الترا صوت - فريق الترجمة
تستلزم مهمة تنشئة طفل "ناجح" ما هو أكثر بكثير من مجرد الحب والتمني وفي غمرة هذه المهمة المعقّدة والتي تزداد تعقيداً مع تعقد الحياة، قد ينكبّ الكثير من الأهالي، مدفوعين بالنوايا الحسنة، على ممارساتٍ قد لا تصبّ في مصلحة أبنائهم، سواءً بسبب قلة الخبرة أو تعميمهم لأفكارٍ لا تصلح للتعميم، أو ربما عدم التفكير مليًا في قراراتهم، أو غير ذلك من الأسباب التي تختلف وتتنوّع باختلاف الظروف والشخوص.
يفرض الأهالي على أبنائهم ضغوطًا لتحصيل علامات عالية، دون أن يدركوا أن ما سيتفوق فيه أبناءهم غالبًا سيكون خارج الفصل الدراسي
في المقال التالي المنقول بتصرف عن موقع واشنطن بوست، يستعرض سبعة أفكارٍ تحوّلت إلى مفاهيم تربوية مغلوطة شاعت بين الناس، استخلصتها كاتبة المقال من خلال مقابلة 60 رياديًا ناجحًا وذويهم.
اقرأ/ي أيضًا: "الحب الخانق".. 4 نصائح لتربية طفل يمكنه الاعتماد على نفسه
شهدت الولايات المتحدة قبل بضعة أشهر فضيحةً لطخّت أسماء بعض الشخصيات الشهيرة التي قامت برشوة بعض الجامعات لقبول أبنائها.
بعيدًا عن تفاصيل الفضيحة المؤسفة، والمضحكة بعض الشيء، أكّدت تلك الحادثة ما نعرفه جميعًا: يعيش الأهالي في جحيمٍ من الضغط المستمر منذ وفود أطفالهم إلى هذه الحياة، وتنتقل عدوى هذا الضغط إلى الأبناء.
وربما تعود جذور هذه الأسئلة المؤرّقة إلى بعض الخرافات التي تسلّلت إلى سؤال كيفية تربية أطفال ناجحين، فلديك مثلًا الأهالي الأبطال الذين يُزيلون كل العوائق من طريق أطفالهم، أو آخرين مثاليين يضغطون على أطفالهم لتحقيق الكمال في المدرسة وخارجها.
أجرت كاتبة المقال، 60 مقابلة مع رياديين ناجحين وعوائلهم، واستشفت سبعة مفاهيم مغلوطةٍ وشائعة على الأهالي تجنبها:
1. النجاح في المدرسة هو علامة أكيدة على النجاح في الحياة
لا بد أن تدرس في جامعةٍ مرموقة إذا أردت النجاح، أو هذا على الأقل ما يعتقده الأهالي. ولهذا يفرض الأهالي ضغطًا على أبنائهم لتحصيل علاماتٍ عالية دون أن يدركوا أن الأبناء الذين يتفوّقون في مجالٍ ما، يكون غالبًا خارج إطار الصف الدراسي، إذ سيتدبّرون أمورهم في معترك الحياة، وقد يعوّض هذا العلامات الفاترة التي يحصّلها بعض الأطفال.
كثيرٌ من الرياديين لم ينالوا حظهم من التقدير في المدرسة لأن طريقة تعلمهم كانت مختلفة. تلقّى والدا بيني بلانكو، كاتب الأغاني المشهور، مكالمةً هاتفيةً من معلّمته في الروضة تشتكي لهم فيها أن ابنهم لا يعرف الجلوس في دائرة.
لكن في النهاية فازت كاريزما بلانكو العفوية بقلب معلّميه. وبدأ بإنتاج الأغاني في الثانوية، وقد وصل نجاحه الآفاق مع كتابته لـ27 أغنية وصلت إلى قائمة الأغاني العشر الأكثر مبيعًا، وبيعه أكثر من 100 مليون ألبوم.
2. لا تخاطر برزقك على مطاردة شغفك
ادعم طفلك فيما يحبه، إذ يؤمن الأهالي أن على أطفالهم السير على خطاهم: تحصيل علاماتٍ عالية، واالدراسة في جامعةٍ جيدة، وإيجاد وظيفةً محترمة.
وبالفعل قد يكون هذا هو الخيار الأفضل للبعض، ولكن ليس للجميع، فالبعض يُجبر على دراسة ما لا يحب، ويكابد بؤس الجامعة، ومن ثم تقتله ديون الجامعة بعد تخرجه، وتكون والوظيفة حلمٌ بعيد المنال.
جون تشو، مخرج فيلم Crazy Rich Asians، كان يصنع أفلامًا قصيرة منذ الصف الرابع، تحوّلت أمه التي خاب أملها في البداية، إلى أكبر مسانديه بعد أن لمست مدى حبّه لهذا المجال.
3. ساعد طفلك وأمّن له الحياة الأفضل
يتعلّم الأطفال الذين يتحملون المسؤولين من عمر صغير، أن بإمكانهم القيام بأمور مهمة. كما أن الأطفال الذين يتركون لإصلاخ أخطائهم بأنفسهم، يتعلمون الثقة في النفس، وكيفية اكتساب مهارات النجاح، وإيستر وجيسيكي مثالٌ على ذلك.
