوب أفريقيا، وسرعان ما دبّت أيضًا شهية جديدة للربح والتصنيع لدى الشركات المصنعة للقاحات والأدوية المضادة لكوفيد-19، وأعلنت أنها تراقب عن كثب أخبار المتحوّر الجديد أوميكرون، وستكون جاهزة لطرح منتجاتها الجديدة الخاصة بمواجهة هذا التحدي غير المتوقّع بالمزيد من اللقاحات والأدوية الملائمة، رغم أنّه لا يتوفر حتى الآن ما يكفي من الدراسات والتحاليل التي تبرّر علميًا كل هذه الفزعة الكونيّة خلال اليومين الماضيين وحالة الإرباك والذعر التي خلقتها عالميًا، في موسم من العطل والأعياد.
نقلت الواشنطن بوست عن إريك توبول، مدير معهد "سكريبس للأبحاث"، قال في مقابلة معه يوم أمس الجمعة، إن متحوّر أوميكرون هو المتحوّر الأشد إثارة للقلق منذ متحوّر دلتا. وقال إنّ بروز متحوّر يفوق دلتا خطرًا، مثل أوميكرون، هو أمر ليس سهلًا، ولا يعرف كيف ستكون الاستجابة العالمية لذلك.
وقد تأكد ظهور متحوّر أوميكرون في عدد من الدول الأفريقية، وتحديدًا جنوب القارة. وقد كشف العلماء من تلك الدول عن أول بيانات تتعلق بمتحوّر أوميكرون يوم الثلاثاء الماضي، وأتاحوها للعامة. وبالنظر إلى التسلسل الفريد لمتحوّر أوميكرون، فإن المتحوّر قد يشكّل بالفعل خطرًا استثنائيًا على مستوى سرعة تفشي العدوى به، وخطورته على صحة المرضى، خاصة أولئك الذين لم يتلقوا اللقاحات حتى الآن.
ففي جنوب أفريقيا، تبلغ نسبة من تلقوا المطعوم الكامل المضاد لكوفيد-19 حوالي 35 بالمئة فقط من السكان، وهذا يعني أن المتحوّر قد بدأ ينغل في تلك الدولة بشكل واسع بحسب الأرقام الرسمية التي نشرت خلال الأيام الماضية. وفي حين أن تدني نسب التطعيم بين السكان هو أحد أبرز أسباب تفشي العدوى بالفيروس، إلا أن العلماء يرون أن متحوّر أوميكرون قد تسبب بطفرة في الإصابات أسرع وأكثر خطورة بين السكّان. لكن العلماء ما يزالون في مراحل مبكّرة من الأبحاث التي تسعى إلى تأكيد هذه الملاحظات، والحسم بما إذا كان متحوّر أوميكرون أسرع انتشارًا أو أكثر خطرًا على صحّة المصابين به وقدرتهم المناعية. إلا أنّ التوجّه العام هو أنّه، نعم، المتحوّر الجديد أشدّ قدرة على العدوى.
من الدول الأخرى التي أعلنت عن وجود حالات مصابة بهذا المتحوّر، أوميكرون، هونغ كونغ، و"إسرائيل"، وبوتسوانا وغيرها، إلا أن ثمة تكهنات تشير إلى أن متحوّر أوميكرون، المعروف أيضًا باسم (B.11.529)، ينتشر بشكل غير ملحوظ حتى الآن في دول أخرى.
ماذا يقول العلماء عن متحوّر أوميكرون؟
ما تزال المعلومات المتوفرة ضئيلة حول متحوّر أوميكرون، وبعضها هو محض تكهنات أولية من الخبراء وعلماء الفيروسات المطلعين على سيرة فيروس كورونا الجديد وأنماط سلوكه خلال العامين الماضيين. إلا أنّ المؤكد حتى الآن هو أن البروفايل الجيني لمتحوّر أوميكرون متميز عن المتحورات الأخرى، وهو ما يعني أنّه يمثّل نسلًا جديدًا وفريدًا من الفيروس.
