ولد الشاعر نسيب عريضة (1887 - 1946) في مدينة حمص السورية، وكان من مؤسسي "الرابطة القلمية" في المهجر الأمريكي. أنشأ في نيويورك مجلة "الفنون" سنة 1913 التي لعبت دورًا كبيرًا في تقديم الأدب المهجري.
كتب عنه ميخائيل نعيمة يقول: "هذا شاعر ذو شخصية لا تندغم في شخصية أحد من الشعراء. في شعره مدى بعيد، ولشاعريته وده يميزها عن كل الوجوه، ولألحانه رنة تعرف بها بين سائر الألحان. كان في صباه فتى محدود الأفق، ولكنه لم يعتم أن ارتفع إلى النجوم وانبسط على مدي الأفق وغاص إلى أعمق اللجج".
جمعت قصائده في ديوان بعنوان "الأرواح الحائرة"، ومنه اخترنا هذه القصيدة.
كِفِّنوه!
وادْفِنوه!
أسْكِنوه
هوّة اللّحْدِ العمِيقْ.
واذْهبوا لا تنْدِبوه، فهْو شعْبٌ
ميِّتٌ ليْس يفِيقْ.
ذلّلوه،
قتّلوه،
حمّلوه
فوْق ما كان يطِيقْ.
حمل الذّلّ بِصبْرٍ مِنْ دهورٍ
فهْو فِي الذّلِّ عرِيقْ.
هتْك عِرْضٍ،
نهْب أرْضٍ،
شنْق بعْضٍ
لمْ تحرِّكْ غضبهْ
فلِماذا نذْرِف الدّمْع جزافًا؟
ليْس تحْيا الحطبةْ!
لا، وربِّي
ما لِشعْبِ
دون قلْبِ
غيْر موتٍ مِنْ هِبةْ
فدعوا التّارِيخ يطْوِي سِفْر ضعْفٍ
ويصفِّي كتبهْ.
ولْنتاجِرْ
فِي المهاجِرْ
ولْنفاخِرْ
بِمزايانا الحِسانْ
ما عليْنا إِنْ قضى الشّعْب جمِيعًا،
أفلسْنا فِي أمانْ
ربّ ثارٍ،
ربّ عارٍ،
ربّ نارٍ،
حرّكتْ قلْب الجبانْ
كلّها فِينا ولكِنْ لمْ تحرِّكْ
ساكِنًا إلا اللِسانْ.