الجلوس لساعات ممتدة على المكتب قد يفعل العجائب الغريبة بالصحة ونظام الأيض، وقد يزيد مع الوقت من مخاطر ارتفاع سكر الدم والكوليسترول، حتى لدى الأشخاص الذين يبدو أنهم لا يعانون من مشاكل صحية. لكن دراسة جديدة مهمة رغم صغرها تشير إلى أن ترك المكتب كل 30 دقيقة لأداء بعض التمارين الحركية البسيطة لمدة دقائق فقط، قد تسهم بشكل كبير في الحد من الآثار السلبية للجلوس الطويل على الصحة. فقد وجدت الدراسة أن صعود الدرج أو القفز الثابت في المكان أو السير حول المكتب (أو البيت) 15 خطوة في استراحات سريعة قصيرة، يساعد على تحسين مستويات السكر في الدم، دون أن يؤدي ذلك إلى إحداث انقطاع في العمل وسيره أو يؤثر في التركيز في المهام أثناء العمل.
هذا الشكل من الحركة البدنية كل نصف ساعة ولمدة 3 دقائق في كل مرة، يمثّل على الأرجح الحدّ الأدنى من الحركة المطلوبة لحماية الصحة
الدراسة الصغيرة التي شارك بها 16 من الموظفين في المكاتب، من متوسطي العمر، والمعرضين لمخاطر الإصابة بالسكري (النمط الثاني)، تشير إلى أن ذلك الشكل من الحركة البدنية كل نصف ساعة ولمدة 3 دقائق في كل مرة، يمثّل على الأرجح الحدّ الأدنى من الحركة المطلوبة لحماية صحة الجسم ونظام الأيض لدى الإنسان. فبينما يرى الباحثون أن 15 خطوة، مرة كل نصف ساعة، بداية جيدة للحفاظ على الصحة، إلا أنه لا يجب الاكتفاء بذلك القدر الضئيل من الحركة يوميًا للحفاظ على صحة جيدة على المدى الطويل.
يعاني العديد من الناس معاناة يوميّة بسبب ساعات الجلوس الطويلة. فبحسب دراسة وبائية في الولايات المتحدة، تبين أن البالغين الأمريكيين يجلسون بما معدله ست إلى ست ساعات ونصف يوميًا، وعادة ما يكون ذلك دون استراحة أو حركة بدنية، كالوقوف أو المشي الخفيف بين تلك الساعات، وتشير الدراسة إلى أن هذه الظاهرة قد تفاقمت منذ تفشي جائحة كوفيد-19. كما تشير البيانات الأولية إلى أن العديد من الناس أقل حركة حاليًا مقارنة بالعام 2019 قبل الجائحة، خاصة للأشخاص الذين لديهم أطفال ووظائف.
الجلوس المزمن اليومي يؤثر بشكل كارثي على الصحة وصحة نظام الأيض لدى الإنسان
هذا النمط من الجلوس المزمن اليومي يؤثر بشكل كارثي على الصحة وصحة نظام الأيض لدى الإنسان، إذ يشير مؤلفو الدراسة إلى أنّ "كل ساعة يقظة يقضيها الإنسان في وضع خامل (جالسًا أو مستلقيًا) تزيد من خطر التعرض لمشاكل الأيض، أو ما يعرف باسم "متلازمة الأيض"، التي تزيد من فرص التعرض لأمراض القلب والسكري من النمط الثاني وارتفاع الضغط وزيادة مستويات الدهون والكوليسترول. فالعضلات المترهّلة هي مصدر الخطر، خاصة عضلات الساقين، التي تمثل الجزء الأكبر من تجمع العضلات في الجسم، فحين لا تتحرك العضلات وتنقبض، فإنها لا تستهلك سوى حد أدنى من الطاقة ولا تسحب سوى نسبة قليلة من السكر في الدم. وفي تلك الحالة، فإنها كذلك لا تطلق المواد البيوكيماوية التي تساعد على التخلص من الأحماض الدهنية في الدم. وهكذا، فإن جلوسنا الدائم والتصاقنا بالمكاتب يؤدي إلى تراكم سكر الدم والكولسترول في الدم.
اقرأ/ي أيضًا:
كيف تحمي أطفالك من الاستغلال الجنسيّ على الإنترنت؟
لماذا يستبعد خبراء أن تصبح أمريكا "ترسانة لقاحات من أجل العالم"؟