تتزايد المخاوف من أن انقسام الحزب الديمقراطي حول الحرب على غزة يمكن أن يعزز حظوظ المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب في السباق الرئاسي الذي سيجرى في تشرين الثاني/نوفمبر القادم.
فقد دعا أحد كبار المانحين الديمقراطيين الرئيس الأميركي جو بايدن إلى وقف تصدير شحنات الأسلحة والذخيرة إلى إسرائيل، محذرًا من أن "كارثة" الحرب على غزة قد تعرض محاولة إعادة انتخابه للخطر.
وحث جورج كروب الذي يتوقع أن يجمع 2.5 مليون دولار في حملة جمع التبرعات بمدينة بوسطن اليوم الثلاثاء، بايدن على إخراج القضية "من الطاولة" من خلال تعليق شحنات الأسلحة إلى إسرائيل.
دعا أحد كبار المانحين الديمقراطيين الرئيس الأميركي جو بايدن إلى وقف تصدير شحنات الأسلحة والذخيرة إلى إسرائيل
وتحدث كروب لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية قائلًا: " أعتقد أن هذا الأمر المتعلق بإسرائيل كان بمثابة كارثة بالنسبة له"، وأضاف: "أعتقد تمامًا أن بايدن بحاجة إلى تعليق شحنات الأسلحة لأسباب إنسانية وسياسية".
وأدى موقف الرئيس بايدن من العدوان على غزة إلى انقسام الديمقراطيين. خاصةً مع تشديد موقفه الداعم بقوة لـ"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ردًا على هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر"، وهي العبارة التي يكرر في عدة مناسبات. فقد وصف أمس الاثنين طلب رئيس المحكمة الجنائية الدولية من قضاة المحكمة إصدار أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيليين بأنه "شائن"، وقال: "سنقف دائمًا مع إسرائيل ضد التهديدات لأمنها".
وكان كروب قد وقع رسالة في أذار/مارس الماضي مع العشرات من المانحين والناشطين الديمقراطيين للتعبير عن قلقهم بشأن الحرب على غزة، واعتبر كروب "غموض بايدن بشأن الحرب يضر بحملته لإعادة انتخابه". وأضاف: أن "الرئيس يحتاج إلى عقيدة واضحة تخرج إسرائيل من غزة، وترسم الطريق إلى حل الدولتين".
وجاءت تصريحات كروب بالتوازي مع الانتقادات التي وجهها "المانح الديمقراطي الكبير" حاييم سابان، لقرار بايدن وقف شحن الأسلحة إلى إسرائيل.
وكتب سابان في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى كبار المسؤولين في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، قائلًا: "قرار سيئ، سيئ، سيئ، على جميع المستويات، يرجى إعادة النظر فيه". وأضاف في تصريحات انتقدتها حتى صحيفة "هآرتس": أن "عدد الناخبين اليهود الذين يهتمون بإسرائيل أكبر من عدد الناخبين المسلمين الذين يهتمون بحماس".
هذه المواقف والتصريحات زادت من حملة الانتقادات داخل الحزب بسبب فشل الرئيس في كبح جماح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فقد ارتفع عدد الشهداء منذ بداية العدوان إلى نحو 35 ألف شهيد.
وأوقف بايدن هذا الشهر شحنة من القنابل كانت متجهة نحو إسرائيل، بسبب رفض نتنياهو التخلي عن القيام بعملية عسكرية في مدينة رفح، لكنه وافق الأسبوع الماضي على حزمة من المساعدات العسكرية بقيمة مليار دولار لإسرائيل.
والشهر الماضي، كما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد قرار في مجلس الأمن حول منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
تشير الصحيفة البريطانية إلى أن هناك مخاوف من قيام الناخبين الديمقراطيين الشباب، المعارضين للهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة، بالتخلي عن بايدن بسبب مواقفه من الحرب، في حين يمكن للديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل أن يتحولوا إلى دعم دونالد ترامب.
ففي 15 أذار/مارس الماضي، صوت أكثر من 100 ألف ديمقراطي، وهو ما يشكل 13 % من إجمالي الأصوات، في ميشيغان، التي تضم جالية عربية كبيرة، بالتصويت بـ"غير ملتزم" في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، كرسالة احتجاج بشأن موقف بايدن من الحرب.
ويأمل الديمقراطيون في أن يتحد الحزب لقطع طريق الفوز على ترامب. ومثال على ذلك إشارتهم إلى أن الرئيس السابق دعا إلى فرض حظر على المهاجرين المسلمين عام 2015.
وقالت حاكمة نيويورك كاثي هوشول لصحيفة فايننشال تايمز: إن "تصرفات دونالد ترامب ضد الجالية المسلمة، حين كان رئيس، بغيضة"، وأضافت: "أنا أؤيد الرئيس، وكيف يتعامل مع الهجوم الإسرائيلي لقضاء على حماس، ولكن علينا أيضًا التأكد من تخفيف الخسائر في الأرواح البريئة".
في حين، قالت عضو مجلس إدارة مجموعة "جي ستريت" الليبرالية المؤيدة لإسرائيل، باتريشيا جوردون، والتي استضافت حملة لجمع التبرعات مع السيدة الأولى جيل بايدن، إنها "تدعم أيضًا نهج بايدن تجاه إسرائيل وكانت واثقة من أنه سينتصر".
ولفتت جوردون إلى أن بايدن "سيدافع دائمًا عن إسرائيل، لكنه اتخذ مؤخرًا الخطوة الصعبة لمنع إساءة استخدام الموارد الأميركية بطريقة هجومية".
وفي حين تضع استطلاعات الرأي ترامب في المقدمة، يخشى كروب والعديد من الديمقراطيين من أن تؤدي الحرب على غزة إلى "ترجيح كفة منافس بايدن". وختم كروب، بالقول: "أعتقد أنه إذا أجريت الانتخابات اليوم، سيخسر بايدن".
ويقول بعض المراقبين إن حرب غزة ستكون كارثة سياسية كاملة بالنسبة للرئيس الأميركي جو بايدن، وأفضل شيء يمكن أن يفعله، إن لم يكن من أجل إنقاذ عدد لا يحصى من الأرواح البريئة المعرضة للخطر، فمن أجل مصلحته الخاصة، وهو تحريك السماء والأرض لإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن.