أسكنُ تحت قدميك ولا أسكن فلوريدا/ حيث جنّتان معلقتان في السّؤال: جنتها وجنتك القصيّةُ. اتخذتُ البارحة قرارًا: أن ألحسك مسامًا.. مسامًا ولا أفاضلُ/ من يفاضلْ بين مسام منك وآخر لا يفقه التّوحيدا/ كلك أنثى، وكلّي عطش الصّحاري/ هات يديكِ لأقول لك إنني موجود فيكِ ونارك لا تختلف عن ناري. فلماذا تخونين عينيك، من أجل أنف يهزمه فيروس؟ لماذا تخونين أنفك، وهو يصهل مثل فرس تريد أن ترعاني. هاني.. هاني. افعلي بي ما حُرمتِ منه منذ الصّرخة الأولى إلى آخر صرخة أطلقُها في السّماوات. لو ترين عينيك وأنت عندي! لو ترين عينيّ وأنا بعيد عنك! كيف حال شفتك السفلى؟ هل شُفيتْ من غزوتي الأخيرة؟ أمّا أنا فما زال لساني يلْهج بريقك، ويقاطع الكلمات الجافة. أمسِ.. كتبتُ اسمَك على جذع شجرة في حديقة صوفيا. ففكّرتْ أن تثمر قبل الوقت، فواكهَ تزيد في العمر، وتجلب الحظَّ العاطفيَّ. فهل أنتظر تلك الفاكهة حتى ألقاك يا فاكهتي العابرة للمواسم؟ ليس للغمامة تربة/ ليس ليديّ شرفة تسكن الغيم مثل يديك. ليس ليديك جنة لا تغلق أبوابها مثل رأسي. ليس لرأسي قارب أعبر به محيط القصيدة مثل همساتك. حيث النّحوُ لا بصْريّ ولا كوفيّ، لكنه نحوك: أنا. فهل أعْربك فاعلةً، وأنت تأتين مع الرّذاذ؟ أم امرأةً مستعصية على البلل؟ ساعديني على أن أضبط لغتي على جسدك، كي أكتب فصول معطفي، وشهوة الليلة الوسطى من الخلق/ ساعديني على أن أقول لأصابعك، وهي تُغْمض عينَي: كثيرة عليّ هذه السّماوات، أو أقول لقدميك، وهما ترقصان من الشّهوة: لو تريان دماغي. أبعدي جسدَك قليلا. لأمنحه نشوة الانتصار، وهو يعاين ندوبَه في روحي. [أتصوّر أنّ آدم كان يتلذّذ عندما تخدشه حواء]، ثم أعيدي جسدَك فتندمل الندوبُ. لماذا تغريني هذه الأسطورة: "وقالت حوّاء للرّبّ، وهو يستدرجها في يومها الأخير: اجمعْ لي بناتيَ إلى يوم القيامة فعندي وصيّة لا تخونها إلا القبيحة، فكنّ أسرابًا.. أسرابًا، وعناقيدَ ..عناقيدَ، ونجومًا.. نجومًا، وفراشاتٍ .. فراشاتٍ، وغزلانًا.. غزلانًا، وحجلاتٍ.. حجلاتٍ، وينابيعَ.. ينابيعَ، وبحيراتٍ.. بحيراتٍ، وقصائدَ ملونةً، أنتِ فيها البيت، وأنا الرويُّ العطشان.
قالت حوّاءُ لبناتها اللواتي وقفن بين يديها: [خاتمي لهذه في القرن الواحد والعشرين.]، وأشارت إليكِ/ أشارت إلي: [أبوك آدم غائب في صيد الأسماء، وإلا أعطاك خاتمَه]، واستجابت ليد الرب". فهات يديكِ لأخاطب حواءَ فيكِ وأسألَها: هل وجدتِ آدم في جنّة العودة؟ أم تراه ما زال حافي الرّفاة في الأرض، فأحفرَها شبرًا... شبرًا، كيما أسترجعَ الخاتمَ، أو أفقدَ ريشي. لا تخافي. فكلّ ريشةٍ ينتفها الترابُ منّي، ستطلع وصيّة للإنسان: لا تُؤْذِ حوائي. هات يديك. لأعْبر عبرهما إلى سرير الأبوين، وأسرق عقدَ الزواج الإلهيَّ على شهوةٍ من آدم، وهو يحضن حوّاءَ، ويسبّ الشّيطانا. هانا.. هانا. نشبه أبوينا، فهل يشبهنا الأبناءُ؟ جاؤوا.. جاؤوا. ونافذتنا مفتوحة على المطلق فهل نهرب أم نبقى؟ هات يديك كي يعموا عنّا، مثلما عموا عن أبوينا. أفسدتِ عليَّ نساء الجزائر العاصمة. كنت أراهنّ قبلك زهو البَلاط، فصرت أراهن بعدك زهر البِلاط. يغسلن رجليك بماء الورد، ويسألنك في دهشة الفراشات: [كيف كان الملائكة يغسلون لحوّاء رجليها؟ ويمسحون عينيها بماء الغواية، وثغرَها بعطر التفاح؟ ما كانوا يُغنّون لها وهي تحلم بك، وتُعيذك من الشيطانات النفّاثات؟ ثمّ.. لو علم بك قابيل، هل كان سيقتل أم ينتظر؟ ولو انتظر وجاءك اليوم، هل ستقولين له: صباح الخير؟ وتفتحين له البابَ، فالصّالونَ، فحلوى العناق؟ أم تهربين؟ لمن تهربين؟ هابيل ضعيف، وأبوك آدم مشغول بريح الطوفان تأتيه من جهة الآتي، تحمل القيحَ والدّمَ والقرابينَ. صباح الخير يا مريم. بكِ حلمتُ، البارحة، تشقّين الشّارع باكية وتنادي علَيْ. وأنا مربوط إلى سريري أسمع ولا أرى، وأنادي عليك. وهزّني الطوفانُ. يسبح بي سريريَ على موجةٍ كأنها الكفُّ ثم كأنّها التلّة ثمّ كأنّها الجبلُ. يداي مربوطتان، وصراخي يعلو الطوفانَ حتى علتْني يدُ نوحٍ سلامًا.. سلامًا/ يحمل في السّفينة زوجين.. زوجين. قلتُ: هل هنا مريم؟ قال: لا أدري. قلت: حتى تدري أو لا أصعدَ فأفنى. يا مريم كانت سفينة مشحونة. وكنت أبحث عنك بين الأزواج وأسأل أشباهنا فيبكون ويشيرون إلى جهة الطوفانِ. بكى العصفورانِ. بكى الغزالانِ. بكت لبؤة وهي تلحس ليثَها. بكت سورتان من ألواح نوح، فنادى في السّماء: كُفّي... كُفّي. [واستوتْ على الجودي]. عودي يا مريم عودي. لأحكي لك قصّة الطّوفان. هل أنت بخير يا مريم؟ هل أزعج نومَك رجلٌ غيري، فأجعله يأرق حتى يلقى الرّبَّ؟ أو أزعج صحوَك رجل غيري، فأجعله ينام حتى لا يلقاه أحدُ؟ أم هو الكمدُ؟ يلقاك وحيدةً، فيطمعَ في عينيك، فخدّيك، فالأغنياتِ التي تسكن الرّأسَ والقلبَ. لماذا أنت وحيدة؟ وفي قلبي متّسع قد يصله الحزن، ولكن لن يصل أغنياتك؟ أما زلت تحبين فيروز وإديث بياف؟ وتغنين: [شايف البحر شو كبير؟ كبر البحر بحبك. شايف القمر شو بعيد؟ بعد القمر بحبك]، على مسمع ومرأى العراء، فتصبح النجوم قريبةً من يديكِ، والبحرُ بتلاتِ ماءٍ على نهديكِ، وأصبح أنا آدمَ أشاكس الشّيطان: كم خسرت يا كمال (*)! فينصرف منخورًا بالحزن وليل الأحقادِ. هاك فؤادي. إن وجدتِ فيه امرأةً أخرى، فأعطه لكمال. هل تشبهني يا جلجامش، فأروي لك ما بقي من الملحمة؟
هامش:
- الاسم الأوّل للشّيطان.
اقرأ/ي أيضًا: