19-سبتمبر-2024
تاريخ الحرب

طائرة لبنانية مدمرة جراء استهداف جيش الاحتلال مطار بيروت 1968 (إكس)

يملك لبنان تاريخًا طويلًا من المواجهات العسكرية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي لم تقتصر على اجتياح بيروت في عام 1982، بل تعود إلى عام 1968 عندما نفذ الاحتلال إنزالًا جويًا استهدف مطار بيروت عام 1968، حيثُ كانت فصائل المقاومة الفلسطينية تتخذ من لبنان مركزًا لانطلاق عملياتها العسكرية ضد قوات الاحتلال في الأراضي المحتلة.

ومع تصاعد حدة المواجهات بين "حزب الله" والاحتلال الإسرائيلي خلال الأشهر الماضية، والتي بلغت ذروتها بتفجيرات أجهزة الاتصالات اللاسلكية التي يستخدمها "حزب الله" في اتصالاته خلال اليومين الماضيين، ما أسفر عن سقوط ما لا يقل عن 32 شهيدًا، فضلًا عن إصابة نحو 3250 آخرين بجروح، في حصيلة غير نهائية، عاد شبح دخول لبنان في حرب شاملة مع جيش الاحتلال إلى الواجهة مجددًا، وسط أحاديث قادة الاحتلال عن نقل ثقل الحرب من جنوب الأراضي المحتلة إلى شمالها.

استهداف مطار بيروت

شن جيش الاحتلال عملية عسكرية استهدفت مطار "رفيق الحريري الدولي" (مطار بيروت سابقًا) في الـ28 من ديسمبر/كانون الأول لعام 1968، حيثُ نفذت فرقة الكوماندوز من وحدة النخبة "سايرت متكال" إنزالًا في مطار بيروت لـ40 دقيقة، وحطمت 13 طائرة من الطائرات المدنية لشركة طيران الشرق الأوسط بالكامل، ثم غادرت دون أية مواجهة.

عاد شبح دخول لبنان في حرب شاملة مع جيش الاحتلال إلى الواجهة مجددًا، وسط أحاديث قادة الاحتلال عن نقل ثقل الحرب من جنوب الأراضي المحتلة إلى شمالها

وجاءت هذه العملية ردًا على اختطاف "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" طائرة تابعة لشركة "العال" الإسرائيلية تحمل رقم الرحلة 253 في تموز/يوليو من العام ذاته، كانت متوجهة روما إلى "تل أبيب"، وقامت بالتوجه بدلًا من ذلك إلى الجزائر.

طائرة لبنانية
طائرة لبنانية دمرها جيش الاحتلال في عام 1969 (GYTTE)

عملية الليطاني

جاءت "عملية الليطاني" ردًا على عملية "كمال عدوان" التي نفذتها المجموعة الفدائية "دير ياسين" بقيادة، دلال المغربي، في الـ11 من آذار/مارس في عام 1978، داخل الأراضي المحتلة، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى الإسرائيليين، بعد تمكنهم من السيطرة على حافلة عسكرية، ومحاولتهم الوصول إلى مبنى الكنيست في "تل أبيب".

وشن جيش الاحتلال ردًا على عملية "كمال عدوان" اجتياحًا واسع النطاق لجنوب لبنان عبر نحو 25 ألف جندي، وعمدوا إلى إنشاء منطقة احتلال صغيرة بزعم إبعاد فصائل المقاومة الفلسطينية إلى العمق اللبناني، وأسفر الاجتياح الذي استمر لثمانية أيام عن استشهاد نحو 400 شخص، ونزح نحو 400 ألف آخرين إلى بيروت وضواحيها.

وجاء انسحاب الاحتلال من المناطق التي اجتاحها على خلفية القرار الأممي 425 الذي صدر في 19 آذار/مارس من العام ذاته، وطالب الاحتلال بالانسحاب "الفوري" من جنوب لبنان، كما قررت إرسال قوات طوارئ دولية إلى البلاد.

عملية الليطاني
مجموعة من جنود الاحتلال التي شاركت في اجتياح لبنان 1978 (GYTTE)

اجتياح بيروت

جدد جيش الاحتلال اجتياحه للعاصمة اللبنانية بيروت للمرة الثانية في السادس من حزيران/يونيو 1982، حيثُ احتل في البداية مناطق الجنوب اللبناني وصولًا إلى الشوف، ثم واصل تقدمه إلى ضواحي بيروت، وتمكن من احتلال القصر الرئاسي في بعبدا، قبل أن يفرض حصارًا خانقًا على بيروت الغربية في تموز/يوليو من العام ذاته.

وبحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، بلغ عدد الشهداء 26506 شهيدًا، منهم 11840 طفلًا شهيدًا، فضلًا عن استشهاد 868 امرأة، كما أصيب 2994 شخصًا بحروق خطيرة بسبب استخدام الاحتلال القنابل الفوسفورية.

وقد أدى الاجتياح إلى موافقة الفصائل الفلسطينية على الخروج نهائيًا من لبنان ضمن اتفاق برعاية الولايات المتحدة في آب/أغسطس 1982، وهو ما أدى إلى ارتكاب مجزرتي صبرا وشاتيلا في أعقاب انتخاب، بشير الجميل، رئيسًا للبنان في العام ذاته، بعدما قام جيش الاحتلال باجتياح بيروت الغربية.

وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام ذاته، انسحب جيش الاحتلال من بيروت على وقع المقاومة المتصاعدة في وجهه، مبقيًا على قواته في الجنوب، وتحديدًا عند نقطة نهر الليطاني أي بعمق 35 كم في الداخل اللبناني.

وكان لهذا العام أن شهد الإعلان عن تأسيس "حزب الله" في لبنان، لكن الإعلان الرسمي عن أهداف الحزب طرد الاحتلال الإسرائيلي من لبنان جاءت في عام 1985.

اجتياج بيروت
دبابات جيش الاحتلال تجتاح العاصمة بيروت (إكس)

عملية "تصفية الحساب"

ردًا على الهجمات الصاروخية التي استهدف فيها "حزب الله" المستوطنات الإسرائيلية في شمال الأراضي المحتلة، أطلق جيش الاحتلال عملية "تصفية الحساب" في تموز/يوليو 1993، واستهدف جيش الاحتلال بالقصف العنيف برًا وجوًا لمدة سبعة أيام مناطق في جنوب لبنان ووسطه وشماله، وصولًا إلى ضواحي بيروت، مما أدى إلى استشهاد 120 لبنانيًا، فضلًا عن مقتل 26 إسرائيليًا.

حرب "عناقيد الغضب"

شن "حزب الله" قصفًا مدفعيًا استهدف مستوطنات "نهاريا" و"كريات شمونة" في التاسع من نيسان/أبريل في عام 1996، موقعًا عددًا من الجرحى الإسرائيليين، وذلك ردًا على استشهاد لبناني، وإصابة آخرين جراء قصف للاحتلال استهدف جنوب لبنان.

وبعد يومين أغارت إسرائيل على الضاحية الجنوبية لبيروت موقعة عددًا من الشهداء، رد "حزب الله" بقصف المستوطنات الشمالية في الأراضي المحتلة، فعمد جيش الاحتلال إلى إطلاق حرب "عناقيد الغضب".

وأدى هذا العدوان إلى استشهاد نحو 200 لبنان، بينهم أكثر 100 مدني استشهدوا بقصف إسرائيلي على مركز قيادة فيجي التابع لقوات اليونيفل في قرية قانا جنوب لبنان، حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف المقر بعد لجوء المدنيين إليه.

مجزرة قانا
لبنانيون يشيعون شهداء مجزرة قانا (إكس)

الانسحاب من جنوب لبنان

وأمام ضغط عمليات "حزب الله" في الجنوب اللبناني، أعلن الاحتلال الإسرائيلي عام 2000 انسحابه من جنوب لبنان بعد احتلال دام 22 عامًا، وقدر عدد من استشهد خلال هذه لفترة بنحو 20 ألفًا من اللبنانيين والفلسطينيين وحتى السوريين، بينما قُتل لجيش الاحتلال قرابة 350 جنديًا، بحسب اعترافاته.

وبدأ الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب من الجنوب اللبناني مع عملائه من "جيش لحد" بشكل تدريجي ما بين يومي 21 و23 أيار/مايو في عام 2000، وصولًا إلى مغادرة آخر جندي إسرائيلي للجنوب اللبناني في الـ25 من الشهر ذاته، باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

تحرير الجنوب
لبنانيون يحتفلون بتحرير الجنوب (إكس)

حرب تموز

أعلن "حزب الله" إطلاق عملية "الوعد الصادق" في الـ12 من تموز/يوليو في عام 2006، والتي كان الهدف منها تحرير الأسير، سمير القنطار، من سجون الاحتلال، حيث تمكن الحزب من أسر جنود إسرائيليين، فاقتحمت القوات الإسرائيلية الجدار الحدودي ودخلت إلى الأراضي اللبنانية، ليرد "حزب الله" بقصف دبابتين حيث قُتل ثمانية جنود إسرائيليين.

وفي اليوم التالي، شن جيش الاحتلال هجومًا جويًا تركّز على جنوب لبنان ومنطقة الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، وقصف محطات الكهرباء ومطار بيروت وشبكة من الجسور والطرق مما أدى إلى استشهاد العشرات، فيما هدّد "حزب الله" بقصف مدن في العمق الإسرائيلي، وأسفرت هذه الحرب التي استمرت لـ34 يومًا عن استشهاد نحو 1300 لبناني.

حرب 2006
جانب من دمار الضاحية الجنوبية لبيروت (AFP)

يجدر الذكر أن حتى ما قبل عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وقعت اشتباكات حدودية متفرقة بين "حزب الله" و"إسرائيل"، منها هجوم للحزب على دورية إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا في كانون الثاني/يناير 2015، ما أدى إلى مقتل جنود إسرائيليين، والذي جاء ردًا على اغتيال إسرائيل قادة من "حزب الله" في سوريا، فضلًا عن الغارات الجوية المتكررة التي تستهدف مواقعًا للحزب في سوريا.

ومنذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بدأ "حزب الله"، بالاشتراك مع الفصائل الفلسطينية، شن عمليات عسكرية ضد القواعد العسكرية لجيش الاحتلال في شمال الأراضي المحتلة، رد عليها الاحتلال بقصف قرى وبلدات الجنوب الواقعة على "الخط الأزرق" الفاصل مع جنوب لبنان، فضلًا عن شنه غارات متفرقة في عمق الأراضي اللبنانية، وصولًا إلى العاصمة بيروت.

ويقول "حزب الله" إن جبهة الجنوب المشتعلة هي "جبهة إسناد" للفصائل الفلسطينية في غزة، ويربط توقف المواجهات على الجبهة الشمالية بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.