تنتشر إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، في إسرائيل، للترويج للحصول على جوازات سفر أوروبية، وبشكل مرتفع منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مع انخفاض كبير في نسب الهجرة إلى دولة الاحتلال، ومؤشرات أولية عن هجرة عكسية من إسرائيل.
تأتي هذه الإعلانات، مع نشر وزارة استيعاب الهجرة والوكالة اليهودية، بيانات جديدة، تظهر الانخفاض الحاد، في نسب الهجرة إلى إسرائيل، طوال فترة الحرب، على عكس الفترات السابقة.
الأرقام الإسرائيلية، تكشف عن هجرة عكسية من إسرائيل، مع ظهور شركات تقدم الخدمة للحصول على جنيسات أوروبية
هجرة عكسية من إسرائيل
وكشفت المعطيات المنشورة، من وزارة استيعاب الهجرة والوكالة اليهودية، عن تراجع في عدد المهاجرين الجدد إلى إسرائيل، بناءً على "قانون العودة"، الذي يتيح لأي شخص يمتلك جذور يهودية، بالهجرة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، والحصول على جنسيتها، وهو قانون أساسي في تكوين الدولة باعتبارها "حصرية لليهود"، ويكشف عن بنية "الأبرتهايد" في دولة الاحتلال.
ووصل إلى إسرائيل حوالي ألف مهاجر في كل من شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، بينما كان يصل آلاف في الأشهر التي سبقتهما.
ووفق الأرقام الإسرائيلية، منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، هاجر 44,372 شخصًا إلى إسرائيل، بينما كان عدد المهاجرين 74,714 في العام الماضي. والغالبية العظمى من المهاجرين هذا العام وصلوا من روسيا وعددهم حوالي 36 ألفًا، بينما هاجر 2495 من الولايات المتحدة وكندا، و1678 من إثيوبيا، و1125 من أميركا اللاتينية و945 من فرنسا.
ووفق بيانات حصل عليها موقع "زمان يسرائيل"، فقد أدت الحرب الإسرائيلية على غزة، إلى ارتفاع نسبة الهجرة من إسرائيل، على الأقل في الفترة الحالية.
ووفقًا للبيانات الإسرائيلية الرسمية، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، غادر حوالي 370 ألفًا من إسرائيل، 23 ألفًا منهم منذ بداية الحرب حتى نهاية تشرين الأول/أكتوبر وحوالي 14 ألف آخرين من بداية تشرين الثاني/ نوفمبر حتى 29 من الشهر نفسه.
في الوقت نفسه، دخل إسرائيل 301,982 إسرائيليًا في تشرين الأول/أكتوبر و194,016 في تشرين الثاني/نوفمبر، أي ما مجموعه حوالي نصف مليون. وكان غالبيتهم من الذين عادوا من إجازة العطلة الصيفية.
ومن أجل تفسير الرقم، يقول موقع "زمان يسرائيل": "في أيلول/سبتمبر والأسبوع الأول من تشرين الأول/أكتوبر، أي قبل بداية الحرب، غادر إسرائيل حوالي مليون إسرائيلي، كما هو الحال في كل فترة عطلة. البعض عاد والبعض الآخر لم يعُد. وعندما اندلعت الحرب، كان حوالي 600 ألف من المصطافين والمسافرين الذين ذهبوا لقضاء العطلات لا يزالون في الخارج".
وتستمر في القول: "إذا أضفت عدد الإسرائيليين الذين سافروا إلى الخارج خلال العطلات وبقوا هناك حتى 7 تشرين الأول/أكتوبر (حوالي 600 ألف)، إلى عدد الإسرائيليين الذين غادروا البلاد خلال الحرب (حوالي 370 ألفًا)، واطرح عدد الإسرائيليين الذين دخلوا إسرائيل خلال الحرب (نحو نصف مليون)، فتبين أن عدد الإسرائيليين الذين خرجوا ولم يعودوا كان أكبر بنحو 470 ألفًا من عدد الذين عادوا".
ويلخص الموقع البيانات، بالقول: "في الوقت الحالي هي هجرة سلبية لما يقرب من نصف مليون شخص (لا يشمل ذلك آلاف العمال الأجانب واللاجئين والدبلوماسيين الذين غادروا)".
أمّا عن معدلات الهجرة، فقد كان المعدل نحو 4500 مهاجر شهريًا في المتوسط منذ بداية عام 2023 حتى اندلاع الحرب، فيما أصبحت الحصة حوالي 1000 شهريًا، وهو انخفاض يزيد عن 70% في نطاق الهجرة. وكانت أرقام الهجرة اليهودية إلى إسرائيل، قد ارتفعت بالتزامن مع اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا.
البحث عن شقة في الخارج
ومنذ بداية الحرب على غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر، رصدت تقارير إسرائيلية عدة عن نشاط متزايد من الإسرائيليين للهجرة أو امتلاك عقارات في خارج إسرائيل.
