في سنوات الطائفية
عثرنا على رأسهِ في ساحة الطيران ببغداد
أحضرنا الرأس إلى البيت
كنا ننظر جميعًا
إلى أمي التي تتحسس الرأس
ترتجف وكأنها تحتضن كرة من الأشواك
كان صغيرًا وناعمًا للحد الذي غسلتهُ بدموعها
بعد سنوات
في بغداد خرجت تظاهرات كبيرة
تحطمت فيها رؤوس العراقيين فقط
وبقيت أجسادهم سالمة.
في المقبرة أعرف بأن رأس أخي
يتدحرج من قبرٍ لآخر
سيعثر على واحدة من هذه الجثث
سيأخذها
كما يأخذ قميصًا من أسواق البالة
ويخرج من القبر
يعود إلى الساحة التي يُقتل فيها العراقيون
يقف هناك وهذه المرة
لن يتمكن أحد من قطع رأسهِ
سيبقى العسكر في حيِرة من أمرهم
كل مقذوفات الدخان والرصاص ولم يسقط
سيصل أخي إلى جسر الجمهورية
ينزعُ رأسهُ ويترك الدماء تسيل
لترسم خارطة البلاد.
*
أمي
لا تعرفُ شيءً عن الولادة القيصرية
لا تعرفُ
أن الصراخ قليل هناك
وأنهن يلدنَ وهن نائمات..
هناك..
لا يعرفن أمي جيدًا،
لا يعرفن
بأنها تلد بشكلٍ مختلف
من مكان مختلف..
أمي الوحيدة تلدُ من عينها
ولدت أخي الشهيد دمعة دمعة
أطعمته العويل ليلًا
لهذا كبر سريعًا
هو الآن:
لا يتحرك
لا يتكلم
لا ساقين له ليذهب معنا إلى المدرسة
فقط
يتسلق وجهها وينمو على هيئة تجاعيد..
اقرأ/ي أيضًا: