على الرغم من كونها مخيفة إلا أن لها جمهورًا واسعًا، إذ تحظى أفلام الرعب باهتمام المتفرجين على اختلاف أنواعهم، سواء كانوا عربًا أو أجانبًا. ولكن عند حديثنا عن أفلام الرعب في السينما العربية وعلى رأسها السينما المصرية سنجدها بالتأكيد تختلف عن نظيرتها الأجنبية، ويمكن أن نستنتج أن الأفلام من هذا النوع في السينما العربية تبقى أقل احترافية مقارنة بالأفلام الأجنبية؛ فالسينما العالمية تتميز بوفرة الإنتاج والخيال، لكن في السينما العربية الأمر مختلف. هنا حديث موجز حول أفلام الرعب المصرية وأبرز الانتقادات الموجّهة لها.
السينما المصرية هي السينما الوحيدة العربية التي تتوفر على أفلام عديدة تدخل في خانة الرعب مقارنة بالسينمات العربية الأخرى
أفلام الرعب المصرية.. سبق عربي لا يعني التميّز
يلاحظ أن في أفلام السينما المصرية، وهي السينما الوحيدة العربية التي تتوفر على أفلام عديدة تدخل في خانة الرعب مقارنة بالسينمات العربية الأخرى، أن موضوع "الجن" وتحضير الأرواح هو الموضوع الرئيسي الذي لا يتغير أبدًا مقارنة بأفلام الرعب الأجنبية التي وسعت من نطاق فكرة الرعب، وأدخلت أفكارًا وتقنيات وزوايا "مرعبة" حقًا، ضمنت الغنى والتنوّع في هذا النوع من الأفلام، جعل بعضها يتبوأ مكانة مرموقة بين أفضل الأفلام العالمية.
يمكن أن يكون تفسير الأمر على أن المخرج العربي يفتقر إلى الخيال المطلوب لتغيير تيمة "الجن" في أفلام الرعب العربية. لكن رغم ذلك، فهذه الأفلام في القادم من موضوعنا، والتي وجدنا أنها تستدعي الوقوف معها، ربما الإبداع فيها واهتمام الناس بها، يؤكد أن صناعها لم يبذلوا فيها جهدًا أو خيالًا.
"سفير جهنم" أقدم فيلم رعب عربي
في الوقت الذي كان إنتاج السينما المصرية يتجه نحو الكلاسيكيات والرومانسية في الأربعينيات من القرن الماضي، اختار عميد المسرح العربي يوسف وهبي، تأليف وإخراج وتمثيل دور البطولة في فيلم "سفير جهنم" الذي يعد أقدم فيلم رعب في السينما المصرية والعربية.
ويمكن أن نقول إن موضوع الجن في أفلام الرعب بدأ مع هذا الفيلم، في سنة 1945، إذ يحكي فيلم "سفير جهنم" علاقة "الجن" بالبشر ومدى سيطرته عليهم من خلال رجل بسيط وأسرته. الرجل دائم الشكوى من حاله، وضعف إيمانه يجعله فريسة سهلة للشيطان الذي يجسده يوسف وهبي، والذي يقرر فيما بعد أن يقتحم حياته ويسيطر عليه ويمنحه المال والعودة لسن الشباب، حيث ينصرف الرجل للعربدة ومصاحبة النساء، وتغتر زوجته بشبابها وتقيم علاقات مع الشباب، كما يتورط ابنه فى جريمة قتل بدافع الغرور، وبذلك يستطيع "سفير جهنم" أن يدخلهم الجحيم مع معاناة لا تنتهي.
وفي الخمسينيات، بالضبط سنة 1956، سيخوض إسماعيل ياسين تجربة جديدة في خانة أفلام الرعب، والمثير أنه سيجمع بين الرعب والكوميديا في عمل واحد، من خلال فيلمه الشهير "إسماعيل ياسين فى متحف الشمع".
تدور أحداث الفيلم حول ثلاثة أشخاص، هم ضابط الشرطة ورجل العصابة والحانوتي، وكل منهم له حكاية، أولًا ضابط الشرطة هو الذي اكتشف العصابة ولكن لم يتمكن من القبض عليهم لأنهم عرفوا باكتشافه لهم وقتلوه، أما العصابة فهي عصابة تقوم على سرقة التحف والتماثيل من المتاحف، أما الحانوتي فهو يعمل على دفن التماثيل، وهذا الفيلم هو أول فيلم رعب كوميدي في السينما المصرية والعربية.
"الإنس والجن" و"أنياب" عنوان الرعب في الثمانينيات
لا شك أن الفيلم المصري "الإنس والجن"، أحدث ضجة إبان عرضه سنة 1985، وحقق أرقامًا قياسية هامة، فمن منا لم يشاهده أو يفضل مشاهدته ليومنا هذا.
الفيلم من بطولة عادل إمام ويسرا وعزت العلايلي وأمينة رزق، ومن إخراج محمد راضي. فيلم "الإنس والجن" يحكي عن سيدة تعود من الولايات المتحدة بعد حصولها على الدكتوراه من هناك ثم تقابل "جلال" وهو خبير سياحي لكنه جني ويلعب دوره عادل إمام. الذي سيقود السيدة وهي "يسرا" إلى مصحات نفسية، حتى تحاول الانتحار بسبب ملاحقته لها. ولكن ينقذها الجن ويعيدها مرة أخرى إلى المستشفى وتفاجأ "بأسامة" (عزت العلايلي) يتلو القرآن مما جعل "الجن" يختفي نهائيًا.
أما فيلم "أنياب" فيعد من أقوى أفلام الرعب في السينما العربية، وهو فيلم مصري من إنتاج 1981، للمخرج محمد شبل، وهو العمل المصري الوحيد الذي تناول شخصية "دراكولا"، وتدور أحداثه حول شاب يدعى "علي" وخطيبته "منى" تتعطل السيارة بهما، ويتوقفان أمام قصر مهجور يسكنه مصاصي الدماء، ويضطران للمبيت به، ويكتشفان أنه منزل "دراكولا" ويحاولان مواجهته والنجاة بحياتهم". وحاول مخرج الفيلم محمد شبل إعادة التجربة في فيلم رعب آخر يدعى "التعويذة"، وأيضًا يتحدث عن "الجن" وعلاقته بالإنس.
وعلى الرغم من أن أفلام الرعب كانت موجودة بكثرة في مرحلة الثمانينيات، إلا أن المخرجين في السينما المصرية لم يقدموا بعد ذلك على التطرق من جديد إلى نوعية هذه الأفلام، إلى أن حاول في السنوات الأخيرة، المخرج المصري وائل عبد القادر إخراج أفلام رعب أكثر احترافية.
لا شك أن الفيلم المصري "الإنس والجن"، أحدث ضجة إبان عرضه سنة 1985، وحقق أرقامًا قياسية هامة
المخرج الذي حكى بكثير من الفخر عن فيلمه "القرين"، أكد في تصريحات صحافية أنه يُعد أول فيلم رعب بطريقة احترافية في السينما المصرية، ويتناول قصة عن رجل خسر ممتلكاته فيقرر الانتحار بعد أن يقتل أفراد أسرته، لتصبح الفيلا الخاصة به مسكونة بالأرواح الشريرة وتتوالى الأحداث في إطار مشوق مليء بالرعب والإثارة.
فيلم "القرين" تأليف أمير صبحي، وإخراج وائل عبد القادر، وبطولة وإنتاج عماد عبد المنعم، ونهال عنبر، وصبري عبد المنعم، وحسن عيد، وأحمد رفعت. ومع ذلك لم يحقق الفيلم النجاح المتوقع خلال عرضه عام 2015.
لتظل فترة الثمانينيات فترة ذهبية فيما يخص أفلام الرعب في السينما المصرية والعربية من ثم، ويستمر النظر لصناع الأفلام في هذه الفترة بكل تعجب من إنتاجهم ودخولهم في تجارب بهذا التنوع وبهذه الكثافة التي سمحت بالتجريب في موضوعات كثيرة، كانت السينما العربية لتفتقدها لولا هذا الجيل من صناع السينما.