ألترا صوت – فريق التحرير
افتتح أمس الاثنين معرض الفنان الجزائري قادر عطية، في المتحف العربي للفن الحديث في الدوحة، ويستمر حتى 31 آذار/مارس 2022.
وجاء في كلمة المعرض: "شهد التاريخ الحديث والمعاصر بعضًا من أضج المآسي التي مرّت على البشرية، والحقبة الراهنة متأثرة بما خلّفته تلك الأحداث من ذكريات مؤلمة. كما أدّت عوامل الاستعمار والاضطهاد السياسي والدمار البيئي إلى موجات هجرة ضخمة عبر القارات، وهو ما أدخل تحوّلات على النسيج الاجتماعي في كافة أرجاء العالَم. إلا أن الأيديولوجيات وأنظمة الحكم المعمول بها في عصرنا الحالي تواصل غالبًا خلق فضاءات من الصَّمت تؤدي إلى طمس الكثير من تلك السرديات التاريخية".
يُعالِج المعرض مفهوم الصَّمت، من خلال مجموعة أعمال تستحضر تأملًا معمقًا في تلك الصدمات التي تلت الاستعمار وما ينطوي على ذلك من حالة "إصلاح" نفسي
يُعالِج المعرض مفهوم الصَّمت، تلك الظاهرة التي تستدعي الصراخ، من خلال مجموعة أعمال تستحضر تأملًا معمقًا في تلك الصدمات التي تلت الاستعمار وما ينطوي على ذلك من حالة "إصلاح" نفسي. التركيز على الأعمال التي أنتجها الفنان على مدى العِقدين الماضيين، يساهم بسرد المعرض لقضايا تؤثّر على الإنسانية بأسرها، ولكن مع الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تشهد حالة من "الصَّمت المطبق" في قضايا ثقافية واجتماعية وتاريخية والتابوهات التي تقلص فضاءات التعبير وتجعلها بمثابة تحديات في الحياة العامة والنقاش السياسي.
اقرأ/ي أيضًا: معرض عفيفة لعيبي.. بانوراما فنية تسبر أغوار الإنسان
تم تنظيم هذا المعرض خصيصًا للدوحة، وهي مدينة عالمية للسفر، متعددة الثقافات ومستمرة التأقلم والتكيف على الدوام مع التطورات الاجتماعية والسياسية في المنطقة والعالَم. يسعى المعرض إلى دفع الجمهور لتقصّي مواضيع التراث والتطلع، والعهود والاعتداء، والاستعمار والتحرير، ومفهوم المحلي والعابر للحدود. وإلى جانب هذه المواضيع، تطرح أعمال قادر نقاشات بخصوص البيئة وعلاقتنا المادية وغير المادية بالكون. أما القاسِم المشترَك الذي يربط إنتاجه الفني هو التركيز على إمكانية الصَّمت القسري أن يؤدي للاضطهاد والصدمة، وكيف يمكن أحيانًا كسر هذا الصَّمت خلال لحظات ثورية تأتي كردّ فعل على حالة الظلم.
يضمّ المعرض عملين رئيسين تم إنتاجهما خصيصًا لقاعات المتحف. الأول هو "تشابك الأشياء" والذي ينطوي على فيلمٍ ونِسخٍ شبه الأصل من منحوتات أفريقية، ويستقصي الجدل المعقَّد المرتبط بإعادة الأعمال الفنية واللقى الأثرية التي تم الاستحواذ عليها من القارة الأفريقية خلال حقبة الاستعمار. أما الثاني "عن الصَّمت" فهو عمل تركيبي مكوّن من أطراف صناعية تُجسِّد وسيلة من وسائل علاج ضحايا فقدوا أطرافهم في مناطق النزاعات. يُمثل هذا العمل، الذي صُمِّم لقلب المعرض، دعوة للزوار للتفكير بالمواضيع المطروحة ومحفِّزًا قويًا للنقاش والتأمل. وإلى جانب الصوت والحركة والخيال والمشاعر، يستحضر هذان العملان مفهوم الصَّمت باعتباره حالة ضرورية لكل حوار.
وُلد قادر عطية في بلدة دوغني شمال باريس عام 1970، ونشأ متنقلًا بين الجزائر وفرنسا. تخرّج من كلية دوبيريه في العاصمة الفرنسية عام 1993، وكلية ماسانا في برشلونة عام 1994، والمدرسة الوطنية العليا للفنون الزخرفية في باريس عام 1998، قبل أن يمضي عدة سنوات في كلٍّ من الكونغو وأمريكا الجنوبية.
يستخدم عطية في أعماله خامات ووسائط متعددة مع إحالات لمفاهيم نظرية ومواد أرشيفية تستقصي الأنظمة الفكرية والأيديولوجيات
يستخدم عطية في أعماله خامات ووسائط متعددة مع إحالات لمفاهيم نظرية ومواد أرشيفية تستقصي الأنظمة الفكرية والأيديولوجيات. سَبْره لكينونة كل ما هو ماديّ وغير ماديّ في الحضارات التقليدية يأتي ليطرح أسئلة بخصوص أشكال الإرث الاستعماري في مجتمع اليوم والتي تُبدِّل سرديات التاريخ وتزعم امتلاك ما ليس لها. كما تُسلّط أعمال عطية الضوء على قضايا معاصرة، ولا سيما الهوية الثقافية والهجرة والنوع الاجتماعي والسياسة.
اقرأ/ي أيضًا: ريم سعد.. رحلة عين مستنيرة
أسَّس عطية في باريس عام 2016 فضاءً للحوار وتبادل الخبرات يهتم بتفكيك الفكر الاستعماري، ويُركز على الإعلاء من شأن أصوات الفنانين والمفكرين المهمَّشين. كما نال جائزة مارسيل دوشامب عام 2016، وجائزة خوان ميرون عام 2017؛ وجائزة يانغهيون الفنية عام 2017، وجائزة أبراج كابيتال للفنون عام 2010، وجائزة بينالي القاهرة عام 2008. يُقيم ويعمل متنقلًا بين ألمانيا وفرنسا.
اقرأ/ي أيضًا:
معرض "يوميات عراقية" في الدوحة.. فيصل لعيبي راويًا
فيرجيل أبلوه في معرضه "إبداع بلا حدود".. تحدي التوقعات السائدة