أعلنت مجموعة من طلاب الدراسات العليا في "جامعة ييل"، في ولاية كونيتيكت شمال شرق الولايات المتحدة، أمس الجمعة، إضرابهم عن الطعام احتجاجًا على استثمارات الجامعة في الشركات التي تزود "إسرائيل" بالأسلحة.
وقال الطلاب إن الجامعة تستفيد، عبر استثماراتها هذه، من "الإبادة الجماعية" التي ترتكبها "إسرائيل" في قطاع غزة منذ 190 يومًا فقد خلالها أكثر من 33 ألف فلسطيني حياتهم جراء القصف المتواصل على القطاع.
ويأتي إضراب الطلاب عن الطعام بعد إرسال مجموعة باسم "المضربون عن الطعام من أجل فلسطين" رسالة إلى رئيس الجامعة، بيتر سالوفي، الأربعاء، يطالبون فيها بسحب الجامعة لاستثماراتها في الشركات التي تزود دولة الاحتلال بالتكنولوجيا العسكرية.
أضرب الطلاب عن الطعام احتجاجًا على استثمارات الجامعة في الشركات التي تزود "إسرائيل" بالأسلحة وتساهم في حربها على قطاع غزة
وجاء في الرسالة: "نطالبكم بحلول صباح يوم الجمعة 12/4/2024 بإصدار بيان عام تلتزم فيه بسحب الاستثمارات من جميع شركات تصنيع الأسلحة التي تساهم في الهجوم الإسرائيلي على الفلسطينيين".
وأضاف الطلاب: "نطالبك أنت وبقية أعضاء مجلس الإدارة في اجتماع مجلس إدارة شركة ييل يوم السبت المقبل بمناقشة خطط سحب الاستثمارات وإصدار بيان عام يعترف بأن مجلس الإدارة قد فعل ذلك"، إلا أن الجامعة لم ترد.
وأوضحت الرسالة أن الجامعة لديها أكثر من 640 مليون دولار في الصناديق المتداولة في البورصة، مما يعني أن لديها استثمارات بشكل غير مباشر في شركات تصنيع الأسلحة مثل "لوكهيد مارتن"، و"رايثيون"، و"بوينغ" و"نورثروب جرومان" التي تنتج القنابل والطائرات وغيرها من الأسلحة التي تستخدمها "إسرائيل" في حربها على غزة.
في المقابل، قال المتحدث باسم الجامعة لموقع "ميدل إيست آي" إن الأخيرة تلقت الرسالة وملتزمة: "بحرية التعبير والحق في الاحتجاج السلمي، وهي القيم الأساسية لمجتمعنا الأكاديمي"، مضيفًا: "لقد تواصل موظفو الجامع مع المنظمين الطلابيين لتزويدهم بالموارد".
وتابع قائلًا: "سيواصل الموظفون التأكيد على أهمية صحة الطلاب ورفاهيتهم خلال هذا الوقت. ويتم تشجيع الطلاب المشاركين في الإضراب عن الطعام على استشارة الأطباء في Yale Health".
وأوضح أن اللجنة الاستشارية المعنية بمسؤولية المستثمرين في الجامعة قد طُلب منها خلال اجتماع عُقد العام الفائت، النظر في سياسة سحب الاستثمارات من الشركات المصنعة للأسلحة، لافتًا إلى أنها قد نظرت في المشكلة وتستعد: "لتقديم تحديث للمجتمع في الأسابيع المقبلة".
بدورهم، أكد الطلاب المشاركون في صياغة الرسالة والإضراب عن الطعام، أن هذه الخطوة الاحتجاجية تأتي نتيجة تجاهل إدارة الجامعة لاحتجاجاتهم ومطالبهم لعدة أشهر، وقال أحدهم للموقع شرط عدم الكشف عن هويته: "هذا هو آخر شيء يستطيع الناس تقديمه، وهو أجسادهم".
وأضاف: "في ظل عدم الاستجابة التام من أي نوع من المؤسسة التي نتحدث إليها، فإن الشيء الأخير الذي يمكننا وضعه على المحك حقًا هو صحتنا".
وأكد الطلاب أن الجامعة قابلت الاحتجاجات المستمرة بـ"صمت قمعي"، وأوضح أحد أعضاء طلاب الدراسات العليا: "أود أن أقول إننا بشكل عام نواجه الصمت. لقد زرعت جامعة ييل جوًا من الصمت، والعداء بطريقة ما، لأنها ستتخذ موقف الحياد أو الحرية الأكاديمية وحرية التعبير"، مؤكدًا أن هذه الحرية نادرًا ما تحمي: "الطلاب العرب والمسلمين".
ونتيجة الصمت، كان الإضراب عن الطعام هو محاولتهم الأخيرة لإيصال أصواتهم بحسب أحد الطلاب الذي أكد للموقع البريطاني أن: "مطلبنا هو سحب الاستثمارات، وهذه هي الطريقة الأكثر كثافة، وهي أيضًا الطريقة الأخيرة لمطالبة جامعة ييل بالاستماع إلى مطالبنا".
وأشار إلى أن الاضراب عن الطعام يلعب دورًا مهمًا في الوقت الذي يعاني فيه قطاع غزة من المجاعة التي أودت بحياة أكثر من 30 شخصًا معظمهم من الأطفال الرضع: "على مستوى آخر، هذا يعني أيضا أن هذا، مهما حدث، لن يكون سوى جزء صغير من الدمار المطلق الذي يمر به الفلسطينيون".
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، شهدت عدة جامعات في الولايات المتحدة الأمريكية نشاطًا تضامنيًا متصاعدًا مع الفلسطينيين في القطاع ومعارضًا للحرب التي تشنها دولة الاحتلال عليهم.
وقوبل نشاط الطلاب واحتجاجاتهم بحملة قمع واسعة شملت فصل طلاب وحظر مجموعات مثل "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، و"الصوت اليهودي من أجل السلام" من قِبل بعض الجامعات.
وقبل عدة أيام، أوقفت "جامعة كولومبيا"، في نيويورك، أربعة طلاب عن العمل وطردتهم من السكن الجامعي، إلى أجل غير مسمى، بسبب حضورهم حدثًا تضامنيًا مع الشعب الفلسطيني زعمت الجامعة أنه "غير مصرح به" في الحرم الجامعي.
وقال أحد هؤلاء الطلاب إن الجامعة: "تجعلنا بلا مأوى، وتحرمنا من وظائفنا في الحرم الجامعي، مصدر دخلنا الوحيد، وتحرمنا من منحنا الدراسية، وإمكانية وصولنا إلى قاعات الطعام، وإمكانية وصولنا إلى الفصول الدراسية والتعليم الذي حصلنا عليه".
وتُعتبر "جامعة كولومبيا" من أكثر الجامعات تجاهلًا وقمعًا للأصوات المتضامنة مع الفلسطينيين في قطاع غزة، والقضية الفلسطينية عمومًا. وسبق أن أشار الطلاب إلى أن إدارة الجامعة تخوض صراعًا مفتوحًا مع الطلاب المؤيدين للفلسطينيين، وتسعى إلى قمع أصواتهم.