بدأ تنظيم "الدولة الإسلامية" منذ يومين هجومًا عنيفًا على مناطق سيطرة النظام السوري في مدينة "دير الزور" شمال سوريا مكنه من التقدم لمناطق جديدة، بعد تحدث وسائل إعلام محلية عن استقدامه لتعزيزات عسكرية مطلع الشهر الجاري، ومحاولته عزل مواقع النظام عن بعضها عبر تقسيمها تمهيدًا لاقتحامها.
بدأ تنظيم "الدولة الإسلامية" منذ يومين هجومًا عنيفًا على مناطق سيطرة النظام السوري في مدينة "دير الزور" مكنه من التقدم لمناطق جديدة،
الهجوم الذي بدأه "داعش" فجر يوم السبت الفائت، يعتبر الأعنف منذ عام تقريبًا، عندما شن هجومًا مماثلًا على شمال غربي المدينة، استطاع خلاله السيطرة على نقاط جديدة، وقتل العشرات من عناصر النظام، بالإضافة لاختطاف المئات من المدنيين. أما بالنسبة للهجوم الحالي فإن التنظيم يهدف لقطع الطريق بين مطار "دير الزور" العسكري واللواء "137" والمناطق الشرقية في المدينة.
اقرأ/ي أيضًا: سوريا..سباق دولي لكسب أوراق التفاوض في الأستانا
ويبدو أن "داعش" يرغب التأكيد على عدم تأثره بالمعارك الدائرة في ريف الرقة، التي تعتبر أكبر معاقله، أو في مدينة "الباب" بريف حلب الشمالي، عبر الهجمات المعاكسة التي نفذها خلال الـ8 من الشهر الفائت في سوريا، ومكنته من السيطرة على مدينة "تدمر"، وفرض حصار على مطار T4 العسكري بريف حمص الشرقي، أو بهجومه الحالي على معاقل قوات النظام والميليشيات المقاتلة إلى جانبه في مدينة دير الزور.
وبعد المعارك العنيفة التي شهدتها خلال اليومين الماضيين، تمكن مقاتلو التنظيم من السيطرة على (مساكن الضباط ورحبة المطار)، وقريتي (بيوت المهندسين، والجفرة) قرب المطار العسكري، وسط تضارب في الأنباء عن قطع التنظيم للطريق بين مطار "دير الزور" العسكري من جهة، واللواء "137" والمناطق الشرقية في المدينة من جهة ثانية.
وشنت مقاتلات النظام السوري وروسيا عشرات الغارات الجوية، بالإضافة لاستهداف مناطق الاشتباكات بالقذائف الصاروخية، في مسعى منها لإعاقة تقدم مقاتلي التنظيم دون أن تتمكن من ذلك، في حين نقلت وكالة "سمارت" المحلية أن مقاتلات "يعتقد أنها للنظام السوري"، استهدفت عن طريق الخطأ مواقع لقوات النظام على "جبل مطل على المدينة" مخلفة عددًا من القتلى.
ويتضح أكثر من الهجمات التي ينفذها التنظيم في مناطق مختلفة من سوريا، رغم خسائره المتوالية في أماكن أخرى، اعتماده على مقاتلين محليين، وهو ما يؤكده دعوة قائده، أبي بكر البغدادي، في إحدى كلماته أنصار "داعش" عدم التوجه لسوريا والعراق، إذ إنه بعد سيطرته على مناطق واسعة في البلدين آنفي الذكر، استطاع تجنيد الأطفال الصغار من أجل القتال في صفوفه.
اقرأ/ي أيضًا: سوريا..اقتراب انهيار هدنة العام الجديد
كما تؤكد إصدارات "داعش" المرئية تركيزه على من يصفهم بـ"أشبال الخلافة"، واعتماده بشكل أساسي على تجنيد الأطفال من خلال المدارس التي أنشأها في مناطق سيطرته. وكان واضحًا في إصداره الأخير "أحياني بدمه" استخدامه للأطفال من سن 13 ومادون ذلك، لإيصال رسالة مفادها أنه بات له أنصار داخل مناطق نفوذه، تجعل من عملية القضاء عليه في المعارك الدائرة خلال فترة وجيزة أمرًا صعبًا، حيث ذكر أكثر من تقرير لصحف غربية على مدى العام الفائت انتهاج التنظيم لعملية "غسل أدمغة" الأطفال في مناطقه عبر المناهج التي يقوم بتدريسها لهم.
تؤكد إصدارات "داعش" المرئية تركيزه على من يصفهم بـ"أشبال الخلافة"، واعتماده على تجنيد الأطفال من خلال المدارس التي أنشأها
كذلك يأتي هجوم مقاتلي التنظيم الأخير، بعد أيام قليلة من إعلان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جيف ديفيس، أن القوات الأمريكية نفذت إنزالًا جويًا قرب مدينة "دير الزور" مضيفًا أنها "كانت عملية ناجحة ركزت على قادة في تنظيم داعش، ونفذتها فرقة استهداف تابعة للجيش الأمريكي"، في الوقت الذي نقلت وسائل إعلام محلية عن نشطاء قولهم إن العملية جرت في محيط قرية "الكبر" بالريف الغربي للمدينة.
إذ إن المرجح من هذا الهجوم، أن "داعش" يرغب بتأكيد أن العملية الأخيرة لم تؤثر على جاهزيته في "دير الزور" وريفها، وأن نتائجها لم تعق هجمات مقاتليه، وهي الاستراتيجية ذاتها التي يتبعها في مختلف مناطق سيطرته التي تشهد انحسارًا لافتًا في مساحتها، إضافة لأن الإدارة الأمريكية التزمت الصمت حيال القادة المستهدفين خلال الإنزال الجوي.
وليس مستبعدًا أن يتمكن "داعش" من السيطرة على مواقع قوات النظام في المدينة، حيثُ في حال استطاع الدخول إليها فإنه يكون بسط سيطرته على كافة الأجزاء المحاصرة، والتي تتلقى مساعدات إغاثية عبر الجو، ما يجعل التنظيم يحقق مكسبًا في مساحات نفوذه، فيما يتكبد خسائر مختلفة في العراق وسوريا.
بموازاة ذلك يشكل الهجوم الحالي في "دير الزور" ضغوطًا على روسيا التي تقول إنها تدخلت في سوريا لمحاربة "داعش" و"جبهة النصرة"، إلا أنها لم تستطع أن تحدث أي فارق في دعمها لنظام الأسد إن كان في مدينة "تدمر"، أو في "دير الزور"، فيما نجدها تقدم الدعم اللازم لعمليته العسكرية في "وادي بردى" بريف دمشق الغربي، وهو ما يفسر إمكانية استفادتها من تقدم "داعش" في إنشاء تحالف جديد بعد فشل التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في آب/أغسطس 2014 في القضاء على التنظيم.
اقرأ/ي أيضًا: