16-يوليو-2024
انشقاق دبلوماسي كوري شمالي

(AP) قناة في كوريا الجنوبية تعرض صورة للدبلوماسي المنشق

قالت وسائل إعلام إن دبلوماسي كوري شمالي كبير يعمل في كوبا انشقّ إلى كوريا الجنوبية في تشرين الثاني/نوفمبر، وذلك قبل أشهر من إقامة سيول وهافانا علاقات دبلوماسية، وفقًا لما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الاستخبارات الكورية الجنوبية.

ونقلت الوكالة الفرنسية عن مصدر في الاستخبارات الكورية الجنوبية، اليوم الثلاثاء، أن ري إيل كيو انشقّ إلى كوريا الجنوبية مع زوجته وأطفالهما في بداية تشرين الثاني/نوفمبر، ما يجعل منه أعلى دبلوماسي كوري شمالي ينشق إلى الجنوب منذ فرار نائب سفير بيونغ يانغ لدى لندن، ثاي يونغ هو، في عام 2016.

وكان الدبلوماسي ري مسؤولًا عن الشؤون السياسية في السفارة الكورية الشمالية في كوبا منذ 2019، وكانت مهمته "عرقلة إقامة علاقات دبلوماسية بين كوريا الجنوبية وكوبا"، وفقًا لصحيفة "تشوسون ديلي" الكورية الجنوبية.

تلقى تقييمًا غير عادل

وفي مقابلة حصرية مع "تشوسون ديلي"، قال الدبلوماسي الشمالي إنه قرر الانشقّاق بعدما رفضت بيونغ يانغ طلبه للحصول على علاج طبي من إصابة في المكسيك، إذ لم يتمكن من تلقي العلاج اللازم في كوبا بسبب نقص المعدات المتخصصة.

وأضاف بأنه تلقى تقييمًا غير عادل على أدائه بعدما رفض طلب الحصول على رشوة من مسؤول كبير في وزارة الخارجية الكورية الشمالية في 2019 لمناقشة مشروع افتتاح مطعم كوري شمالي في كوبا.

قال الدبلوماسي الشمالي الكبير إن خيبة الأمل بالنظام الكوري الشمالي والمستقبل القاتم دفعته إلى التفكير في الانشقاق

وتابع مشيرًا إلى أن: "كل كوري شمالي يفكر مرة واحدة على الأقل في حياته في العيش في كوريا الجنوبية"، ومضى بالقول: "دفعتني خيبة الأمل بالنظام الكوري الشمالي والمستقبل القاتم إلى التفكير في الانشقاق".

وأكّد ري أنّ وزير الخارجية السابق في كوريا الشمالية، ري يونغ-هو، وعائلته أرسلوا إلى معسكر للأسرى السياسيين في كانون الأول/ديسمبر 2019 "بشبهة الفساد"، وذلك في إطار قضية رشوة تتعلق بسفارة كوريا الشمالية في بكين.

وأكّدت الاستخبارات الكورية الجنوبية للوكالة الفرنسية: "صحة انشقاق مستشار الشؤون السياسية في سفارة كوريا الشمالية في كوبا"، من دون أن تضيف المزيد من التفاصيل.

توثيق 196 انشقاقًا في العام الماضي

وسبق أن تحدّثت وزارة التوحيد في كوريا الجنوبية عن عدد متزايد من الانشقاقات من قبل أفراد في الطبقة الحاكمة في كوريا الشمالية بلغ نحو 10 من أصل 196 حالة انشقاق مسجلة في العام 2023، وهو أعلى رقم منذ سنوات.

وبعد ثلاثة أشهر من التاريخ المفترض لانشقاق ري، أعلنت كوريا الجنوبية وكوبا الشيوعية، وهي من أقدم حلفاء بيونغ يانغ، إقامة علاقات دبلوماسية.

وكانت الاستخبارات الكورية الجنوبية قد أكدت في أيار/مايو الماضي أن بيونغ يانغ تعد لهجمات "إرهابية" تستهدف موظفين حكوميين ومواطنين كوريين جنوبيين في الخارج. وعلى إثر ذلك، رفعت وزارة الخارجية مستوى التأهب لبعثاتها الدبلوماسية في خمس دول.

وتقول الاستخبارات الكورية الجنوبية إن بيونغ يانغ تسعى للردّ على سلسلة من الانشقاقات لكوريين شماليين في مناصب عالية اضطروا إلى البقاء في الخارج خلال جائحة فيروس كورونا، ثم عملوا على تجنّب العودة إلى بلدهم بعد تخفيف القيود على الحدود.

تنديد أممي بنظام العمل القسري الشمالي

وفي سياق متصل، ندّدت الأمم المتحدة بنظام العمل القسري المتغلغل عميًقا في مؤسسات كوريا الشمالية، مشيرةً إلى أنه قد يصل في بعض الحالات إلى حدّ العبودية، وهو ما يُعد جريمة ضد الإنسانية.

وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في تقرير دامغ، إنّ سكان شبه الجزيرة المعزولة يخضعون "للسيطرة والاستغلال من قبل نظام شامل من العمل القسري على مستويات عدة".

وأوضح مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في بيان، أنّ الشهادات الواردة تقدّم: "نظرة صادمة ومؤلمة حول المعاناة التي يسببها العمل القسري سواء من حيث حجمها أو مستوى العنف والمعاملة اللاإنسانية".

وأضاف أن: "هؤلاء الأشخاص مجبرون على العمل في ظروف لا تُطاق، وفي أكثر الأحيان في قطاعات خطرة دون أجر ودون أن يكون لديهم خيار أو إمكانية للمغادرة، ودون حماية ولا رعاية طبية ولا إجازة ولا طعام ولا مأوى".

الحدود بين الكوريتين
الحدود بين الكوريتين

وذكر التقرير أنّ عددًا كبيرًا منهم يتعرض للضرب بانتظام فيما النساء: "معرّضات باستمرار لمخاطر التعرض للعنف الجنسي".

واستندت المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى مصادر مختلفة لإعداد هذا التقرير بما في ذلك 183 مقابلة أُجريت ما بين عامَي 2015 - 2023 مع ضحايا وشهود تمكّنوا من الفرار من كوريا الشمالية والعيش في الخارج.

وركّز التقرير الذي نُشر، اليوم الثلاثاء، على نظام مؤسسي مبني على ستة أنواع مختلفة من العمل القسري، بما في ذلك أثناء الاحتجاز والتجنيد العسكري الذي لا تقل مدته عن عشرة أعوام.

وتوجد كذلك وظائف إلزامية تحددها الدولة، فيما يتم اللجوء إلى ما يُسمى "كتائب الصدمة" الثورية، وهي مجموعات من المواطنين تنظمهم الدولة وتُجبرهم على أداء "أعمال يدوية شاقة" غالبًا في البناء والزراعة، بحسب التقرير.

ولفت التقرير إلى وجود أشكال أخرى من التعبئة القسرية على غرار إرسال عمال إلى الخارج للحصول على عملة أجنبية تخضع لرقابة صارمة.

جريمة ضد الإنسانية

وتقول الأمم المتحدة إنّ نظام العمل القسري هذا: "يعمل كوسيلة تسمح للدولة بالسيطرة على السكان ومراقبتهم وتلقينهم أيديولوجيتها".

وأضاف التقرير أنّه: "في بعض الحالات، يمكن أن يصل مستوى السيطرة ونوع المعاملة ومستوى الاستغلال لأولئك الخاضعين للعمل القسري، إلى مستوى التملك"، ما يمكن أن: "يشكّل جريمة ضد الإنسانية".

ذكر التقرير أنّ عددًا كبيرًا من العمال الكوريين الشماليين يتعرضون للضرب بانتظام، فيما النساء معرّضات باستمرار لمخاطر التعرض للعنف الجنسي

وتؤكد الأمم المتحدة على أنّ أكثر ما يثير المخاوف الكبرى في أماكن الاحتجاز فرض العمل باستمرار على ضحايا العمل القسري تحت تهديد العنف الجسدي وفي ظروف لاإنسانية، إذ تُحدّد كوريا الشمالية لمواطنيها أماكن إقامتهم وسكنهم بعد انتهاء دراستهم أو خدمتهم العسكرية.

ووفقًا للأمم المتحدة، فإنّ هذا النظام يستوفي كافة معايير "العمل القسري المؤسسي"، ووجّهت دعوة لكوريا الشمالية من أجل: "وضع حد للعمل القسري بكل أشكاله.. وللعبودية وممارساتها.. وإلغاء اللجوء إلى عمالة الأطفال".

وطالبت المجتمع الدولي بـ:"ضمان بذل العناية الواجبة في أي تعامل اقتصادي" مع كوريا الشمالية، وضمان أن يكون أي عمل يقوم به الكوريون الشماليون في الخارج: "طوعيًا بطبيعته ويكافأ بأجور مناسبة للعمال ويُنفّذ في ظروف عمل لائقة"، كما دعا التقرير مجلس الأمن الدولي إلى إشراك المحكمة الجنائية الدولية في هذه القضية.