تحمل زيارة رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، للصين أكثر من رسالة، فهي تأتي في وقتٍ يدرس فيه الاتحاد الأوروبي فرض تعريفاتٍ جمركية على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين، وحثّ الإعلام الصيني في المقابل بكين على رفع تعريفاتها الجمركية على المركبات المستوردة ذات المحركات الكبيرة التي تعمل بالبنزين، حيث يحاول سانشيز تفادي كل ذلك بجسر الفجوة بين الأوروبيين في بروكسل والصين.
غير بعيدٍ عن ذلك أشهر المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، سيف التهديدات في وجه الدول التي تتخلى عن استخدام الدولار الأميركي في معاملاتها التجارية، بجعل الأمر مكلفًا لها، وتأتي تهديدات ترامب بعد مناقشة الصين والهند والبرازيل وروسيا وجنوب إفريقيا إزالة الدولرة في قمة "مجموعة بركس" الماضية.
تجنب الحرب التجارية
استغل، بيدرو سانشيز، زيارته لبكين التي تستمر ثلاثة أيام (من أمس الاثنين وحتى غد الأربعاء)، للدعوة "إلى الحوار والتعاون مع الصين وتجنب حرب تجارية بين العملاق الآسيوي والاتحاد الأوروبي"، وجاءت دعوة سانشيز بعد اللقاء الذي جمعه، أمس الاثنين، بالرئيس الصيني شي جين بينغ.
تتحضر الصين لاتخاذ قرار برفع تعريفاتها الجمركية على المركبات المستوردة ذات المحركات الكبيرة التي تعمل بالبنزين ردًّا على دراسة الاتحاد الأوروبي فرض تعريفاتٍ جمركية على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين
واعتبر سانشيز أنّ التدابير من قبيل "فرض رسوم جمركية إضافية من الاتحاد الأوروبي على المركبات الكهربائية الصينية صعبةً"، مؤكّدًا أنّ إسبانيا ستعمل على التوصل إلى "إجماعٍ تفاوضي في منظمة التجارة العالمية لحل الخلافات"، ومشددًا على أنّ "الحرب التجارية لن تفيد أحدًا"، مشيرًا إلى أنه "يسعى إلى خلق تكافؤ الفرص في التعاون مع الشركات الصينية".
وشارك سانشيز في افتتاح المنتدى الاقتصادي الصيني الإسباني في بكين، وخلال كلمة الافتتاح، أشاد بـ"العلاقات القوية" التي تجمع البلدين، قائلًا: "حتى في المواضيع التي تختلف فيها مواقفنا، فإننا نحافظ على رغبة بناءة للانخراط في الحوار والتعاون".
وأضاف "نحن ملتزمون بوضع برنامج إيجابي وإيجاد حلول توافقية تعود بالنفع على جميع الأطراف"، وخلال لقاء رئيس الوزراء الإسباني برئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، قال: "نريد بناء الجسور معًا للدفاع عن نظام تجاري عادل".
وليس من المؤكد ما إذا كان سانشيز قد نجح من خلال زيارته في ثني الصين عن تنفيذ تهديداتها برفع تعريفاتها الجمركية على المركبات المستوردة ذات المحركات الكبيرة التي تعمل بالبنزين، وهو الأمر الذي من شأنه أن يضر بشركة "سيات"، وهي شركة صناعة سيارات مملوكة لشركة "فولكسفاغن"، والتي تعد واحدة من أكبر أرباب العمل في إسبانيا.
وليس من المستبعد أن تقايض الصين ردّها برفض دول الاتحاد الأوروبي اقتراح المفوضية الأوروبية بتبني رسوم إضافية تصل إلى 36.3 بالمئة على السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين عندما تصوت عليها في تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
مع العلم أنه ـ وفي تصويتٍ استشاري في تموز/يوليو الماضي ـ أيدت إسبانيا إلى جانب فرنسا وإيطاليا الرسوم الجمركية، في حين امتنعت ألمانيا وفنلندا والسويد عن التصويت.
بعد امتناعها عن تخفيف الديون.. #الصين تعهدت بتقديم 360 مليار يوان صيني (50.7 مليار دولار أميركي) لأفريقيا على مدى 3 سنوات ضمن هيئة خطوط ائتمان واستثمارات.
اقرأ أكثر: https://t.co/eOvH2GCz7U pic.twitter.com/imc1SD2hTb— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 8, 2024
وتفاعلًا مع ذلك التصويت الاستشاري حذرت بكين من أنّ "الاحتكاكات مع الاتحاد الأوروبي بشأن المركبات الكهربائية قد تؤدي إلى صراعٍ تجاري، بعد أيام من إعلان الصين عن تحقيق في مكافحة الإغراق في واردات لحوم الخنزير الأوروبية"، ثم رفعت الصين في آب/أغسطس الماضي السقف من خلال بدء تحقيق في إعانات الألبان التي يقدمها الاتحاد المكون من 27 دولة.
تهديدات ترامب
قال المرشح الجمهوري للسباق الرئاسي الأميركي، دونالد ترامب، في تجمعٍ حاشد في ولاية ويسكونسن إنه سيجعل الأمر مكلفًا للدول التي تتخلى عن استخدام الدولار الأميركي في معاملاتها التجارية، بفرض رسوم جمركية بنسبة 100 بالمئة على سلعها القادمة للولايات المتحدة.
واعتبر ترامب أن الدولار الأميركي كان تحت حصار كبير على مدى 8 سنوات، متعهدًا بأن "يظل الدولار عملة الاحتياطي العالمية" إذا وصل إلى البيت الأبيض في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وكانت دول بينها الصين والهند والبرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا ناقشت إزالة الدولرة في قمة "مجموعة بركس" العام الماضي.
وتكشف بيانات صندوق النقد الدولي عن تراجعٍ في هيمنة الدولار في السنوات الأخيرة، إذ بات يمثل 59 بالمئة فقط من احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية في الربع الأول من عام 2024، مع احتلال اليورو المرتبة الثانية بنحو 20 بالمئة.