قال: احملني
أخشى يداهمني الليل.. والعيون حولي
أخشى يمر بي وطن كسيح
ولا أجد السبيل إليه
أخشى الله حين يبتسم
وتفتح في الأرض
لقدميه العاريتين
سبل.. وطبول.. ودم حي
قلت: أنا الكسيح
أُعمي عينًا.. لأرى بأخرى
أقف خلف حرائق الديار
ألتقط الموت
ويلتقطني
عار بأقدام خشبية.
قال: خبر الليل أنني
بادلت الأرض بأقدام داميات
وزرعت فوق عروش السماء البعيدة
حذاء ممزقًا
وبعض
حروف محرمة
*
كلما مر دمعٌ
نقول
هذي الكؤوس المملوءة ملحًا وماء
هذا الليل
أتدركين أنني حين أنظرُ السهل
والزيتون
وعرائش العنبِ "الزيني" يطالعني الرماد.
أتبكي البلاد؟
ونبضُ الزمن الأصفر
قلتُ لك: لا تتبع الرائحة القديمة في مكتبة البلدة
سيُعميكَ الغبار
وسيُخلَق في أديم المكان
نهارات من أزمنة ماتت
ماتت
حين ابتلع ضوء الشمس
أعين الصغار.
لا ليس عدلًا
تقولُ الأشياء أنصافًا
وتنظرُ في فمي
لعلّ أفعوانًا يخرج
لتقتلني
بضمير حي وحب
وتراب وطن
*
يتناثر الضوءُ في حُزمٍ صغيرة
تتناثرُ معه
أجلسُ في الصالة الكبرى
وأفكرُ أن المرأة أغلقت بابًا
وأنّ النور هناك وحيدٌ
وحيدٌ إلا من ظلها فوق الستائر
وخُطاها في الممر.
يقتربُ العتمُ فأرى
كما في قصص المعجزات
أرى الأشياء قبل أن توجد
قبل أن يحتويها النور وتغدو سرابًا
غيابًا
في الجسد البارد
غيابًا
في الساعة الرملية
تصرخُ أن هذا منتصف الليل
مضى.
هذا في عمق الزقاق درج خشبي
وهذا انتماء.. وهذا قصرٌ
وهاتيك خيبات جميلات
خيبات تشبهُ حين تبتسمُ
وجه المدينة
خيبات بحجم النجم في القيمرية
بحجم النحاس على الأرصفة
خيبات
وحياة
*
أحاول صدقيني
أن أكون كما الآخرين
أحاول أشكل كلمتين متتاليتين
ما أجمل
ثم تنقطع الجملة
تبدأ وتنقطع.. كماس كهربي.. سريع
تلامس الجملة باطن شفتي ثم تغرق
فأحاول من جديد
وعن جديد
وكل جديد
أفشل.
أحاول أن أساويك بنخل العراق
فيصرخ أحدهم في جمال التمر
وترقص امرأة تتمنى العمر المديد
والسعادة
والرجل السعيد
أغلق فمي للحظات.. وأختفي في الشارع الفرعي
هناك حيث شكلت المطر من عينيك لوحتين
وجاز البرق بينهما
بحورًا
وبخورًا
وخيامًا في واحات بعيدة
وقصًّا أسطوريًا في زمن بعيد
أحاول صدقيني أن أرمي نفسي بين الزحام
والزاحمين
والمتزاحمين
لألقي كلمة في الهواء
كلمة تنفجر حين تلامس سطح الماء
وتغدو عرجاء بقدم معوجة
وأغدو أبكمَ.. وفي فمي نحاس مصهور
وفي فمي – لو تدرين- يا أنت
خبايا وحكايا
مسحورة النهايات.. وأخرى بلا نهاية
وثالثة.. تنزف كل سمعت جرسًا يقرع
تنزف كل ابتسمت نارًا وحديدًا
لا جديد
ما زال عقلي يأخذني هناك
أصل الضفة
ثم أعود
لا الغرق متاح
ولا الموت وحيد في الخشب الأبدي متاح
ولا عيناك
ولا الله
ولا العود.. كما قالت العرب
يومًا
لقد كان العود حميدًا.
اقرأ أيضًا: