مشهد 1
في الحانة كنت أراقب الكؤوس بفرح، ألتقط صورًا للمنتظرين، وأرقص على الأغاني الدّارجة. في الحانة الآن، أراقب المشاة، أعدّ السّيّارات وأرقامها الرتيبة بانتظار سيّارتك السوداء، وأرقص على الرصيف أمام باعة الورد الصّغار، عسى أن تدخل الشارع ماشيًا في أيّة لحظة. في الحانة صارت الكؤوس مشرّدة لا أحد لينظر إليها، صرت أنا المنتظرين.
مشهد 2
في هذه الحياة كان وجهي مخبّأ في سرير كتفكَ، طرف الثّوب النّازل عن سريرك إنّه لي. ويدي الّتي وضعتها على وجهك في المنام صارت لك كي تفعل بها ما يحلو لك. قبّلها، العقْ فيها الأصابع أو ضعها على فمك كي لا أعذّبك في الكلام. لم تضع امرأة يديها على وجهكَ كي تمسح الشّكوك والشّقاء والشّيب البليغ الجميل المستكين. شيبك أنت فقط هكذا.
مشهد 3
هل تعرف كيف تقع في حبّي؟
بعد وقت قصير ستعرف. سأمسك بيديك بطرق جديدة أعلّمك كيف أحمل الكأس فأصير مثيرة، وكيف أحمل المنديل والتّعب. وكيف أتذكّر أيّ شراب بقي طعمه فوق شفتي. لم يبقَ شيء فوق شفاهي سوى قبلة من السّادسة عشر، طعمها على مرارة. في المرة القادمة، لن تكفينا حياة واحدة. اترك لي ندبة في يدي، سأميّزك حين نكبر ونخرّف فنتعرّف على بعضنا وأحبك أيضًا في حيواتنا الثانية.
مشهد 4
في الشتاء أحبّ وجوه النّاس الحزانى في الحانات. لأحزانهم هالة تحيط الأماكن. تعابيرهم المستسلمة للكأس على الطاولة، وأياديهم الّتي تقبض عليه فيصير الويسكي أيرلنديًّا بلحظة خاطفة.
في الشّتاءات القادمة أريد أن أصنع فيلمًا للسّينما من لقطة طويلة لرجل حزين في حانة صغيرة منسيّة.
الأفلام السّعيدة مملّة. يحلو لي أحيانًا أن تكون الحياة مجرّد فيلم طويل لامرأة في حانة تفكّر بنا كأحزان في رأسها.