المتحوّر الجديد، أوميكرون، يمتاز عن المتحورات السابقة الأخرى كذلك بطفراته التي تتجاوز في عددها ما كان مسجلًا لدى المتحورات السابقة، وخاصة في البروتين الشوكي في التركيبة الجينية له، حيث سجل أكثر من 30 طفرة، وهذه الطفرات في البروتين الشوكي هي موضع الخطر فيما يتعلق بالقدرة على العدوى والتأثير على صحة الإنسان، لأن هذا الجزء من الفيروس هو الذي يبطح الخلايا البشرية ويفتح نافذة بها من أجل دخول الفيروس وتكاثره فيها. وهذا أشدّ ما يخيف العلماء، إذ يرون أن متحور أوميكرون قد يكون أكثر قدرة على العدوى، وعلى تجاوز الدفاعات المناعية في جسم الإنسان، حتى لدى من تلقوا اللقاحات.
هل يحمي اللقاح من متحوّر أوميكرون؟
يرى الخبراء أنّه حتى لو ثبت أن لمتحوّر أوميكرون قدرة على تفادي الدفاعات المناعية في جسم الإنسان والحدّ من فعالية اللقاح، إلا أنّه من غير المرجح أن يتمكّن من التقويض الكامل للحماية التي يوفرها اللقاح، وذلك بحسب جيسي بلوم، عالم الفيروسات في معهد فريد هاتشينسون للأبحاث، في حديثه مع الواشنطن بوست.
ويتوقع بلوم أن طفرات متحوّر أوميكرون لن تكون قادرة على دكّ جميع الحصون المناعية لدى المصاب بالعدوى، خاصة أولئك الذين حصلوا على اللقاح، ولن يكون قادرًا على تحييد نوع الأجسام المضادة التي يشكلها اللقاح في الجسم. ولذلك يقترح بلوم، أنّه وبصرف النظر عمّا إذا كان سيكتب لمتحوّر أوميكرون التفشي على صعيد عالمي وإثارة موجات جديدة من الإصابات حول العالم أو لا، فإنه من الضروري أن يحرص الناس على الاستمرار في تلقي اللقاحات، أو الحصول على جرعات معزّزة، والالتزام بالإجراءات الوقائية، وفي مقدمتها ارتداء الكمامات، وتفادي الاختلاط قدر الإمكان.
كيف تحمي نفسك من متحوّر أوميكرون؟
للوقاية من متحوّر أوميكرون من فيروس كورونا الجديد، أو أي متحوّر آخر متفشّ، ينصح الخبراء بالاستمرار بالإجراءات الوقائية الأساسية المعروفة. أول ما يلزم القيام به هو تجنّب الذعر، مع رفع مستوى التنبّه والحرص. فالمتحوّر الجديد، أوميكرون، لن يكون قادرًا على أية حال على التغلّب على الذاكرة المناعيّة لدى جسم الإنسان بشكل كامل.
أما الإجراءات الثانية فتتمثل في تجنّب الاختلاط قدر الإمكان في الأماكن العامة، والالتزام بارتداء الكمامة بالشكل السليم، والمسارعة في تلقي اللقاح، وتلقي الجرعة المعزّزة لأولئك الذين حصلوا عليه بالفعل. أما على الصعيد العالمي، فيرى الخبراء أن الاستمرار في حرمان الدول الفقيرة من نصيبها من اللقاحات، سيزيد من تفاقم الكارثة، بما يهدّد باستمرار نشوء متحوّرات جديدة قد تكون أشدّ خطورة من سابقاتها.
اقرأ/ي أيضًا:
الأشد عدوى حتى الآن.. متحور جنوب أفريقيا يخلق أزمة تنقل دولية
باكسلوفيد: دواء فعّال من فايزر يقي من مضاعفات كوفيد-19 الخطيرة
مولنوبيرافير.. كل ما تريد معرفته عن أول دواء فعّال مضاد لكوفيد-19