عانى الشعب السوري منذ بداية الحرب جميع أنواع العذابات، وما زالت آلة الحرب تطاله أينما توجه مهددةً حياته على جميع المستويات كيفما استدار، وكان للشباب الحصة الأكبر من الظلم والمعاناة فجيل كامل تدمرت حياته، حيث حرموا من حق التعليم بسبب حملات الاعتقال الواسعة للسوق إلى الحرب أضف إلى ذلك ارتفاع نسبة البطالة التي شملت جزءًا كبيرًا من الشباب، ناهيك عن أعداد الشباب الهائلة المفقودين في أقبية السجون، وما زالت حياة الشباب السوري تتحطم تحت أدوات سجانه.
الأخذ للعسكر
هي كلمة يستذكر بها الشعب السوري اليوم حالة الشباب إبان "الحكم العثماني" وطريقة سوقهم إلى الحروب لأجل السلطان، فحديث الشارع السوري اليوم يدور محوره حول حملات الاعتقال في الشوارع، وما شكلته هذه الاعتقالات المتكررة من حالة رعب للشباب السوريين، حيث بدأت الحملة الأخيرة "للم الاحتياط والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية" في نهاية الشهر العاشر بشكل مفاجئ عبر حواجز طيارة منفصلة عن الحواجز الثابتة لتحصد آلاف الشباب من المطلوبين فعلًا للاحتياط والخدمة الإلزامية وممن يحملون أوراق تثبت أنهم مؤجلون دراسيًا أو ورقة وحيد، وهذا خرق صريح لقوانين الجندية في سوريا، حيث مزقت قوات أمن النظام، أوراق هؤلاء الشبان على الحواجز، وحملوا في باصات لينقلوا إلى أماكن مجهولة ولم يستطع أي شاب من الذين تم اعتقالهم أن يتمكن من إخبار ذويه، حيث صادرت القوى الأمنية فور اعتقالهم أجهزتهم المحمولة وأوراقهم الثبوتية.
الأخذ للعسكر هي كلمة يستذكر بها الشعب السوري اليوم حالة الشباب إبان الحكم العثماني
مما حذا بالشباب السوري إلى التزام منازلهم خوفًا من الاعتقال، كما جرت أيضًا حملة على مؤسسات الدولة نذكر منها حادثة دخول قوات النظام على مؤسسات محافظة دمشق وأخذ العديد من الشبان الموظفين القادرين على حمل السلاح، لوضعهم في حواجز داخل العاصمة، كما داهمت قوات الأمن المعامل والورش الصغيرة وساقت العمال إلى الاحتياط، وتم توجيه تعميم إلى جميع دوائر الدولة بوجوب إحضار جميع الموظفين، ورقة بيان وضع من شعبة التجنيد تثبت أن الموظف غير مطلوب للاحتياط أو الخدمة الإلزامية، ومن يتأخر بإحضار هذه الورقة ترفع إدارته فورًا اسمه إلى الأفرع الأمنية، وقد سجلت العديد من حالات عدم الالتحاق بالدوام بسبب هذا الإجراء.
اقرأ/ي أيضًا: طلبة سوريا مدعوون للثورة من جديد
الشوارع للنساء والمسنين
باتت الشوراع بعد هذه الإجراءات خالية من الشباب فتعطلت الحياة الاقتصادية نوعًا ما، وكثرت التساؤلات هل نحن في حالة نفير عام؟ ليجيب الإعلام الرسمي وشبه الرسمي، عن هذه التساؤلات بشكل وقح، مثلًا ظهر على التلفزيون الرسمي فيديو يظهر مئات الشباب يرتدون الزي المدني ويؤدون حركات عسكرية مع إعلان المذيع بأن هؤلاء الشباب التحقوا في الجيش طواعية، كما استدعت قناة أخرى رئيس شعبة التجنيد الوسيطة، وسألته عن الموضوع، وكانت جميع إجاباته مناقضة لما يجري، حيث سئل عن اعتقال المؤجل دراسيًا وكانت إجابته بأن القانون لا يسمح بذلك، وهذا الكلام عكس ما جرى في الحقيقة.
باتت الشوراع في دمشق بعد إجراءات الأخذ للعسكر خالية من الشباب فتعطلت الحياة الاقتصادية نوعًا ما
منذ بداية الحملة والتلفزيون الرسمي يبث فيديوهات تظهر نساء موالين للنظام التحقوا في الجيش أو في ميلشياته لتحارب كما الرجال، وهي طريقة للتقليل من رجولة من لا يلتحق في الجيش طواعية.هكذا، يعتقلون عبر الحواجز ويجمعون في سجون الأفرع الأمنية في محافظاتهم، ويتنقلون من سجن إلى سجن حتى يصلون بالآلاف إلى مراكز التدريب حاملين معهم من مشاق السجون أمراض وأوجاع، فيحجر عليهم في هذه المراكز لمدة أسبوع في خيم خاصة بعيدًا عن المعسكر ويرشوا يوميًا بمواد معقمة منعًا لانتقال الأمراض إلى باقي المعسكر.
هل هو نفير عام غير معلن؟
وصل جيش النظام اليوم إلى مرحلة لا يستطيع معها الصمود في المناطق الصغيرة التي يسيطر عليها بدون اللجوء إلى ميلشياته المساندة له بسبب النقص الكبير في أعداد الجيش، كما يعاني النظام اليوم من قضيتين أساسيتين "المبالغ الضخمة التي يدفعها لعناصر ميلشياته" ومن جهة أخرى الأعداد الضخمة من الشباب الفارين من الجيش داخليًا وخارجيًا، وهم من جميع أنحاء سوريا وحتى من المناطق التي تعتبر مراكز نفوذه كـ الساحل بشكل خاص، لذلك الإعلان عن "النفير العام" وبهذه الطريقة هو الحل الوحيد المتبقي بيد النظام للمحافظة على ما تبقى له من الأراضي ولإعادة هيكلة جيشه المنهك أساسًا.
اقرأ/ي أيضًا: أهلًا بكم في جمهورية المتاريس!