تواجه إسرائيل أزمة عميقة ومتزايدة تعد الأخطر في تاريخها منذ تأسيسها. هذه الأزمة، التي بدأت في السابع من أكتوبر بالإخفاق الأكبر في تاريخ الدولة، تواصل تفاقمها مع حرب تُعد من الأفشل في تاريخ البلاد، نتيجة الشلل الاستراتيجي في القمة القيادية.
رئيس الحكومة الأسبق، إيهود باراك، عرض رؤيته للأسباب والنتائج المحتملة لهذه الأزمة في مقال نشرته صحيفة هآرتس، وقدم فيه تصوراته للحلول الضرورية لتجنب الكارثة المحققة.
يقول باراك: "نقف أمام قرار صعب، بين بدائل كلها سيئة، بشأن استمرار القتال في غزة، وتوسيع نطاق القتال في مواجهة حزب الله، ومخاطر اندلاع حرب شاملة متعددة الجبهات، تشمل إيران ومَن يدور في فلكها. يجري كل هذا، وفي خلفيته استمرار الانقلاب على النظام، والذي يسعى لخلق دكتاتورية دينية، عنصرية، متطرفة قوميًا، ميسيانية، وظلامية. هذه الأزمة تتطلب منا حشد كل ما هو طيب وخيّر فينا، وكل قوانا، لكي نعود إلى مسار التعاظم، والنمو، والتنوير، والأمل، وهو المسار الذي سارت عليه إسرائيل في معظم سنواتها. هذا هو الانتصار الحقيقي".
إسرائيل تواجه تحديات متزايدة، حيث تعيش في عزلة دولية وتواجه شقاقًا مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تهديدات من محكمة العدل الدولية ومساعٍ للاعتراف بالدولة الفلسطينية
يؤكد المقال على الحاجة الماسة لقرارات شجاعة في مقدمتها إسقاط الحكومة الحالية: "إن القبطان الذي تمكن من إغراق سفينتين، الواحدة تلو الأُخرى، يُحظر عليه تولّي قيادة السفينة الثالثة والأخيرة. هناك حاجة فورية وماسة إلى استبدال هذه الحكومة الفاشلة، وتحديد موعد متفق عليه للانتخابات، أو، بدلًا من ذلك، إعلان حجب ثقة بنّاء، حتى في ظل هذه الدورة البرلمانية".
ولأن إسرائيل تعيش حاليًا في عزلة دولية، وشقاق مع الولايات المتحدة، وتواجه تهديدات من محكمة العدل الدولية ومساعٍ للاعتراف بالدولة الفلسطينية بدون مفاوضات، فالحل المقترح يتضمن صفقة تبادل أسرى فورية ووقف الحرب، وتهدئة الأوضاع في الجنوب والشمال عبر تسوية سياسية بوساطة الولايات المتحدة، وإعادة المهجرين إلى منازلهم، وتجديد مخازن الجيش، وإعادة الاقتصاد إلى النشاط. كما يجب تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة لتعزيز التطبيع مع السعودية، وبلورة قوة عربية لدعم السيطرة المدنية في غزة بدلًا من الجيش الإسرائيلي، إلى جانب الجهود لوقف مذكرات الاعتقال من لاهاي والخروج من العزلة الدولية، بحسب باراك.
ورأى باراك أن الحديث عن "النصر المؤزر" في غزة ليس سوى شعار فارغ، ففي ظل قيادة نتنياهو إسرائيل "أقرب إلى الهزيمة" بحسب تعبيره.
ودعا المعارضة إلى التوحد لإسقاط الحكومة الحالية. فمن خلال الوحدة، يمكن للمعارضة أن توضح أنها ليست حزبًا أو حركة جديدة، بل تحالف يهدف لإسقاط الحكومة الحالية بسبب التهديد الخطير الذي تشكله.
وكتب باراك: "إن الإخفاق في إسقاط هذه الحكومة وزعيمها بأسرع وقت ممكن، سيعرّض مستقبل دولة إسرائيل، واحتماليات بقائها، للخطر. لقد حان وقت العمل. لا يوجد وقت أفضل من هذا للانطلاق. لن نغفر لأنفسنا قط، والأجيال المقبلة لن تغفر لنا قط، إذا سِرنا بعيون مفتوحة نحو الهاوية الأخلاقية والتهديد الوجودي الماثل أمامنا. إن الحالمين والمقاتلين من أبناء الأجيال السابقة، والحالمين والمقاتلين من ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي اليوم، يتوقعون منا أن نثوب إلى رشدنا، وأن نتحرك. الأمر في يدنا. وعلينا القيام بالواجب".