كتبت ويلز فصلا جديد في تاريخها الكروي، بعدما نجحت في بلوغ نهائيات كأس العالم 2022 بعد غياب دام قرابة 64 عامًا، حينتا تأهّلت لمرّة واحدة فقط في تاريخها بمونديال السويد 1958.
لا يمتلك المنتخب الويلزي إنجازات كبيرة في عالم المستديرة، لكنه طالما ما كان رقمًا صعبًا في أوروبا، وقدم عديد النجوم في الماضي والحاضر أمثال تريفور فورد، وجون تشارلز، وجورج بيست، ومارك هيوز، وايان راش، وريان غيغيز، وغاريث بيل، وآرون رامزي.
تأهل من بوابة الملحق
الطريق إلى مونديال قطر 2022 لم يكن سهلًا لمنتخب ويلز، الذي احتاج لخوض الملحق لحجز البطاقة الأوروبية الأخيرة للنهائيات العالمية بعدما سبقه 12 منتخبا من القارة العجوز. بدأت ويلز طريقها إلى كأس العالم من المجموعة الأوروبية الخامسة، التي واجهت بها منتخبات بلجيكا، التشيك، إستونيا، وبيلاروسيا.
وخاض منتخب ويلز 8 مباريات انتصر في 4 منها وخسر واحدة وتعادل في 3، مسجلا 14 هدفًا مقابل 9 أهداف دخلت شباكه، ليجمع في نهاية التصفيات 15 نقطة احتل بها المركز الثاني خلف المنتخب البلجيكي المتصدر بـ 20 نقطة.
منتخب "التنين" واجه في نصف نهائي الملحق خصمه النمساوي وتغلب عليه بهدفين لواحد، قبل أن تأتي الفرحة بالتأهل إلى المونديال القطري بالفوز على أوكرانيا بهدفٍ دون مقابل في المباراة الحاسمة.
السياسة تؤهل ويلز إلى مونديال 1958
لم تتمكن ويلز من بلوغ نهائيات كأس العالم سوى في مرة واحدة كانت عام 1958 في السويد، ورغم فشلها في التصفيات، إلا أنها استغلت مقاطعة الدول العربية والمسلمة للكيان الإسرائيلي المحتل ووصلت إلى المونديال بصدفة صنعتها السياسة، فقبل عامين احتل الكيان الإسرائيلي شبه جزيرة سيناء بعد العدوان الثلاثي على مصر، ووسط هذه الأجواء المتوترة شكل الاتحاد الدولي لكرة القدم مجموعة "أفروآسيوية" للتصفية بين منتخبات القارتين، ضمت تركيا وقبرص ومصر والسودان وإندونيسيا والصين ومنتخب الاحتلال.
تركيا انسحبت بذريعة أنها بلد غير آسيوي، ولحقتها قبرص وقبلهما الصين، لتبقى منتخبات مصر والسودان وإندونيسيا إلى جانب منتخب الاحتلال الإسرائيلي. وتجنبًا لملاقاة فريق الكيان المحتل، فضلت المنتخبات الثلاثة المتبقية الانسحاب وبقيت إسرائيل وحدها بالمجموعة، الأمر الذي وضع الاتحاد الدولي في مأزق كبير، حيث كانت قوانين كأس العالم تنص على وجوب المشاركة في التصفيات ولو بمباراة واحدة للتأهل إلى النهائيات وهذا ما لم يحققه المنتخب الإسرائيلي.
في ذلك الوقت قرر رئيس "فيفا"، الإنجليزي ستانلي راوس، أن تواجه إسرائيل أحد المنتخبات التي حلت ثانيا في مجموعاتها في تصفيات أوروبا وأمريكا اللاتينية عن طريق القرعة. الحظ ابتسم لمنتخب ويلز التي لم تُضيع الفرصة ونجحت في الفوز على إسرائيل ذهابا وإيابا بنتيجة (2-0) في كل مباراة.
ويلز ظهرت بصورة مُشرفة في حضورها الوحيد، حيث لعبت في المجموعة في المجموعة الثالثة رفقة السويد المستضيفة والمجر والمكسيك. تعادلت ويلز مع المجر بهدفٍ لمثله، وبنفس النتيجة أمام المكسيك، ثم تعادلت سلبا مع السويد وتأهلت لربع النهائي بعد أن فازت على المجر في مباراة فاصلة بهدفين لواحد، لكنها اصطدمت بالبرازيل حاملة اللقب حينها وخسرت بهدف أحرزه الأسطورة بيليه في الدقيقة 66 من عمر اللقاء.
طموحٌ مشروع
لم تكن قرعة مونديال قطر 2022 قاسية على ويلز التي جاءت في المجموعة الثانية، إلى جانب إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية وإيران. حظوظ منتخب ويلز في بلوغ دور الـ 16 كبيرة جدًا نظرًا لامتلاكه عناصر قوية على المستوى الفردي والجماعي، وتتفوق فنيًا على نظرائها من إيران والولايات المتحدة، وتعرف جيدا أسلوب اللعب الإنجليزي المشابه أصلا لطريقة لعبها، بحكم القرب الجغرافي والروابط المتجذرة بين ويلز وإنجلترا، فهناك لاعبين أمثال آشلي ويليامز، وهال روبسون، وسام فوكس، وُلدوا ونشأوا في إنجلترا لآباء ويلزيين قبل أن يضمهم المدرب بريان فلين "للتنين الأحمر".
وتمتلك ويلز حاليا منتخبًا مُتجددًا ومتطورًا، قادر على تجاوز مرحلة المجموعات، لوجود عناصر هجومية تستطيع إيجاد الحلول أمام مرمى الخصم، ومناسبة جدا لطريقة لعب المدرب روب بيج الهجومية التي تعتمد بنسبة كبيرة على الاستحواذ على الكرة، والبناء من الخلف والتمريرات الكثيرة، ما يجعل المنتخب منافسًا صعبًا على الجميع، خصوصًا أنه يسعى دائما لحرمان المنافس من الكرة قبل ضربه في منطقة جزاءه.
المستوى الفني الذي قدمه المنتخب الويلزي في يورو 2020، ووصوله للدور ربع النهائي قبل الخروج على يد الدنمارك، وقبله يورو 2016 حين بلغ دور نصف النهائي، يُبين أن ويلز قادرة على صنع الفارق في المواعيد الكبرى، مع وجود مزيج من اللاعبين بين الشباب والخبرة، في تشكيلة تضم بين دافيز مدافع توتنهام هوتسبير، نيكو ويليامز مدافع نوتنغهام فوريست، آرون رامزي متوسط نيس الحالي ويوفنتوس وآرسنال السابق، والنجم الكبير غاريث بيل.
ويلز لم يسبق لها أن واجهت إيران أو الولايات المتحدة الأمريكية في مباراة رسمية، لكنها لعبت ضد إنجلترا في 12 مناسبة كانت الغلبة "للأسود الثلاثة" في 11 مرة مقابل تعادل وحيد، حيث التقى المنتخبان للمرة الأولى في عام 1949 بالتصفيات المؤهلة لكأس العالم 1950، وحققت إنجلترا الفوز بأربعة أهداف لواحد، بينما انتهت المباراة الأخيرة بينهما بفوز إنجلترا بثلاثية نظيفة وديا يوم 8 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
ويخوض منتخب ويلز أولى مبارياته في النهائيات ضد نظيره الأمريكي، 21 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، ثم يواجه إيران في الـ 25، ويختتم مشواره في دور المجموعات بلقاء جاره الإنجليزي في الـ 29 من نفس الشهر.