04-أكتوبر-2024
الشرق الأوسط

سرب طيور يحلق فوق أنقاض المنازل في غزة (رويترز)

رأى خبراء ومحللون أن التوجه نحو حرب إقليمية في الشرق الأوسط قد بدأ فعلًا، وذلك بعد الهجوم الصاروخي غير المسبوق الذي شنته إيران، واستهدف قواعد عسكرية للجيش الإسرائيلي في عموم الأراضي المحتلة، بما في ذلك الضفة الغربية المحتلة، في الوقت الذي قالت "إسرائيل" إن ردها سيكون "قاسيًا".

وتعاني منطقة الشرق الأوسط أساسًا توترًا شديدًا منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قبل عام، غداة تنفيذ حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بالاشتراك مع الفصائل الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، استهدف المستوطنات الإسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ماهي خيارات "إسرائيل"؟

ووصفت طهران هجومها ضد "إسرائيل" الذي استخدمت فيه حوالى 200 صاروخ باليستي، بأنه انتقام لاغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، إسماعيل هنية، نهاية تموز/يوليو الماضي، بالإضافة إلى اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، في غارة شنت على ضاحية بيروت الجنوبية الشهر الماضي، والتي أسفرت أيضًا عن اغتيال القيادي البارز في الحزب، علي كركي، والقيادي في "فيلق القدس"، عباس نيلفروشان.

تعاني منطقة الشرق الأوسط أساسًا توترًا شديدًا منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قبل عام

وسارع رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى القول بعيد الهجوم، إن "إيران ارتكبت خطأ فادحًا"، وأضاف أنها "ستدفع الثمن"، فيما نقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مسؤولين إسرائيليين، إن الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني سيكون في غضون أيام، وقد يستهدف منشآت إنتاج النفط داخل إيران ومواقع استراتيجية أخرى.

ويرى أحد مدراء مرصد شمال إفريقيا والشرق الأوسط في مؤسسة "جان جوريس"، ديفيد خالفا، أن الإسرائيليين "مضطرون (إلى الرد) بسبب حجم (الهجوم)، ونظرًا إلى أن ثمة تبدلًا في طبيعة الأهداف" في الهجوم الإيراني.

فيما أشار الخبير بشؤون إيران في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن، داني كيتينوفيتس، إلى أن هذه الأيام، هي "مرحلة أعياد (يهودية)، والوقت غير مناسب للرد، لكنه سيأتي سريعًا على الأرجح"، وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية.

وبحسب الوكالة الفرنسية، يقول خالفا إنه منذ الهجوم الإيراني تتحدث عدة أطراف في "إسرائيل" وبينهم أعضاء في الحكومة عن "فرصة تاريخية متاحة أمام إسرائيل لتصفية الحساب نهائيًا مع النظام الإيراني"، موضحًا أن إيران و"إسرائيل"، وبعد توتر متواصل منذ عقود، "لم تعودا في مواجهة كامنة بل أصبحتا في حرب مفتوحة" قد تتحول إلى "حرب استنزاف إقليمية".

ومن بين الخيارات المتاحة، يتداول خبراء ووسائل إعلام عبرية احتمال شن ضربات على مواقع استراتيجية أو حتى هجوم سيبراني، فيما تحدث الرئيس الأميركي، جو بايدن،  أمس الخميس، عن "مباحثات" جارية حول ضربات محتملة على منشآت نفطية إيرانية.

أي توجه؟

يقول كريتونوفيتس، إن إيران "قامت بحساباتها وأكد (مسؤولوها) أنهم جاهزون"، مشيرًا إلى أن الرد الإيراني على ضربات إسرائيلية محتملة "سيكون سريعًا"، وتوقّع أن "المطاف سينتهي بسعي الطرفين إلى حل سياسي"، معتبرًا أن الولايات المتحدة، وكذلك فرنسا، وتحديدًا في لبنان، يمكنهما لعب دور حاسم في التهدئة.

من جهتها، ترى مديرة برنامج الأبحاث حول إيران في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن الوطني، سيما شين، أن "قدرتها (إيران) على التدمير مثبتة"، وأضافت "يمكنها إرسال أكثر من 200 صاروخ، لا بل 300 ولديها مسيّرات أيضًا"، وأضافت "يمكنها أيضًا محاولة تنفيذ عمليات إرهابية في الخارج"، مشيرة إلى "إمكان حدوث هجمات على بعثات دبلوماسية إسرائيلية أو مراكز منظمات يهودية"، وفق قولها.

ويرى محللون أنه مع كل عتبة جديدة يتم تجاوزها، تزيد مخاطر اندلاع حرب إقليمية، رغم تأكيد "إسرائيل" وإيران لأكثر من مرة أنهما لا ترغبان بالدخول في دوامة عنف والرد والرد المضاد.

التأثير على الانتخابات الأميركية

وفي سياق متصل، خيّم النزاع في الشرق الأوسط إلى حد كبير على حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية على مدى العام الماضي، ومع تصاعد حدة التوتر الآن، يمكن أن يغيّر نتيجة الاقتراع المرتقب في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، المشهد السياسي في الشرق الأوسط.

وقال الرئيس السابق والمرشح الجمهوري، دونالد ترامب، في إطار مناشدته للناخبين اليهود الأميركيين للتصويت له، إنه إذا لم ينجح في الانتخابات، "فستكون الخسارة إلى حد كبير مرتبطة باليهود"، وهي تصريحات اعتبرت على الفور معادية للسامية.

وردت "اللجنة الأميركية اليهودية" على تصريحات ترامب، مشيرةً إلى أن "قول [خسرنا بسبب اليهود] أمر شنيع وخطير"، بينما دان "المجلس اليهودي للشؤون العامة" استخدامه "عبارات معادية للسامية".

وفي المقابل، على اعتبارها مرشحة الحزب الديموقراطي المنقسم حيال تحركات "إسرائيل" في الشرق الأوسط، تحاول هاريس تحقيق موازنة صعبة، وسارت على خطى بايدن عبر التعهد بدعم "إسرائيل"، قائلة إنها "ستضمن دائمًا بأن إسرائيل تملك القدرة على الدفاع عن نفسها".

وحذّر الخبير السياسي في جامعة ميشيغان، مايكل تروغوت، من أن "المخاوف حيال مصير الفلسطينيين يمكن أن يكون لديها تأثير على نتيجة السباق (انتخابات الرئاسة الأميركية) هناك"، لافتًا إلى أن التوغلات الإسرائيلية والقصف الجوي على لبنان يمكن أن يكون له تأثير إضافي، رغم أنه "ما زال من المبكر جدًا تحديد ذلك".