ألترا صوت ـ فريق التحرير
لم يكن ما دفع به رئيس الوزراء العراقي السابق، حيدر العبادي، في ليلة 31 آب/أغسطس الماضي، سيمر من دون إعطائه صبغة سياسية أو حزبية، إذ إن رئيس الحكومة في نظام المحاصصة التوافقية هذا، لا ينفك يمثل توجهات حزبه ويتحرك ضمن خياراته، في مجمل سلوكه السياسي.
يعتبر الفياض رئيسًا لأهم المناصب الأمنية في البلاد، منها مستشارية الأمن الوطني وجهاز الأمن الوطني، بالإضافة إلى رئاسة هيئة الحشد الشعبي
في تلك الليلة من صيف هذا العام، كان العبادي قد نشر عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أمرًا ديوانيًا، نصَّ على "إعفاء فالح الفياض من مهامه كمستشار للأمن الوطني ورئاسة هيئة الحشد الشعبي وجهاز الأمن الوطني"، عازيًا سبب الإعفاء إلى "انخراط الفياض بمزاولة العمل السياسي والحزبي ورغبته في التصدّي للشؤون السياسية، وهذا ما يتعارض مع المهام الأمنية الحساسة التي يتولاها". فيما لفت إلى أن قرار الإعفاء جاء "استنادًا إلى الدستور العراقي في حيادية الأجهزة الأمنية والاستخبارية وقانون هيئة الحشد الشعبي والأنظمة والتعليمات الواردة بهذا الخصوص".
كان هذا القرار مقدّمة لصراع طويل سيتجلى في تشكيل الكابينة الوزارية بقيادة رئيس الوزراء الجديد، عادل عبد المهدي، حيث قدّم فالح الفياض مرشحًا لوزارة الداخلية، بالرغم من تشديد رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، على "حيادية الأجهزة الأمنية"، كما أن القرار ذاته يعتبر خلفية لصراع العبادي مع إيران الذي بدأ حين أعلن في مؤتمر صحفي في 7 آب/ أغسطس الماضي، أننا "لا نتعاطف مع العقوبات الأمريكية على إيران ولا نتفاعل معها ولا نعتبرها صحيحة"، مستدركًا "لكننا نلتزم بها لحماية شعبنا"، حيث أعقب هذا الموقف، انسحاب فالح الفياض من ائتلاف النصر الذي كان فيه، والذي يرأسه العبادي ذاته.
اقرأ/ي أيضًا: حكومة عبد المهدي.. رهان أخير لـ"إنقاذ" العملية السياسية من غضب العراقيين
يعتبر الفياض رئيسًا لأهم المناصب الأمنية في البلاد، منها مستشارية الأمن الوطني وجهاز الأمن الوطني، بالإضافة إلى رئاسة هيئة الحشد الشعبي، التي تضم الفصائل التي تتبع المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، في تحركاتها وعلاقاتها داخليًا، عطفًا على أنه مقرّب من إيران ومرشحها لوزارة الداخلية، كما تعبّر بذلك أوساط سياسية عراقية، إضافة إلى علاقته الخاصة والمتينة بائتلاف الفتح أو البناء، المدعوم من إيران، والذي ذهب إليه بعد انسحابه من النصر، ودعمه فيما بعد للترشح إلى وزارة الداخلية.
تنشغل الكتل السياسية منذ الفترة التي أعقبت صعود عادل عبد المهدي بقضية تقديم الأخير فالح الفياض مرشحًا لوزارة الداخلية، لكن تحالف سائرون رفضه بدعوى أنه "مرشح من الخارج"، كما صعّد زعيم التيار الصدري والداعم لتحالف سائرون، مقتدى الصدر، من خطابه ضدّ بيع الوزارات، خاصة الأمنية منها، وقد فشلت كل جلسات البرلمان التي قدم فيها عبد المهدي كابينته الحكومية بسبب وجود فالح الفياض فيها، الذي يرفضه التحالف الأكثر عددًا في البرلمان والحاصل على المركز الأول في انتخابات أيار/مايو 2018.
رجحت مصادر سياسية أن يكون مرشح وزارة الداخلية البديل قاسم الأعرجي، وزير الداخلية السابق، الذي ينتمي إلى ائتلاف الفتح
إعادة الفياض إلى مناصبه بـ"صفقة"!
كما يبدو فإن تحالف سائرون نجح في إبعاد فالح الفياض عن الترشيح لوزارة الداخلية، حيث قضت محكمة القضاء الإداري في 17 كانون الأول/ديسمبر الجاري، بنقض قرار رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي بإقالة فالح الفياض من مناصبة الثلاثة، استنادًا إلى قرار مجلس النواب الذي أبطل الأوامر الديوانية لمجلس الوزراء. وحصل "ألترا صوت" على وثيقة تنص على نقض قرار العبادي، وإعادة الفياض إلى مناصبه كرئيس لهيئة الحشد الشعبي ورئيس لجهاز الأمن الوطني، ومستشار للأمن الوطني، استنادًا إلى قرار مجلس النواب السابق الناص على إلغاء الأوامر الديوانية التي أصدرها بعد شهر تموز لانتهاء ولايته.
وعلّقت النائبة السابقة ورئيس كتلة التغيير، سروة عبد الواحد، في تغريدة لها على "تويتر"، بالقول، إن "قرار محكمة القضاء الإداري بإعادة فالح الفياض إلى مناصبه، هو تمهيد لحل أزمة وزارة الداخلية"، مضيفة "وباعتقادي يأتي كصفقة سياسية وينتهي الأمر بعودته إلى ما كان يشغله من المناصب".
اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف.. تكليف عادل عبدالمهدي بتشكيل حكومة العراق: التحديات وظروف الاختيار
يبدو أن إعادة فالح الفياض إلى مناصبه الثلاث، قد يلغي كل الأوامر التي أصدرها رئيس الوزارء السابق، حيدر العبادي، منذ تموز/ يوليو الماضي، وحتى تسلم عبد المهدي رئاسة الوزراء، لأن عدم إلغائها سيضع الحكومة في حرج، حتى لا تبدو في صورة أنها ألغت كل القرارات المتعلقة فقط بإعادة فالح الفياض. وقد تكون هذه الأوامر الديوانية متعلقة بالوضع العام، الخدمي منه وغير الخدمي.
في هذا السياق، رجحت مصادر سياسية أن يكون مرشح وزارة الداخلية البديل قاسم الأعرجي، وزير الداخلية السابق، والذي ينتمي إلى ائتلاف الفتح، تحديدًا منظمة بدر، فيما تشير إلى إمكانية اشتداد الصراع بين الكتل السياسية الشيعية في الأيام المقبلة.
اقرأ/ي أيضًا:
بعثي ثم شيوعي إلى إسلامي.. تعرف على رئيس وزراء العراق الجديد