ألترا صوت – فريق التحرير
عواء هي أولى قصائد آلن غينسبرغ الملحمية الطويلة، بوأته رائدًا للشعر الأمريكي في أواخر الخمسينات فالستينات بعد قراءته لها في أحد مقاهي سان فرانسيسكو.
صدرت في أكثر من ستين طبعة وبيع منها أكثر من مليوني نسخة، ولا تكاد تخلو مجموعة من مجاميع الشعر الأمريكي من "عواء" التي تعتبر فتحًا، من حيث التقنية الصوتية، في إعادة صوت وولت وتمان المنسرح الشاسع الأبعاد وبيته الشعري الطويل، إلى شعر الخمسينات الأمريكي، المثقل بآلية النفس.
قدم هذه الترجمة الشاعر العراقي سركون بولص، وصدرت في ديوان عن منشورات الجمل بعنوان "عواء وقصائد أخرى".
رأيتُ أفضلَ العقولِ في جيلي وقد دمرها الجنونُ، يتضوّرون عراةَ ومُهَسْترين،
يجرجرون َ أنفسهم عبر شوارع زنجيةٍ في الفجر باحثينَ عن إبرةِ مخدّرِ ساخطة،
هَبائيون برؤوس ملائكةٍ؛ يتحرقون للوصال السماويّ العتيق، بالدينمو النجوميّ في مكننة الليل،
الذين بفقْرٍ وفي خرقٍ وبعيون مجوّفةٍ ومسطولين جلسوا يدخنون في الظلام العجائبي لشققٍ بلا ماء حارّ يطفو في أعلى المدن يتأملون في الجاز
مَنْ عرّوا للسماء أدمغتهم تحت سكة الـ"EL"* ورأوا ملائكة الإسلام المنيرة تترنح على سقوف الأحياء الفقيرة.
مَنْ مرّوا في الجامعات بعيونٍ ساطعةٍ وباردةٍ مهلوسينَ لأركانساس ومأساة نور – بليك بين أساتذة الحرب،
مَنْ طُردوا من الأكاديميات لجنونهم ولنشرهم أناشيدَ فاحشةً على نوافذ الجمجمة
مَنْ انزووا بملابسَ داخلية في غرف بلا حلاقةٍ، حارقين أموالهم في سلال مهملاتٍ ومن أصغوا إلى الرعب عبر الجدار،
مَنْ قُبضَ عليهم في لحاهم العانيّة عائدينَ عبر لاريدور بحزامٍ من الماريوانا إلى نيويورك،
مَنْ أكلوا نارا في فنادق الحثالة أو شربوا التربنتين في زقاق الجنّة، في الموت، أو مَطْهرو صدورهم ليلةً بعد ليلة،
بأحلامٍ، بمخدراتٍ، بكوابيس يقظةٍ، كحولٍ وعضو ذكريّ- وخصي بلا نهاية،
شوارعُ عمياءُ لا تَضاهى من سحابٍ يرتعد وبرقٍ في البصيرةِ يثبُ نحو قطبي كندا وباترسون، منيرا عالم الزمن الساكن بينهما،
صلادات بايوتية* لأروقةٍ، أسحار باحةٍ خلفيةٍ شجرةٌ خضراءُ مقبرةٌ، سكرةُ خمرٍ على سطوحِ المباني، انساطلاتٌ على الشاي، دَسْكراتٌ بفتريناتها لسياقةِ متعةٍ في أضواء المواصلات الغامزة بنيونها، شمسٌ وقمرٌ واهتزازاتٌ شجريّةٌ في أغساق شتاء بركلين، قرقعاتُ براميل الزبالة والنورُ الرحيمُ ملكُ البصيرة،
مَن ربطوا أنفسهم بالسلاسل إلى "الصّبواي" للركوب اللانهائي من باتيري إلى برونكس المقدسة مخدّرين بالبنزين حتى صحوا على ضجيج العجلات كالحةً أدمغتهم مفرغين من البريق والأطفالِ مرتجفينَ بأفواهٍ مخلوعةٍ ومهدودين في النور الكئيب لحديقة الحيوان،
مَنْ غرقوا طوال الليل في الأنوار الغوّاصة بمقهى بكفورد وطفوا عاليا وجلسوا طوال مساء البيرة المتخمرة في محلّ فوغازي سامعينَ فرقعة المصير على جوكبوكس* الهيدروجين،
مَنْ تحدثوا بلا توقف لسبعينَ ساعةً من منتزهٍ إلى غرفةٍ إلى بارٍ إلى مصحةِ بيليفو إلى متحفٍ إلى جسر بروكلين، طابورٌ صانعٌ من حواريِّ أفلاطون يقفزون إلى الأدراج العَتَبيّة من سلالمِ الحريقِ من أفاريز النوافذِ من بنايةِ إمبايرستيت ومن القمر،
يطققطون الحنكَ يصرخون يتقيئون ويهمسون بحقائقَ وذكرياتٍ ومُلّحٍ وركلاتٍ إلى البؤبؤ وصدماتٍ بالكهرباء في مستشفياتٍ وسجونٍ وحروب،
استبصاراتٌ بكاملها استُفرغتْ باستذكارٍ مطلقٍ لسبعة أيامٍ وليالٍ بعيونٍ مشعّة، لحمًا لكنيسٍ ألقي به على الصيف،
مِن اختفوا غي نيوجرسي الزنّ – نية اللامكانية مُخلفينَ دربًا من بطاقاتٍ بريدية مشبوهةٍ لقاعة أتلانتيك سيتي.
هوامش:
- الهبائيون: من هباء. تحولت فيما بعد إلى هيبي.
- سكة الـ"EL": السكة العالية في شيكاغو.
- بايوتية: نسبة إلى البايوت، وهو نوع من الصبيّر ينمو في المكسيك ويستخلص منه مخدر البايوتي.
اقرأ/ي أيضًا: