أصدر الفنان المصري حمزة نمرة (1980) يوم أمس، الأربعاء 16 كانون الأول/ديسمبر الجاري، ألبومه الموسيقي الجديد "مولود سنة 80"، بعد عامين على إصداره لألبومه الأخير "هطير من تاني"، قضاهما نمرة متجولًا بين عددٍ من الدول العربية والأجنبية في برنامجه "ريمكس"، واضعًا نصب عينيه نبش خزائن تراثها الموسيقي المُهمل بعينٍ حداثية، وإعادة تقديم أغنيات من الفلكلور العربي الغزير بعد تجديدها من ناحية الشكل، وإضفاء مسحة حداثية خفيفة عليها، دون أن تؤثر على هويتها الأصلية، بمساعدة مجموعة من الفرق الموسيقية الشابة والمستقلة، بالإضافة إلى عددٍ من العازفين الأجانب.
تبتعد الأغنية الجديدة عما سبقها، وتقترب أكثر من الذات وتحولاتها لتعبر عما هو شخصي وتنقله باتجاه الخارج/ الجمهور، بحيث لا يكون حمزة نمرة وحده المعنى به
يواصل حمزة نمرة في "مولود سنة 80"، مراكمة تجربته الموسيقية التي بدأها في ألبومه الأول "احلم معايا" (2008)، وطورها فيما بعد في ألبوماته التالية "إنسان" (2011)، و"اسمعني" (2014)، و"هطير من تاني" (2018)، حيث قدم فيها أغانٍ تتميز بتنوعها لا في الأنماط الموسيقية فقط، وإنما في الثيمات التي تبدأ بما هو عاطفي واجتماعي، وتنتهي بما هو سياسي مبطّن يميل إلى التهكم والسخرية أكثر من المباشرة، ولكن دون أن يفقد هذه الصفة.
يضم ألبوم الفنان المصري الجديد 12 أغنية، هي: "مولود سنة 80"، و"الوقعة الأخيرة"، و"استعيذوا"، و"الساعة 6 صباحًا"، و"فاضي شوية"، و"مش مهم"، و"يابا"، و"أحكيلك"، و"معلش"، و"القصة واللي كان"، و"غنوة ليك من قلبي"، و"فيه ناس". وكان نمرة قد طرح أولى أغاني ألبومه، وهي الأغنية التي حملت عنوانه أيضًا مساء الأمس عبر منصة "يوتيوب"، على يطرح بقية أغانيه بشكلٍ ثنائي مساء كل يوم أربعاء، بدءًا من موعد طرح الأغنية الأولى، وحتى الـ 24 من شباط/ فبراير القادم.
اقرأ/ي أيضًا: سميح شقير.. صوتٌ على موعد مع الحرية
اختار الفنان المصري لأغانيه كلماتٍ انتقاها من تفاصيل الحياة اليومية المعاشة لجيله، كما هو الحال في ألبوماته السابقة، خصوصًا في أغنيتي "داري يا قلبي" و"اسمعني"، حيث عكست الأولى أحوال الشباب المصري ما بعد انقلاب 30 يونيو/ حزيران، والخيبة التي صبغت المشهد بعد نهاية ما راكموه من أحلام وتطلعات ما كانون الثاني/ يناير عام 2011. تقول الأغنية: "حياتي عمرها ما كانت باختياري/ غصب عني لقيتك بتاخد قراري/ بتعاملني كإني مجرد خيال، وإن جيلنا دا كلو شوية عيال/ لااااا/ إحنا ملينا السكوت/ خلاص حاقولها بأعلى صوت: اسمعني إنت اللي بتضيعني... أحلامي إنت اللي قضيت عليها لما تحكمت بيها/ طب فاضل بيّا إيه".
أما الثانية، فأخذت منحىً أكثر تراجيدية، وعبّرت بالدرجة الأولى عن الفئة التي اضطرت إلى مغادرة مصر بسبب مواقفها السياسية الرافضة للانقلاب. يقول فيها نمرة: "مالك مش باين ليه؟/ قلبك تايه من مدو كبيرة/ خايف تتكلم ليه؟/ في عيونك حيرة وحكاوي كتيرة/ متغير ياما عن زمان/ قافل على قلبك البيبان/ حبيت وفارقت كم مكان/ عايش جواك/ احساسك كل يوم يقل/ وتخطي وخطوتك تذل/ من كتر ما أحبطوك تمل/ فين تلقى دواك/ بتودع حلم كل يوم/ تستفرد بيك الهموم/ وكله كوم والغربة كوم/ والجرح كبير". ويضيف في مقطع آخر: "كل اللي معاك في الصورة غاب/ وطنك والأهل والصحاب/ كم واحد ودع وساب/ من غير أسباب/ شايف في عينك نظرة حنين/ بتحن لمين ولا مين".
تبتعد الأغنية الجديدة عما سبقها، وتقترب أكثر من الذات وتحولاتها، لتعبّر عما هو شخصي وتنقله باتجاه الخارج/الجمهور، بحيث لا يكون حمزة نمرة وحده المعني به، خصوصًا وأنه يشتغل منذ بداية مسيرته الفنية على تقديم خطاب بديل للفن السائد، قوامه السعي إلى إضفاء معنى وقيمة لمشاعر الإنسان باعتبارها أساس أعماله، وحلقة الوصل بينه وبين جمهوره أيضًا، وهو ما ترجمه بدقة شديدة في أغنيته "داري يا قلبي" التي عكست حالة الإحباط التي عايشها المصريون بشكلٍ خاص، وسكان المنطقة العربية بشكلٍ عام، ما بعد عام 2014 بما هو عام تحوّلات عادت بهم إلى الماضي، إلى نقطة الصفر تحديدًا.
اقرأ/ي أيضًا: فرقة "ناس الغيوان".. الزمن المغربي لم يرحل
تقول الأغنية التي بدت موجهة بشكلٍ خاص إلى جيل الثمانينيات: "تتفك اللعبة مني/ وأرجع أصلحها تاني/ عمري ما بصيت لسني/ ده أنا لسه ما جاش أواني/ وألاقي المعادلة/ صعبة وسهلة/ ف تقفل وتفتح/ من الناحيتين/ وأمشي وأجري/ وأتعب واهدي/ وأبص لساعتي/ تقول انت مين؟/ مولود سنة تمانين/ وبتعدي السنين/ قالوا لي خلاص كبرت/ أنا قولت ازاي وفين؟".
ويضيف في مقطع آخر: "يحيرني عقلي/ ويغلبني قلبي/ وما أحب أشكي أحكي لمين؟/ بحارب في وحشي وبهزم في يأسي/ وبكبر وبصغر/ وبلعب دورين/ عديت بحاجات تشيب/ ومشاهد عايشة فيا/ وفضلت بريء وطيب/ حياتي دي مسرحية".
اقرأ/ي أيضًا: