28-أغسطس-2024
التصعيد في الضفة المحتلة

(GETTY) جنود الاحتلال يقتحمون مخيم الفارعة في الضفة المحتلة اليوم الأربعاء

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليل الثلاثاء - الأربعاء، عن بدء عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال الضفة الغربية المحتلة، بمشاركة قوات كبيرة، مدعومة بالطائرات المسيّرة والمروحيات العسكرية، فيما أظهرت مقاطع مصوّرة تنفيذ الاحتلال إنزالًا جويًا بالتزامن مع اقتحام آلياته مخيم الفارعة، جنوبي طوباس في الضفة الغربية.

وكانت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا" قد أفادت بأن جيش الاحتلال فرض حصارًا على مدن جنين وطوباس وطولكرم، وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن العملية العسكرية الواسعة التي ينفذها الاحتلال أسفرت عن سقوط 11 شهيدًا، فضلًا عن إصابة ما يزيد عن 10 آخرين، حتى لحظة إعداد التقرير عينه.

"سرايا القدس" ترد بإطلاق عملية "رعب المخيمات"

وردًا على العملية العسكرية التي بدأها جيش الاحتلال في شمال الضفة المحتلة، أطلقت سرايا القدس، الجناح العسكري لـ"حركة الجهاد الإسلامي"، اسم "رعب المخيمات" على معركتها ضد الاحتلال في شمال الضفة، مشيرةً إلى أن هدف الاحتلال من هذه العملية البحث "عن صورة نصر بعد فشله على مدى عشرة أشهر في مواجهة مقاتلي شعبنا في غزة والضفة".

أظهرت مقاطع مصوّرة تنفيذ الاحتلال إنزالًا جويًا بالتزامن مع اقتحام آلياته مخيم الفارعة، جنوبي طوباس في الضفة الغربية

من جانبها، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن "العملية العسكرية الموسّعة التي أطلقها جيش الاحتلال محاولة عملية لتنفيذ مخططات حكومة المتطرفين الصهاينة، التي عبّر عنها وزراؤها الفاشيون، وتوسيع حرب الإبادة الوحشية القائمة في قطاع غزة لتشمل مدن وبلدات ومخيمات الضفة".

ودعت الحركة في بيانها للنفير العام، وتصعيد كل أشكال المقاومة والتصدي للاحتلال ومستوطنيه في كل مكان من أرضنا المحتلة، كما دعت الأجهزة الأمنية الفلسطينية "للوقوف عند مسؤولياتهم، واستشعار المخاطر التي تتهدد قضيتنا الوطنية، والالتحاق بمعركة شعبنا المقدسة، والمُضي في طريق المقاومة حتى دحر الاحتلال، ونيل شعبِنا حريتَه وحقَّه في تقرير مصيره".

قد تستمر العملية لأيام

إلى ذلك، أفادت وسائل إعلام عبرية، بأن جيش الاحتلال أطلق على عمليته العسكرية شمالي الضفة اسم "المخيمات الصيفية"، واصفة العملية بأنها الأوسع نطاقًا منذ عملية "السور الواقي" التي شنها الاحتلال في عام 2002، بهدف القضاء على الانتفاضة الفلسطينية الثانية نهائيًا.

وبحسب صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، فإن العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية "قد يستمر لعدة أيام"، وسيركز على شمال الضفة، مشيرةً إلى أن الهدف الرئيسي هو التعامل مع "تهديد" العبوات الناسفة، وأن يركز على المناطق التي خرجت منها عمليات ضد أهداف إسرائيلية في "تل أبيب" وغيرها.

وكانت الصحيفة قد نشرت سابقًا أنه قائد المنطقة الوسطى الجديد في جيش الاحتلال، آفي بلوت، طلب من هيئة الأركان بعد استلام منصبه تشكيل فريق قتالي في شمال الضفة لمحاربة فصائل المقاومة، إلى جانب زيادة الغارات الجوية، واستخدام الأدوات المتطورة ضدها.

وقالت مراسلة "التلفزيون العربي"، كريستين ريناوي، إن المئات من جنود الاحتلال يشاركون في العدوان الذي يشهده شمالي الضفة، مشيرةً إلى أنه يشارك في هذه العملية العسكرية، أربع كتائب من قوات حرس الحدود، بالإضافة إلى عناصر من جهاز الأمن العام "الشاباك"، وحدات "دوفدوفان"، فرق الهندسة العسكرية، ولواء كفير، وهو من الألوية التي شاركت في العدوان على غزة.

وأوضحت ريناوي أن قوات الاحتلال بدأت علمياتها العسكرية في وقت واحد، في كل من: مخيم جنين في محافظة جنين، مخيم نور شمس في محافظة طولكرم، ومخيم الفارعة في محافظة طوباس، وأضافت أن وسائل الإعلام العبرية بدأت تتحدث عن إمكانية تهجير وإخلاء للفلسطينيين من المناطق التي تشهد مداهمات، وعمليات عسكرية لجيش الاحتلال.

وكان وزير الخارجية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد أكد في منشور على منصة "إكس"، أنه على الجيش الإسرائيلي التعامل "مع التهديد (في الضفة الغربية) تمامًا كما نتعامل مع البنية التحتية الإرهابية في غزة، بما في ذلك الإخلاء المؤقت للسكان الفلسطينيين، وأي خطوات مطلوبة، هذه حرب على كل شيء وعلينا أن ننتصر فيها".

ما أهداف التصعيد العسكري في الضفة الغربية؟

وفي قراءته للعملية العسكرية التي بدأها جيش الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، اعتبر مدير مركز القدس للدراسات، عماد أبو عواد، في حديثه لـ"التلفزيون العربي"، أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يريد من وراء هذه العملية "التناغم مع حسم الصراع الذي تتبناه (حزب) الصهيونية الدينية، بقيادة، بتسلئيل سموتريش، وإيتمار بن غفير".

وأضاف أبو عواد، أن نتنياهو يسعى أيضًا بهذه العملية "تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الائتلاف الحكومي، وهو السماح بالمزيد من الاستيطان بالضفة الغربية، والسماح بالتمدد الاستيطاني بكل الأراضي الفارغة".

وتابع أبو عواد موضحًا أن نتنياهو يريد كذلك أن "يعطي إشارات معينة للأمن والعسكر بإسرائيل بأن عليهم العمل ضمن الرؤية السياسية التي يتبناها، وبالتالي هو يضغط بهذا الاتجاه، رغم قناعة المستوى الأمني والعسكري في إسرائيل بأن هذه السياسة لن تؤدي إلى نتائج".

ورأى أبو عواد في حديثه لـ"التلفزيون العربي"، أن نتنياهو "ربما يريد إشعال أكثر من منطقة في إطار وجود مفاوضات الآن، ربما يريد أن ينزل عن شجرة غزة، وهذا تفسير وسيناريو وارد وإن كان بصورة قليلة، باتجاه الصعود على شجرة الضفة".

وحول تحول العدوان من غزة إلى الضفة الغربية المحتلة، اعتبر أبو عواد أن بقاء الأوضاع الأمنية ملتهبة في أي بقعة في الداخل الفلسطيني المحتل يعطي لنتنياهو إشارات معينة.

وتتمثل هذه الإشارات، بحسب أبو عواد، بأنها تساعد نتنياهو على "استثمار وجوده كالشخصية الأقل سوءًا في المجتمع الإسرائيلي"، بالإضافة إلى ضمانه "تماسك وبقاء الائتلاف الحاكم بشكل مستمر وقوي"، كما أنها تساعد نتنياهو في الضغط على المعارضة الإسرائيلية، وإبقائها "في دائرة التيه لعدم امتلاكها برامج مختلفة عن برامج نتنياهو على أرض الواقع".