وطني الحقيقي شتائمُ جدي
كلما اقتربتْ مِنهُ غجرية
طالبةً حفنة قمحٍ
في مواسم الحصادِ!
زغاريد جدتي يوم تفوق
ابنها في الدراسة، بعد سنوات عِجاف مِنَ الفشل.
هو فرحتها بعودة ابنها من الخدمة الإلزامية في ظل جحيم الحرب التي اجتاحت البِلاد، مثل خروج شعرةٍ من العجين!
تقول لي جدتي عبر الأثير باكيةً:
لماذا ننجب الأولاد إذا كانوا يرحلون في أول فرصة تتاح لهم؟ ابني الذي حملتُ بهَ تسعة أشهر، رضعتهُ من حليب صدري، رحل عني منذُ نصف قرن ولا يتصل بي.
ماذا لو متُ هل سيبكي عليَّ
مثلما بكيت عليهِ يومَ رحليهِ؟
وطني الحقيقي
هو تبغ أبي وعبق قهوتهِ الصباحية المشحونة بهياج الهال
هو تجاعيد وجههِ الذي أتعبته السنون.
هو مسبحة أُمي وسجادة صلاتها.
وطني الحقيقي قصائِدُ جكر خوينْ.
عِناق أُمي
دموع شقيقتي الصغرى
والكبرى معًا يومَ رحيل أخي.
وطني الحقيقي القديسة التي كانت تسير في شوارع عاصمتنا "شيخ مقصود "
التي هربتْ مِن الدين.
التي قالت عني كافر وأطهر مِن الأنبياء.
العامودية الثيوقراطية التي رفضت الارتباط بي لأني من رواد البارات.
وطنَكِ الحقيقي
هو أنا
الذي يصغرُكِ بثماني طعنات. لكن يبقى وطني الحقيقي. قامتُكِ ذات 151 سم، جدائِلكَ القرمزية، اسمُكِ الذي يبدأ بحرف "الرّاء"، والشامة التي في أسفل خدكِ الأيسر أو ربما الأيمن، فالصورة لمْ تكنْ واضحة تمامًا.
اقرأ/ي أيضًا: