ألترا صوت – فريق التحرير
ما الذي يجعل من الفيلم فيلمًا ملحميًّا؟ أهو الإنتاج الضخم؟ براعة الإخراج في بناء المشاهد واللقطات؟ حذاقة الممثلين في تنفيذ الأدوار بشكل يجعلها لا تُنسى؟ أم أن الأمر مرهون بالقصة التي تتناول حكاية شعب كامل؟ أم الإنتاج الكبير وأعداد الكومبارس الكبيرة؟
ربما ذلك أو كله أو بعضه، ولعل كل من النماذج التي نقدمها هنا يصلح ليكون نموذجًا في السينما الملحمية، أو يمكن القول إن كل من هذه الأفلام رؤية خاصة، أو أطروحة، في الفن السينمائي الملحمي.
لورنس العرب
لا يزال فيلم لورنس العرب، من إنتاج 1962، يحظى بتصنيف فني احتفالي يضعه في مقدمة أعظم الأفلام في تاريخ السينما العالمية، للطريقة الشاعرية التي اختار فيها المخرج ديفيد دين إظهاره بها، ناهيك عن الأدوار الرائعة لكل من بيتر أوتول بدور لورنس، وعمر الشريف بدور الشريف علي، وأنطونى كوين في دور عودة أبو تايه.
الفيلم الذي تدور احداثه في العقد الثاني من القرن العشرين، إذ نشبت الحرب العالمية الأولى، وكانت الدولة العثمانية تلفظ أنفاسها الأخيرة وتفقد قلاعها في المنطقة العربية؛ يقدم رؤية درامية جديدة لحياة الضابط البريطاني توماس إدوارد لورنس.
ملحمة سينمائية تسجّل وقائع الثورة العربية الكبرى للخلاص من الحكم التركي، من تفجير الخط الحديدي الحجازي، وسير المقاتلين باتجاه الشمال حتى تتحقق الحرية، ضمن سردية سينمائية تجعل من الصحراء تحفة بصرية.
غاندي
أنتج فيلم غاندي عام 1982 حول حياة موهانداس غاندي، قائد مقاومة اللاعنف ضد حكم بريطانيا العظمى الاستعماري للهند خلال النصف الأول للقرن العشرين. الفيلم من إخراج ريتشارد أتنبره، ولعب دور غاندي الممثل البريطاني بن كنغسلي، وقد نال الفيلم العديد من جوائز الأوسكار، من ضمنها أفضل ممثل وأفضل مخرج وأفضل فيلم.
يحكي الفيلم رحلة كفاح طويلة لشعب رزح تحت احتلال قضى على آمال أمة بالحرية والعدالة، لكنّ غاندي الشاب الذي عثر على طريقه خلال تواجده في جنوب أفريقيا سوف ينتقل إلى الهند، وفيها سيشارك زملاءه رحلة نضال سرعان ما سوف يصبح فيها بمثابة القلب.
يبدأ الفيلم بمشهد العنف الذي أنهى حياة غاندي. شاب هندوسي متعصب يطلق عليه الرصاص ويرديه. غاندي يتمتم "يا إلهي" ويسقط. بعد ذلك يعود الفيلم الى الوراء يعود راويًا لنا فصولًا من حياة أبي الأمة الهندية.
يقول الناقد إبراهيم العريس: "منذ عرضه العالمي الأول في نيودلهي (...) كان الفيلم الذي أحدث تجديدًا أساسيًا في سينما السيرة القائمة على تقديم حياة كبار عاشوا حقًا. غير أنه لم يُضاهَ بعد ذلك، نجاحًا وضخامة، على رغم كل المحاولات".
أسد الصحراء
أسد الصحراء نشيد سينمائي يروي سيرة المناضل الليبي عمر المختار، وهو من إخراج مصطفى العقاد عام 1981، وبطولة كل من أنطوني كوين وإيرين باباس ورود شتايجر.
يروي الفيلم (عرف شعبيًّا باسم فيلم عمر المختار) كيف اعتقل المستعمرون الإيطاليون المختار عام 1931، وعقدوا له محكمة استمرت ساعة واحدة أصدرت حكمها بإعدامه شنقًا، وتم تنفيذ هذا الحكم على الرغم من أن المختار كان قد تجاوز الثانية والسبعين من عمره.
يقول الناقد الراحل محمد رضا: "عمر المختار كان أفضل من "الرسالة" سينمائيًا ودراميًا. هنا أبرز المخرج قدراته بشكل كامل. لم يكن عليه اعتماد وجهة نظر والتلاعب على قوانين الممنوع والمسموح بالنسبة لظهور شخصية النبي وباقي الخلفاء الراشدين على الشاشة، بل وضع في المواجهة أنطوني كوين مؤديًا شخصية المناضل الليبي، وبتحرر من القيود نفّذ الفيلم الملحمي- التاريخي الكبير بحسب القواعد الهوليوودية كاملة: عليك كمشاهد أن تلتقي عاطفيًا والشخصية التي تختارها كبطولة. عمر المختار كان أستاذًا في القرية. كان إنسانًا حكيمًا ومدركًا ومسالمًا. مال الى السلاح دفاعًا عن الوطن والعقيدة. أي مشاهد في أي مكان من العالم سيتلاقى وهذا البطل وسيؤيده".
وقائع سنوات الجمر
وقائع سنوات الجمر فيلم جزائري من إخراج محمد الأخضر حمينة، صدر عام 1974 عن الديوان الوطني للتجارة والصناعة السينما توغرافية، وحاز بعد عام على السعفة الذهبية بمهرجان كان.
دخل وقائع سنوات الجمر في قائمة كلاسيكيات السينما العالمية، وبات يعتبر واحدًا من الأفلام التاريخية الأضخم التي حققت خارج هوليوود، وأصبح من علامات السينما التي كانت تحقق باجتهاد في العالم الثالث الذي كان يبحث عن دروبه الخاصة في المجالات كافة، بما في ذلك السينما.
يروى الفيلم قصة الجزائر بين عامي 1939 و1954، من مراحل الجفاف الرهيب الذي أصاب الأراضي الزراعية، وقتل المواشي، وهجرة الفلاحين نحو المدن. ثم ما حدث للجزائريين إبان سنوات الحرب العالمية الثانية، ثم حكاية الانتخابات بين الحرب، والاختيار الصعب الذي واجه الجزائر.
اقرأ/ي أيضًا: