أيام قليلة تفصلنا عن أول أيام شهر رمضان الكريم، وهو وقت استثنائي بالنسبة إلى المسلمين، إذ يشاركون في موسم الصيام من وقت الفجر إلى غروب الشمس، ويشاركون في الشعائر المختلفة، في أجواء عائلية واجتماعية ما يزال لها سحرها الخاص لدى كثير من المسلمين حول العالم.
كيف يمكن أن يكون صيامنا صحيًا، وكيف يمكن أن نستفيد من موسم الصيام في بدء عادات صحيّة سليمة؟
وبما أننا نتوقف عن الطعام والشراب لعدد ساعات معينة، ولثلاثين يوماً متواصلة، فإن هناك تغييرات تحدث في أجسامنا، حيث تقترح العديد من الدراسات العلميّة أن للصوم (السليم) فوائد عديدة للصائم.
لكن كيف يمكن أن يكون صيامنا صحيًا، وكيف يمكن أن نستفيد من موسم الصيام في بدء عادات صحيّة سليمة؟
كيف يكون صيامنا صحياً؟
هنالك عدّة طرق لنحسّن صحة أجسامنا خلال شهر رمضان، وذلك باتباع خطّة صيام صحيّة، تتضمن الأمور التالية:
ضمن وجبتين رئيسيتين في شهر رمضان، تُعتبر وجبة الإفطار هي الوجبة الأولى بعد انتهاء ساعات صيام ذاك اليوم، فبدء الإفطار بالماء وثلاث حبّات من التمر، يمنح جسمك الطاقة والترطيب.
ويُفضّل بعد ذلك تناول حساء خفيف، يساعدك على الترطيب، وتحضير المعدة لهضم الطعام.
يُنصح بتناول وجبة الإفطار ببطؤ، والحرص على أن تكون مكوناتها صحيّة، مثل الأسماك بأنواعها، واللحوم البيضاء والحمراء قليلة الدهون، بالإضافة للحبوب الكاملة مثل الأرز البني، والشوفان، وتذكر أهمية إضافة الخضار إلى طبقك، لما تحتويه من ألياف، وفيتامينات ومعادن مهمّة.
إن إفطاراً صحياً متكاملاً، يجعلك تشعر بالشبع وليس امتلاء المعدة فوق حدّها، سيسهّل عليك متابعة نظامك الصحيّ خلال الوقت بين الإفطار والسحور، فمن الخيارات الصحيّة التي يمكنك تناولها خلال هذا الوقت: الفاكهة، مثل الموز والبطيخ والتفاح، والخضار مثل الشمندر أو البنجر، والمكسّرات غير المملحة، والكثير من الماء، والتقليل قدر الإمكان من الحلويات الرمضانيّة التي تشتهر في بلدك، والمشروبات السكريّة، والأطعمة عالية الدهون أو الأملاح.
وجبة السحور هي الوجبة الرئيسية الثانية خلال أيام شهر رمضان، وبعدها تبدأ ساعات صيام اليوم التالي، فلتزويد الجسم بالطاقة لأطول فترة ممكنة، يوجد أطعمة ذات مؤشر جلايسيمي منخفض (GI منخفض)، وهي الأطعمة التي بعد تناولها يتم امتصاصها وهضمها ببطؤ فترفع معدّل السكّر بالدم ببطؤ أيضاً، وبالتالي تشعرك بالشبع لفترة أطول، مثل الشوفان، والكينوا، والعدس، وخبز الحبوب الكاملة، واللبن، والحمّص، والخضار الخضراء، مثل السبانخ والبروكلي، والفاكهة، والأفوكادو، والجزر.
من الطبيعي أن تقل كمية السوائل التي نتناولها خلال شهر رمضان، وقد يؤدي ذلك لشعورك بصداع خفيف، وانخفاض تركيزك العام بشكلٍ عام، وخاصّة في أول أيام الشهر الفضيل.
فمن المهم لتقليل الشعور بهذه الأعراض، هو تعويض الجسم بالكميات الكافية التي تلزمه من السوائل خلال الوقت ما بين الإفطار- السحور.
اختيار نوع المشروبات مهم أيضاً في شهر رمضان، فأفضل المشروبات هي:
- الماء.
- اللبن الرائب.
- قمر الدين، وهو عصير المشمش، أو شراب الرحيق.
- السحلب.
- الكركديه.
- عرق السوس.
- شراب الخروب.
- شراب الجلاب.
مقالات قد تهمّك
5 مشروبات سودانية مميزة لمائدة رمضان
الإفطار في نهار رمضان عربيًا.. قوانين وأعراف مختلفة
"الأربعين دخلات"، "لعشور" وغيرها.. طقوس المغاربة للمناسبات الدينية
في المقابل التقليل من شرب القهوة، والمشروبات الغازية، لأنّها مدرّة للبول، وبالتالي تخفّض احتفاظ الجسم بالماء، وتعرضّه أكثر للجفاف.
تساعد التمارين الرياضية الخفيفة، بتنشيط الجسم، ورفع طاقته، ولكن اختيار نوع الرياضة وشدتها ووقتها مهم جداَ في شهر رمضان، وأيضاً اختيار التمارين التي تناسب حالتك الصحيّة، وتاريخك الرياضي، واعتياد جسمك على التمارين، أيضاً له دور مهم، وذلك لحماية الجسم من حالات انخفاض السكر في الدم، والتعب الشديد، والجفاف الناتج عن التعرّق أثناء ممارسة الرياضة. يمكن الاطّلاع هنا على 5 نصائح أساسيّة ومجرّبة لتخفيف الوزن في رمضان.
فيُنصح بمراجعة الطبيب لتحديد جدول التمارين الرياضية المناسب لجسمك.
