لم تقف مجمل المعوقات من اليتم الذي أورثه وضعًا معيشيًا صعبًا، ولا حال البلاد، أمام طموح المهندس اليمني محمد العفيفي، الذي استطاع أن ينسج من هذه المعوقات ما جعله يحصل على لقب "أديسون اليمن".
المهندس اليمني محمد العفيفي هو مخترع جهاز الأوتوكيو لقراءة النشرات الإخبارية المستخدم في كافة الفضائيات حول العالم
درس محمد العفيفي الهندسة الإذاعية والتلفزيونية في كلية ماركوني في بريطانيا، ثم سافر للدراسة في نفس المجال في كل من ألمانيا وسويسرا.
اقرأ/ي أيضًا: أرشيف عبدالرحمن الغابري.. اليمن في نصف قرن بمليوني صورة
وللعفيفي 30 اختراعًا، منها اختراعات غير مسبوقة في العالم، مثل الجهاز الذي اخترعه في سبعينات القرن الماضي، حين كان يعمل أستاذًا مساعدًا في كلية الهندسة بجامعة صنعاء، وهو جهاز الأوتوكيو، أول جهاز في العالم لقراءة النشرات الإخبارية.
كما اخترع العفيفي جهازًا يكشف الحالات النفسية والعصبية للأجسام البشرية عن بُعد، ويعمل بالتقاط الموجات الكهرومغناطيسية الصادرة عن جسم الإنسان، ويحولها إلى جهود كهربائية، "ومن خلالها يعرف ما إذا كان الإنسان يعيش في المستوى الطبيعي أم لا، فعندما يكون في حالة جيدة تكون قوة الحث المغناطيسي في جسمه كبيرة"، يصف العفيفي اختراعه.
اختراع آخر للعفيفي الذي بدأ دراسته في دار الأيتام والتحق للعمل في المجال الهندسي، بالتلفزيون اليمني منذ تأسيسه، وهو جهاز للحماية من أشعة الكاثود المنبعثة من شاشة التلفاز، غير أنه اختراعه هذا تعرض للسرقة كما يقول.
يقول العفيفي إنه كان بوسعه أن يسجل الاختراع باسمه، لكن ما أعاق ذلك أن اليمن ليس عضوًا في المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، ولم يكن أمام سوى أن يسجل الاختراع باسمه شخصيًا مقابل خمسة آلاف و500 دولار أمريكي، غير أن صعوبة وضعه المادي حالت دون ذلك، كما يقول.
سرقة اختراعاته
تناول العفيفي أغلب اختراعاته عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، واستطاعت شركات كبيرة أن تلتقط الفكرة وتبدأ في العمل عليها مباشرة، فـ"الفكرة النظرية تكفي لسرقة الاختراع"، كما يقول العفيفي.
وليس جهاز الحماية من أشعة الكاثود هو الاختراع الوحيد الذي سرق من المهندس اليمني، فجهاز التعرف على الروائح التي تعرض عبر التلفاز سُرق منه أيضًا، بعد ست سنوات من عرضه على شركة بمدينة دبي، لمّا سمع خبرًا عن إدخال ميزة التعرف على الروائح عبر التلفاز من قبل شركتين يابانية وكورية!
حساسية التدخين
عمله في التلفزيون اليمني ألهمه كثيرًا من اختراعاته كما يتضح، منها جهاز حساس للتدخين، بحيث يتوقف التلفاز عن العمل في حالة التدخين غلى جواره، ويعرض رسالة "الرجاء التوقف عن التدخين".
لكن ليس التلفاز وحده من يلهم العفيفي، فالمثل يقول: "الحاجة أم الاختراع"، وهكذا كانت الحاجة أمام تكرار احتراق الطعام بسبب نسيانه على النار فترة طويلة من قبل زوجته، أمًا لاختراع جهاز "بيجر هوس" للتنبيه بنضج الطعام.
يشرح العفيفي الجهاز: "يعمل الجهاز باستشعار درجة الحرارة اللازمة لنضج الطعام، ثم يصدر صوت إنذار يمكن أن يصل لمسافة 500 متر". ووفقًا له، فيمكن استخدام الجهاز كذلك في الصحة، بأن ينبه بارتفاع درجة حرارة المريض إلى المعدل الخطر.
وهكذا لدى العفيفي العديد من الاختراعات المفيدة في مجالات مختلفة، غير أنه لم يستطع تسجيل براءة اختراع سوى في أربعة منها فقط، وأبرزها على الإطلاق الأوتوكيو، فهذا الجهاز المستخدم في كل فضائيات العالم، أول من قرأ منه كان الإعلامي اليمني أحمد الذهباني.
تعرض العفيفي لسرقة الكثير من اختراعاته التي لم يستطع تسجيلها لأن اليمن ليس عضوًا في المنظمة العالمية للملكية الفكرية
بعد 70 عامًا وعشرات الاختراعات، كل ما يأمله محمد العفيفي هو "إيفائي حقي بالاستثمار في اختراعاتي وإيصالها للبشرية"، مضيفًا: "الاختراعات ليست خاصة بي، وإنما هي لخدمة جميع البشر".
اقرأ/ي أيضًا:
رقية الواسعي.. فنانة يمنية ترسم لوحاتها على حطام الحرب
أبو الخيال العلمي.. جورج ويلز الذي تنبأ بأشياء قبل حدوثها بـ100 عام!