ألترا صوت - فريق التحرير
قام إيلي فينكل، أستاذ علم النفس بجامعة نورث وسترن، بتأليف كتاب محاولًا الإجابة عن سؤالي: ما الذي نريده من الزواج؟ وكيف يكون ناجحًا أو فاشلًا؟. الكتاب الذي جاء بعنوان "كل شيء أو لا شيء: كيف يكون الزواج الناجح؟"، يستكشف فيه الكاتب أفضل الخيارات التي يمكن أن تقودنا إلى زواج ناجح وواقعي في نفس الآن.
في عصرنا الحالي أصبح الناس يتطلعون إلى الزواج كطريق لاكتشاف الذات والإحساس بالثقة وتحقيق النمو الشخصي
يقول إيلي فينكل إن الزواج يختلف اليوم عمّا كان عليه الحال سابقًا، فعندما كانت المجتمعات تعيش على الريع، كانت المتطلبات الرئيسية للناس في زواجهم تدور أساسًا حول أشياء مثل الغذاء والمأوى والحماية من العنف، كوسيلة للبقاء على قيد الحياة، وبعد التحول من حياة الريف إلى التحضر، صار الزواج مصاحبًا للاحتياجات الحميمة مثل الحب، والمودة، وتجربة الحياة الجنسية بأشكالها الثرية.
اقرأ/ي أيضًا: كيف أطور علاقتي بحبيبي وصولًا للزواج؟
أما في عصرنا الراهن فقد أصبح الناس يتطلعون أكثر فأكثر إلى الزواج كطريق لاكتشاف الذات والإحساس بالثقة وتحقيق النمو الشخصي. لقد بات "استكشافًا ممتعًا متبادلًا بين الأنفس الثرية والمعقدة"، بتعبير عالم الاجتماع روبرت بيلاه، حيث يشكل الحب والصداقة العميقة جزءًا كبيرًا منه.
إن هذا التاريخ التطوري للزواج يتشابه إلى حد كبير مع هرم ماسلو الشهير في علم النفس، الذي يقسم الحاجات الإنسانية إلى خمسة مستويات متسلسلة، تبدأ بالحاجات الفسيولوجية مثل الجنس والأكل والشرب، تليها الحاجة إلى الأمن والأمان ، ثم الرغبة في الانتماء والحب، وبعدها الاحترام والتقدير، وأخيرًا الحاجة إلى تحقيق الذات. بحيث لا يتم الانتقال من مرحلة إلى الأخرى إلا بإشباع الحاجة السابقة.
"هذا الأمر بحد ذاته ليس جيدًا ولا سيئًا" يقول إيلي فينكل بشأن هذا التطور الحاصل لمفهوم الزواج والتوقعات المنتظرة منه، فبقدر ما زادت المكاسب النفسية المحتملة، أصبح تحقيقها أكثر صعوبة، إذ على الرغم من أن تلبية الاحتياجات ذات المستوى الأعلى تعطي مزيدًا من السعادة والصفاء وعمق الحياة الداخلية، فإنها تفرض على الناس الذين يسعون إلى تلبية تلك المستويات الأعلى في زواجهم، أن يستثمروا مزيدًا من الوقت والطاقة بشكل كبير لتجويد علاقتهم بشكل مستمر.
تلعب الظروف الاجتماعية والاقتصادية دورًا مؤثرًا في مدى إمكانية ازدهار الزواج ونجاحه، أو فشله
وهنا تكمن مخاطر الزواج الحديث، فإما أن يقود إلى النجاحات الكبيرة أو إلى خيبات الأمل الكبيرة، فالأفراد الذين يستطيعون استثمار ما يكفي من الوقت والطاقة في شراكتهم يشهدون منافع غير مسبوقة.
اقرأ/ي أيضًا: 8 عادات سيئة تقتل الزواج
وحسب دراسة سوسيولوجية لجيفري ديو وفريقه، أظهرت أن الأزواج الذين "قضوا الوقت بمفردهم مع بعضهم البعض أو التحدث أو المشاركة في نشاط مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، كانوا أكثر عرضة بثلاث مرات على الأقل ليكونوا سعداء جدًا في زواجهم مقارنة مع الأزواج العاديين".
ورغم أن هذه الخاصية ليست ظاهرة اجتماعية مقتصرة على فئة محددة من الناس، إلا أن لها بعدًا اجتماعيًا واقتصاديًا مريبًا، فالطبقات محدودة الدخل، عادة لا تجد الوقت أو الموارد اللازمة لبناء روابط زوجية قوية تلبي التوقعات العليا للزواج الحديث، ولذلك ينتهي كثيرٌ منها بالفشل والطلاق، بعكس الفئات الثرية التي لها حظوظ أوفر للوصول إلى الحياة الزوجية السعيدة، أما بالنسبة للطبقات الاجتماعية شديدة الفقر فغالبًا ما يستمر زواجها، فقط لغياب خيار آخر، بغض النظر عن مدى سوء العلاقة، خاصة بالنسبة للمرأة.
وهكذا فإن الظروف الاجتماعية والاقتصادية تلعب دورًا في مدى إمكانية ازدهار هذا الزواج من عدمه، ومع ذلك يحث فينكل ذوي الظروف الاقتصادية المتواضعة بالعمل ما أمكن على توفير بعض الوقت والجهد لتحسين علاقاتهم الزوجية، وإذا تعذر ذلك فهو ينصح بالتركيز على زراعة روابط حميدة وتخفيض توقعاتنا بشأن مسألة تحقيق الذات في الزواج.
ويلفت أستاذ علم النفس إيلي فينكل، إلى أن الزواج الحديث لا يقتصر فقط على ما يحصل عليه المرء؛ هو أيضا يتعلق حول ما يعطيه المرء لشريكه الآخر، فهو "شارع ذو اتجاهين"، كما يُعبّر، إن كنا نبحث عن الزواج الذي يساعدنا على التعبير عن الذات ويوصلنا إلى النمو الشخصي المستمر.
على الراغبين في نجاح زواجهم استثمار مزيد من الوقت في العطاء المتبادل ومعرفة الآخر ومتطلباته واحتياجاته
وسر ذلك يكمن، حسب الكاتب، في استثمار الوقت والطاقة في معرفة نفسك، والتعرف على شريك حياتك، والتعرف على الديناميكيات للعلاقة بينكما، ومن ثمة العمل وفقا لذلك على مساعدة بعضكما البعض على النمو والعيش حياة حقيقية.
اقرأ/ي أيضًا:
8 طرق تحافظين بها على الحب في العلاقة الزوجية