ويعتبر الوقت الأفضل للكثير من الحالات لممارسة التمارين الرياضية خلال شهر رمضان هو بعد الإفطار بساعتين إلى ثلاث ساعات، ولكن يفضل أن يُترك وقت ساعتين بين الانتهاء من التمارين والنوم، وذلك للسماح لهرمون التوتر(الأدرنالين) بالاسترخاء، للحصول على نوعية نوم أفضل.
شهر رمضان فرصة للتخلي عن إدمان العادات غير الصحيّة، مثل التدخين، وتناول الكميات الكبيرة من السكريّات، مع القليل من ضبط النفس يمكنك تحسين مستوى صحتك الجسديّة، واعتبار رمضان هذا العام بداية لحياة أكثر صحّة.
وفي المقابل يمكنك اكتساب عادات صحيّة مثل تناول المزيد من الخضار والفاكهة، وشرب كميات كافية من الماء، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
ما هي فوائد الصيام الصحّي لأجسامنا وأدمغتنا؟
اتباع نظام صيام صحّي، بالتأكيد سيأثّر على صحة جسمك وعقلك، فمن فوائد الصيام على أجسامنا وأدمغتنا ما يلي:
يؤثر الصيام تأثيراً مباشراً على نسب السكّر في الدم، فيلاحظ الأشخاص المصابين بالسكري، أو الذين لديهم ارتفاع في مستويات السكّر بالدم، انخفاضاً أثناء الصيام، وذلك بسبب ارتفاع حساسية الخلايا لهرمون الإنسولين (وهو الهرمون المسؤول عن عملية إدخال سكر الغلوكوز (الناتج عن تناول الطعام) إلى الخلايا، للقيام بوظائفها)) وبالتالي تقل مقاومة الخلايا لدخول الإنسولين إليها، فترتفع احتمالية دخول الغلوكوز إلى الخلايا، مؤدية لدعم الخلايا بالطاقة اللازمة لها للقيام بوظائفها بأداءٍ أفضل.
مقالات قد تهمّك
مترجَم: 3 خطوات بسيطة لسدّ بطنك عن السكّر الزائد!
"اركضوا تصحّوا".. ما الأمراض التي يمكن للجري الوقاية منها؟
ولكن يجب على مرضى السكري بنوعيه الأول والثاني، مراجعة الطيب المختص للتأكد من إمكانية الصيام، وإعادة ضبط مواعيد الأدوية لتناسب مواعيد الإفطار.
يصاب الجسم بالالتهابات نتيجة مقاومة جهاز المناعة، أثناء ممانعته لدخول العدوى، وهو أمر طبيعي، ولكن قد تستمر الالتهابات حتّى تصبح مُزمنة وتؤثر على أداء الأعضاء المُلتهبة.
فوجدت بعض الدراسات، أن الصيام يقلل مستويات الالتهابات ويساعد في تعزيز صحة الجسم.
يُعتبر النظام الغذائي ونمط الحياة، أكثر العوامل المؤثرة على صحة القلب، وذاك يعني أن العمل على اتباع نظام غذائي صحّي، ونمط حياة أكثر صحّة سيؤثّر فوراً على صحة القلب.
ومن الأنظمة الغذائية المفيدة جداً لصحة القلب، صيام شهر رمضان، إذ يعمل الصيام على تحسين ضغط الدم، وخفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL)، والدهون الثلاثية، وبالتالي خفض احتمالية الإصابة بأمراض القلب، والسكري الذي يعتبر من العوامل المؤدية لأمراض القلب المختلفة.
وجدت العديد من الدراسات أن الصيام له تأثير قوي على صحة الدماغ، وتحسين وظائف المُخ، ورفع إنتاج الخلايا العصبية وبالتالي تعزيز الوظائف الإدراكية.
ولأن للصيام علاقة بتقليل مستويات الالتهابات، فإنه يساعد في منع الاضرابات التنكسيّة العصبية، مثل الزهايمر ومرض باركنسون.
إتباع نظاماً غذائياً صحيّاً يضمن الالتزام بالنقاط التي ذكرناها في البند الأول من هذا المقال، والتي تهدف للتقليل من تناول السعرات الحرارية الزائدة عن حاجة الجسم، والتركيز على تناول المصادر الغذائية الطبيعية والصحيّة، وبالتالي رفع حرق الجسم للدهون، لأن نظام الصيام بطبيعته يحفّز حرق الدهون خلال ساعات الصيام، وبالتالي هذا التكامل بين عامل الصيام وعامل النظام الغذائي الصحي، يؤدي لنقصاناً طبيعياً في الوزن خلال شهر رمضان، ما لم يمنع ذلك حالات صحيّة معينة، يجب إدارتها مع الطبيب للحصول على نتائج أفضل.
وصلت الدراسات التي أُجريت على الحيوانات، أن تعريض الخلايا السرطانيّة للصيام، كان تأثيره عليها مثل تأثير العلاج الكيميائي، في تأخير نموّها، وزيادة فاعليّة الأدوية المرافقة للعلاج الكيميائي.
يتضح من النقاط التي اشتمل عليها هذا المقال أنّ للصيام أبعادًا صحيّة مفيدة الصائمين، سواء للأصحاء الذين يمكنهم التمتّع بهذه الفوائد ومراقبة تحسّن وظائف أجسادهم خلال الشهر الكريم، واتباع نظام غذائي صحي وتعزيز مناعتهم وصحتهم العامة عبر تجنب العادات الصحية الضارة، ولاسيما التدخين والخمول. أما فيما يخص الأشخاص المصابين بالأمراض المُزمنة، فإنه من الضروري استشارة الطبيب المختص، لأن تأثير الصيام على الجسم يختلف حسب الحالة الصحيّة، ونوع المرض المُزمن.