ربّى ثلاث بناتٍ ناجحات:
- آني، وأسّست شركة 23andMe.
- سوزان، وأصبحت اليوم المديرة التنفيذية ليوتيوب.
- جانيت، وأصبحت طبيبة أطفال.
هل تريد أن تعرف ماذا كان شعار إيستر؟ "كل شيءٍ تفعله لأطفالك هي فرصةٌ تضيّعها عليهم بتعلّم هذا الشيء بأنفسهم"، هكذا يجيب إيستر نفسه، فقد علم أبناءه المسؤولية منذ عمر صغير، وبهذا سلّحهم بما يلزم للتصدي للتحديات الأهم في الحياة.
4. علامات القائد تظهر على الطفل من عمرٍ صغير
تجد بكل تأكيد بعض الرياديين المستقبليين الذين يفرضون أنفسهم قادةً على أصدقائهم، ولكن لا تُزهِر هذه الخصلة في كثيرٍ منهم إلا في عمرٍ متأخّر.
جينا آرنولد لم تكن فتاةً محبوبةً في مدرستها الثانوية. جاءت جينا إلى أمها ذات يوم وقالت لها: "لم أعد أطيق هؤلاء الفتيات. لقد وجدت برامج تبادلٍ دولي وسأسافر إلى إسبانيا"، لتصبح اليوم أحد مؤسّسي "ORGANIZE" أكبر شركةٍ للتبرع بالأعضاء في البلاد.
5. الحياة الصعبة وبالٌ على الأطفال
واجه كثيرٌ من الرياديين الذين قابلتهم مشاكل حقيقية في صغرهم، فمنهم من شهدوا مرض أو وفاة قريبٍ لهم، أو طرد ذويهم من العمل، أو الطلاق، أو عانوا من مشاكل تعلم. وقد غرس هذا فيهم خصلة النضال، والوقوف والمحاولة من جديد.
يدين رائد الأعمال هومان رادفار بنجاحه إلى مشاهدة أمه تقف مرةً بعد مرة، فعندما قرّر رادفار تغيير توجه شركته الأولى ولم يجد أي مستثمرين، قالت له أمه: "هل تعرف كم مرةً بدأت فيها من الصفر؟ امشِ على الطريق الذي تراه، وستكون بخير." وبالفعل نجحت شركته لاحقًا.
6. ترتيب الطفل بين إخوته
عندما بدأت بدراسة موضوع هذه المقالة، قال لي شخصٌ ما: "لا بد أن جميع الرياديين الذين ستقابليهم إما أطفال أبكار (أي أكبر إخوتهم)، أو أنهم وحيدون دون إخوة".
لكن في الواقع أخبرني جميع الرياديين، أن الترتيب المتأخّر بين الإخوة له ميزاته أيضًا، لأن ذلك أعطاهم حريةً أكبر، فقد نمت الروح الريادية في الأطفال الذين لم يختنقوا برعاية أهلهم.
إذًا، كان بعضهم أبكار أهاليهم، ولكن الآخر كان ثاني أو ثالث أو رابع طفلٍ رُزِقَ به أهله، مثل توم سكوت مؤسّس شركة "Nantucket Nectars"، وهو ثالث أربعة أبناء. أخبرتني أمه جين، أن أخويه احتاجا للجهد في تربيتهما، على عكس توم الذي "تركته ليتدبر أموره بنفسه"، كما قالت.
7. الناجحون يختارون الطريق الذي يُدرّ عليهم المال
تقوم الشركات الناجحة في الغالب على أساس صناعة فَرْق أو تأثير في العالم، فإن لم يؤمن الرياديون بما يفعلونه، فكيف يُطيقون العمل 18 ساعةً كل يوم، وغير ذلك من مخاوف التمويل وتقلبات السوق.
كان من هؤلاء إريك ريان أحد مؤسّسي شركة "Method"، الذي رأى أن الخيارات المتاحة ليست مفيدةً للبيئة. إذًا فقد اهتم هؤلاء بالمساهمة في العالم، وهذا لا يتنفى مع فكرة جمع المال.
إنه ليس من السهل بكل تأكيد أن تقول لأبٍّ أو أمٍّ أن يدع طفله، ولكن الحقيقة أن الأطفال سيكونون بخير حتى لو لم يُكتَب لهم الدراسة في هارفارد وأوكسفورد.
يتعلم الأطفال الذين يتحملون المسؤولية أن بإمكانهم القيام بأمور مهمة كما يتعلمون الثقة في النفس واكتساب مهارات جديدة
ساند أبناءك في الطريق الذي يختارونه، وساعدهم على إيجاد ما يحبونه، وربما يكون ذلك أساس مشوارهم المهني، وربما لا. لكنهم يقينًا، سيكونون سعداء أكثر بشقّ طريقهم بأنفسهم، وهذا في النهاية هو المعيار الحقيقي للنجاح.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يحتاج المراهقون اليوم إلى دروس في "مهارات النوم"؟
كيف أعرف أن طفلي ذكي.. 7 علامات توضح لك