والنشاط الإسرائيلي في شراء شقق خارج دولة الاحتلال، كان قائمًا في الأساس قبل الحرب، وبحسب استطلاع أجرى في أيلول/سبتمبر، فإن حوالي 20% من الأسر الإسرائيلية كانت مهتمة بشراء شقة في الخارج، ويعود ذلك إلى الأزمة السياسية في إسرائيل وعدم اليقين الاقتصادي.
وعن نسب بيع الشقق، تحدثت واحدة من العاملات الإسرائيليات في بيع العقارات، قائلةً: إنه "خلال التعديلات القضائية، أخرج الناس أموالهم من البلاد بسبب عدم اليقين الاقتصادي. والآن يفعلون ذلك بسبب الافتقار إلى الأمن الشخصي، كما أن ذلك يجعلهم يتحركون بشكل أسرع بكثير".
كما تحدث تقرير، صادر عن القناة 12 الإسرائيلية، عن ارتفاع نسبة اللجوء من إسرائيل إلى البرتغال، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة.
ضمانة وأمان: الجواز الأوروبي والإعلانات في إسرائيل
وظهرت إعلانات في إسرائيل، من نوع "جواز السفر الأوروبي يحسن نوعية الحياة لنا ولعائلاتنا"، ويقدم الامتيازات التي يمكن الحصول عليها، نتيجة حمل الجواز الأوروبي، مثل القدرة على العيش في دول الاتحاد الأوروبي والتعليم فيه، والانتقال إلى 190 دولة في العالم دون قيود، والعمل في أوروبا، أو "مجرد التباهي أمام الأصدقاء". وقال إعلان آخر: "لا تتنازل، قم بتحسين نوعية حياة عائلتك".
وظهر إعلان آخر، يقول: "هل أنت مهتم بجواز سفر أوروبي؟ إسبانيا مفتوحة لك!"، وكل هذه الإعلانات تنشر باللغة العبرية حصرًا.
وظهر إعلان من مكتب محاماة موجود في نورديه بمنطقة سهل هشارون، وسط فلسطين المحتلة، يقول: "إذا كنت تفكر بالعيش والعمل والدراسة في أوروبا، أو تريد فقط الحصول على جواز سفر أوروبي بدون غرض خاص في هذه الأثناء، أنا هنا للإجابة على أسئلتكم. مرحبًا بك لسؤالك عن كل ما تريد معرفته عن الجنسية البرتغالية والنمساوية- التي تمكن من حرية التنقل في أوروبا".
وفي إعلان آخر، كُتب: "التحديثات الجديدة في الدستور الألماني تسهل على أحفاد اليهود الألمان الحصول على جواز سفر ألماني. لذلك لا تقل أنك لم تعرف وتعال مارس حقوقك".
وكُتب في إعلان آخر عن سبب اختيار جواز سفر "ليكن الأمر" أو "أنت تعرف"، ويفسر الإعلان ذلك، بالقول: "في البداية لم نفهم معنى هذه الإجابات الغامضة، ثم تبين لنا أننا جميعًا نبحث عن شعور بالأمان والاستعداد للمفاجآت. يمكن أن تكون هذه مفاجآت إيجابية، مثل إدراك فرصة العمل أو الدراسة بالخارج، ويمكن أن تكون مفاجآت أقل متعة أو واقعية أو خيالية. الجواز الأوروبي يجيب على هذين النوعين". وأضاف إعلان آخر: "في لعبة البوكر لا يمكنك التحكم في البطاقات التي تحصل عليها، ولكن في الواقع لا يجب أن تقامر".
وجاء على صورة أحد الإعلانات، "مع جواز أوروبي، أنت في آمن". ونشطت أبرز الشركات الإسرائيلية في هذا المجال، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. إذ قامت هذه الشركة بنشر 10 إعلانات ممولة على فيسبوك، منذ بداية العدوان على غزة، في المقابل لم تنشر سوى 3 إعلانات في شهر أيلول/ سبتمبر، ولم تكن فاعلة طوال شهر تموز/ يوليو، وظهرت لمرتين في شهر حزيران/يونيو، وفي أيار/مايو لم تكن فاعلة، وفي نيسان/أبريل وآذار/مارس نُشر إعلان لكل شهر، ولم ينشر أي إعلان في شهر شباط/فبراير. يشار إلى أن صفحة الشركة فاعلة على فيسبوك منذ 14 آب/أغسطس 2017.
وصل إلى إسرائيل حوالي ألف مهاجر في كل من شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، بينما كان يصل آلاف في الأشهر التي سبقتهما
والشركة الموجودة في جفعتايم، تنشر إعلانات للحصول على جوازات سفر من، البرتغال، ورومانيا، وبولندا، وليتوانيا، والمجر، والنمسا، وألمانيا.
وفي السنوات الماضية، كشفت تحقيقات إسرائيلية، عن أن مواطنين من دول الاتحاد السوفييتي سابقًا يأتون إلى إسرائيل بهدف الحصول على الجنسية الإسرائيلية، ثم يغادرون فورًا للإقامة في دولٍ أخرى، فور حصولهم على جواز السفر الإسرائيلي.