أقدم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على تقديم اعتذار مركب ما بين الرسمي والشخصي لرئيس السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس، بناء على "سوء فهم" حصل ما بين جنود الأول، أعضاء اللواء المدرع 188 وعناصر من وحدة جولاني برفقة عدد من رجال المخابرات/الشين بيت، وعناصر الحراسات الشخصية من جهاز حرس الرئاسة الفلسطيني، الموكل لهم حماية دارة الرئيس عباس.
كانت القوة الإسرائيلية قد توجهت إلى جوار منزل عباس لتنفيذ مهمتها في التفتيش والتنكيل والاعتقال بناء على خطة أمنية مسبقة
بالتأكيد لم يحصل "التناقض" في المهمات إلا نتيجة للمفاجأة التي وقعت على رؤوس حراس الرئيس، حينما وجدوا أنفسهم محاصرين بدوريات "الطرف الآخر" في منطقة المربع الأمني، إذ اتضح أن للرئيس حصة أيضًا في جيرة المقاومين، وكانت القوة الإسرائيلية قد توجهت إلى جوار منزل عباس لتنفيذ مهمتها في التفتيش والتنكيل والاعتقال، بناء على خطة أمنية مسبقة، تشتمل على كامل التفاصيل الجغرافية والديمغرافية للمنطقة المستهدفة، حتى أن جنود الاحتلال يتدربون على نماذج كرتونية/ديكورات وجدران مؤقتة، تحاكي البيئة التي سيتوجهون إلى تنفيذ عملياتهم الأمنية فيها.
الحكاية التي تم تداولها عبر أثير غاليه تساهل/غالاتس، أي إذاعة جيش الاحتلال بعد أن أقدمت مواقع مقربة من رجالات المخابرات الإسرائيلية على نشر تفاصيل تفاوتت في وضوحها وشكل عرضها للمعلومات عن عمليتي الاقتحام ومن ثم الانزعاج المتبوع بالاعتذار الصادر عن نتنياهو. بالتالي لم يقم راديو الجيش بتقديم أي معلومات أو تفاصيل صادرة عن الجيش، ولا حتى الكشف عن نص الاعتذار الموجه من نتنياهو لعباس، أو الكشف إن كان شفويًا أو مكتوبًا، مما يثير التساؤلات عن طبيعة الموقف الإسرائيلي من المسألة -خاصة أن لا خطوات عفوية لجيش الاحتلال- ومدى تقبل مكتب نتنياهو للانزعاج الذي أبداه عباس نتيجة وصول جنود الاحتلال جدار بيته، علمًا أن للفلسطيني من الاعتياد على النهوض من فراشه على وقع بساطير وبنادق الاحتلال اليسير والكثير من الحكايا.
ووفقًا لتصريحات أحد ضباط العملية المعنية بالحديث لموقع ديفنس نيوز الأمني فإن "وجود عناصر أمن الرئاسة في ذلك المكان والتوقيت كان مفاجئًا لغرفة قيادة عمليات جيش الاحتلال في الضفة الغربية". كما توجه الضابط عينه إلى الكشف عن ملابسات المشادة الكلامية بين قيادة العملية الاحتلالية ورجال أمن الرئيس الفلسطيني، وأن الضابط الفلسطيني المسؤول كان يصرخ على الجنود قائلًا بأن هنا منزل الرئيس.
فيما شارك كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أسارير نفسه وما بعثته الحادثة من غضب لديه، قائلًا في مقابلة جمعته بالصحفية الصهيونية باربرا أوبال رومي، أن الرئيس عباس ليس بحاجة لأن يتذكر بأنه رئيس لشعب واقع تحت الاحتلال، وليتفاجأ بجنود هذا الاحتلال يجولون في حديقة منزله.
ليس غريبًا أن تثار جلبة من هذا الحجم الخجول في الأوساط الإعلامية والأمنية الإسرائيلية، فالتعامل مع الفلسطيني قائم على إنكار وجوده وجُل حقوقه، ومحاولة نفيه مستمرة كذلك. لكن أين تقع أولويات الشعب الذي بات معتادًا على اقتحام فراشه وليس فقط حديقة منزله، في تحصيل الاعتذار عن مسيرة تهجير قسري ونفي ومقتلة اقترب عمرها من القرن، بالتأكيد يأتي الاعتذار بعد رفع الحيف التاريخي الواقع على كاهل الفلسطيني في وطنه وخارجه.
اقرأ/ي أيضًا:
الجمعيات الحقوقية.. التمويل أهم من دم الفلسطينيين