تعد أسمهان من أكثر الفنانات إثارة للجدل، يكفي ذكر اسمها لإطلاق علامات الاستفهام والتعجب. صوتها الشجي وموتها الغامض يشكلان مكونات أسطورتها الفريدة.
ولدت أسمهان لأسرة درزية سورية تحت اسم آمال الأطرش فى 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1912 في الماء على متن باخرة كانت تقل عائلتها من تركيا لبيروت، وتوفيت في 14 تموز/يوليو 1944 في الماء أيضًا ولكن هذه المرة إثر انقلاب سيارتها في ترعة ماء أثناء ذهابها لمدينة رأس البر بمحافظة دمياط بمصر.
عمر قصير وحكايات كثيرة
27 عامًا كانت كافية جدًا لتكوين أسطورة أسمهان، شقيقة المطرب والملحن الشهير فريد الأطرش استطاعت خلال سنواتها المعدودات أن تصعد إلى أعلى سلم المجد عبر رحلة طويلة وشاقة، بدأت من الماء وانتهت إليه!
صوت أسمهان الشجي وموتها الغامض مكوّنا أسطورتها الفنية الفريدة
نشأت في بيت ممتلئ بالفن والغناء، أخذت تردّد أغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، حتى سمعها الملحن داوود حسني أثناء زيارته لأخيها فريد فاكتشف موهبتها الفذة، ومن هنا بدأت قصتها.
اقرأ/ي أيضًا: أفلام أم كلثوم الستة
في عام 1931 شاركت أخاها فريد الغناء في صالة ناري منصور في شارع عماد الدين بوسط القاهرة، بعد تجربة قصيرة شاركت فيها والدتها الغناء في الأفراح، ثم تركت الغناء ورحلت. ثلاث سنوات كتبت فيها أسمهان الأسطر الأولى من تاريخها الفني حتى تزوجت من الأمير حسن الأطرش عام 1934 ورحلت إلى سوريا، في زواج استمر عدة سنوات عاشت فيها كأميرة للجبل، ثم ناداها شغفها الأول فعادت إلى مصر عام 1940 لتستأنف رحلتها مع الغناء.
ميعاد مع الشهرة
صوتها الشجي ذو المساحة الواسعة مكّنها من الشهرة سريعًا، وكعادة النجوم حينها كان لا بد من الدخول إلى عوالم السينما، الطريق الأقصر للمجد والمال.
تردد اسم أسمهان لدى المنتجين السينمائيين، إلى أن تلقفتها شركة أفلام تحلمي، وأنتجت فيلمها الأول "انتصار الشباب"، الذي شاركها البطولة فيه عدد من أشهر نجوم ذلك العصر مثل شقيقها فريد الأطرش والممثل استيفان روستي.
مع مرور السنوات القصيرة ازدادت شهرةً، حتى غنت من كلمات كبار الشعراء مثل أحمد شوقي وبيرم التونسي مع ألحان كبار الملحنين مثل محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي، بل تقاضت أعلى أجر في السينما المصرية، وهو الأمر الذي هدّد عرش السيدة أم كلثوم ذاتها.
جدل أسمهان.. يأخذنا إلى أين؟
ربما تعد أسمهان واحدة من أكثر الشهيرات الذين ثارت حولهن الشائعات في التاريخ، الجاسوسية كانت إحدى الشائعات التي لازمتها طيلة حياتها، تارة توصف بالعمالة المخابرات البريطانية وتارة للفرنسية، وتارة أخرى بالعمالة المزدوجة! لم تسلم أيضًا من شائعات أخرى تتعلق بزواجها وطلاقها وعلاقاتها.
نالت قدرًا لا بأس به من الشهرة يمتد أثره إلى اليوم، لكنها أيضًا دفعت ضريبة الشهرة كما لم يدفع أحد.
أسمهان.. ليه؟
مطربون ومطربات كثيرون ظهروا على الساحة الفنية، منهم من استمر في الظهور ومنهم من توارى عن الأنظار، لكن أحدًا منهم لم يحقق ما حققته أسمهان رغم عدد سنوات عمرها القليلة نسبيًا.
إلى جانب جمالها، يتميز صوت أسمهان بنبرة فريدة من الشجن، مساحة واسعة مكنتها من أن تُغنى فتطِرب، بل وتوقظ الحنين النائم داخل القلوب، عبر أغانيها التي تأخذنا إلى أربعينيات القرن الماضي، وكأنها آلة للزمن وليست مجرد أغان.
"ليالي الأنس في فيينا" من كلمات أحمد رامي وألحان فريد الاطرش غنت أسمهان أشهر أغانيها على الإطلاق، تلك الأغنية المرادفة للحنين وعلى كثرة ما غنى المغنون وأطرب المطربون لا يشبهها أحد، وفي هذا يكمن سر أسمهان.
وفاة مبكرة.. وأسئلة بلا إجابات
توفيت أسمهان وهي في الـ 27 من عمرها بعد أن ملأت الدنيا غناء وتمثيلًا، لتترك خلفها تساؤلات عديدة وخيوط متشابكة لم يحل تشابكها إلى اليوم.
توفيت أسمهان وهي في الـ 27 من عمرها بعد أن ملأت الدنيا غناء وتمثيلًا
نجاة السائق وهروبه جعل الكل يتأكد من أن حادثة موت أسمهان كانت مدبرة، الكل متهم بقتل المطربة الشابة، المخابرات البريطانية والفرنسية، زوجها الأول حسن الأطرش، زوجها الثالث أحمد سالم، وكذلك السيدة أم كلثوم، والكل يلقى بالاتهام واللوم على الكل، حتى ضاعت الحقيقة رغم مرور 75 عامًا على الحادث.
اقرأ/ي أيضًا: عيوننا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم يا فيروز
في 2009، ظهر مسلسل "أسمهان" الذي يحكى قصة حياتها، ولاقى نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، لكنه بالطبع لم يكشف غموض وفاتها، مثله مثل كل المحاولات التي بذلت لكشف الغموض عن وفاتها، لتبقى أسطورتها حية إلى اليوم، وربما تبقى كذلك إلى الأبد.
اقرأ/ي أيضًا: