يُخصص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعية للفنّ التشكيليّ كي يحدّثنا أهله عن عوالمهم ومعنى أن نكون فنّانات وفنّانين. إنها محاولة لاكتشاف التجارب عبر العودة إلى بداياتها، والوقوف على تحولاتها وما ظل ثابتًا فيها، مما يجعلها مقاربة للسيرة، أو نبشًا في خلاصتها.
غيلان الصفدي فنان تشكيلي سوري من مواليد مدينة السويداء عام 1977. تخرّج من قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق عام 2002، وأقام العديد من المعارض الفردية داخل سوريا وخارجها، كما شارك في عشرات المعارض الجماعية.
تتميّز تجربة الصفدي في رسمه للوجوه التي تحضر في لوحاته بأشكال مختلفة في الظاهر، لكنها تتشارك الكآبة والحيرة، وذلك بالإضافة إلى الحشود البشرية التي تحضر في سياقات كرنفالية أحيانًا، وتبدو محاطة بمأساة ما في أحيانٍ أخرى.
- متى وجدت نفسك فنانًا؟ وما الذي يعنيه ذلك؟
أرسم منذ أن كنت صغيرًا. كانت الألوان عالمًا ساحرًا بالنسبة لي، وقد فزت بالجائزة الأولى في مسابقة الرسم تحت رعاية مجلة "أسامة للأطفال" بعمر 4 سنوات.
أحاول أن أكون فنانًا. أعشق الرسم ببساطة، ولم أفكر يومًا بمعنى أن يكون الفرد فنانًا. أعبّر عن نفسي وأستمتع. وربما الفنان هو الذي يعبّر عن الأشياء بطريقته الخاصة، أو يخلق عالمًا مستوحى من العالم المحيط به، ولكن بطريقته.
- ما هو الشكل الفني الذي انشغلت فيه، ولماذا هو بالذات؟
الفن اليوم أصبح خارج أُطر المدارس أو التأطير بمنحىً معين. أعتقد أنني أميل إلى التعبيرية إلى تستند إلى المبالغة وأحيانًا الكوميديا السوداء أو مسرحية اللوحة. بالنسبة لي، التعبيرية تعبّر عن الإنسانية مع مبالغة مقصودة أحيانًا في اللون والشكل والتصريح الفني، لتكثيف المناخ النفسي.
- هل يعتمد منتجك الفني على الاستيراد من العالم الخارجي أم على التصدير من عالمك الداخلي؟
أعتقد أن هناك علاقة متبادلة بين العالم الخارجي وعالمي الخاص الداخلي، وطريقتي في التعبير عن رؤيتي الخاصة تجاه الحدث أو الفعل. أعتقد أنهما يكملان بعضهما، مزيج بين الداخل والخارج ورأي الفنان بأي حدث أو شعور أو فكرة يريد التعبير عنها.
- هل هناك نقاط تحول أثرت بإنتاجك، سواء كانت أعمالًا فنية أو أشخاصًا أو كتبًا؟
الكثير من الأشياء أثّرت عليّ، وكانت نقاط تحول أو ربما تطوّر. تجربة الفنان تتطوّر بالكتب والروايات والموسيقى والأحداث اليومية والمناخ السياسي والاجتماعي. إنه يتأثر دومًا بالمناخ والمحيط، ويعبّر عن الأمر بطريقته. لكن أكثر ما أثّر على تجربتي هو الكتب والموسيقى والمسرح، خصوصًا مسرح الدمى والمسرح الإيطالي الكلاسيكي الذي يعتمد على الأقنعة.
- إذا كان العمل الفني لغة بصرية فما هي مفردات هذه اللغة؟
العمل الفني لغة مستقلة بحد ذاتها؛ لغة بصرية تعتمد على عناصر اللوحة المكونة من الخط والفراغ والشكل والكتل، وأعتقد أن قراءتها تتم عبر طريقتين: طريقة مختصة تتعلق باللون والكتلة والفراغ، وأخرى ترتبط بما يثيره العمل الفني من متعة بصرية لدى المتلقي الذي يحاوره ويحرّض باطنه. العمل الفني الصادق يصل للجميع، كلٌ حسب قراءته وثقافته ومزاجه. إنها لغة بسيطة وعميقة في الوقت نفسه.
- ما الذي تغير فيك؟ وما الذي ظل ثابتًا؟
الذي تغير فيّ هو أن تجربتي الفنية أصبحت أكثر نضجًا، وكذلك مفهوم العمل، بسبب الخبرة التي تُكتسب مع تقدم العمر والتجربة، فالعمل الفني تجربة متواصلة لا تنتهي إلا بموت الفنان. إنها في تطور مستمر. أما الذي بقي ثابت، فهو الطفل الذي في داخلي، والذي لا يزال يستمتع باللون والرسم.