"الإمارات عدوّة الثورات وتموّل الانقلابات"، هكذا صرّح قبل أشهر الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي، الذي لا يتردّد بين الحين والآخر في توجيه الاتهامات للإمارات صراحة بالوقوف وراء محاولات زعزعة المسار الديمقراطي في بلاده، إذ تعيش العلاقات الإماراتية التونسية برودَا منذ اندلاع الثورة، وقد سبق وسحبت الإمارات سفيرها من تونس سنة 2013 على خلفية الموقف التونسي الرسمي الرافض للانقلاب العسكري في مصر، وتحديدًا حينما دعا المرزوقي من على منبر الأمم المتحدة للإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسي.
ويدلّل التونسيون على أن الإمارات تعادي ثورتهم ومسارهم في الانتقال الديمقراطي، برفضها الاستثمار في تونس التي تواجه صعوبات اقتصادية، فثمّة اعتقاد راسخ بأنّ الإماراتيين لا يريدون الاستثمار إلا في "مشاريع الانقلاب".
مشاريع كهذه تسعى لتخريب الديمقراطية الناشئة في تونس، التي لا تزال نموذجًا حسنًا للانتقال الديمقراطي في دول الثورات العربية، فـ"الإجابة لا تزال تونس"، إن خُيّر شعب ما بين الأمن الحرية بـ"مش أحسن ما نبقى زي سوريا والعراق"، ردّ صدى الشارع: "ما نبقى زي تونس".
يدلل التونسيون على أنّ الإمارات تعادي ثورتهم ومسار انتقالهم الديمقراطي، برفضها الاستثمار في تونس رغم ما تواجهه من صعوبات اقتصادية
ومن هذا المنطلق، يمثّل الإجهاز على مسار الانتقال الديمقراطي في تونس هدفًا ضمن الأعمال التخريبية الإماراتية التي تسعى بجد لإسقاط هذا النموذج، والذي هو رغم مطبّاته وعلّاته يظل الحد الأدنى مما تأمله الشعوب العربية.
اقرأ/ي أيضًا: الحقيقة غير الجذابة عن إفشال الربيع العربي
وربما كشفت مُؤخرًا تسريبات العتيبة بوضوح، عن حجم التعبئة الإماراتية في الغرف المغلقة والكواليس، لاستهداف التجارب الديمقراطية العربية، غير أنه يبدو أن هيجان الثور الإماراتي، والذي قرر الكشف عن وجهه القبيح في الفترة الأخيرة، يتزامن كذلك مع تصعيد يستهدف التجربة التونسية، وهو ما تكشفه معطيات متقاطعة وتسريبات مضاف إليها فبركات بهدف تزييف الحقيقة.
في مؤشرات التصعيد ضد التجربة التونسية
قبل أيام، أصدرت حركة النهضة الإسلامية بيانًا لافتًا على خلفية زيارة أجراها وفد من الحركة بقيادة زعيمها راشد الغنوشي إلى الرئيس الباجي قايد السبسي. وقد ورد في هذا البلاغ أن السبسي، والذي شارك في قمة مجموعة السبع الكبار بإيطاليا، "قد دافع كعادته عن تجربة التوافق التي جعلت من التجربة التونسية محط الأنظار وأن النهضويين مواطنون كبقية التونسيين".
وإن ما كان من البداهة أن اختيار الألفاظ في البيانات الرسمية لحركة النهضة، ليس اختيارًا اعتباطيًا، فهو بالضرورة خاضع لعملية تمحيص وتدقيق، حيث غالبًا ما تكون البلاغات حاملة لرسائل غير مباشرة على غرار هذا البلاغ المثير للانتباه.
فالحديث عن "الدفاع" عن التجربة التونسية يفترض بحكم المنطق وجود "هجوم" عليها، إذ ثمّة خشية أن دوائر النفوذ الأمريكية المتقاطعة مع السياسات الإماراتية، بصدد دفع إدارة دونالد ترامب للحسم في جملة سياسية بسيطة، مفادها ضرورة إقصاء الإسلاميين على مختلف تنوعاتهم من المشهد السياسي، وذلك في إطار حماية المصالح الأمريكية، وهي أطروحة اليمين المتشدّد.
من هذا المنطلق، وتعميمًا للأطروحة، فالإسلاميون في تونس بالنسبة إليها يمثلون خطرًا يجب إقصاؤه. ولعلّه يُستذكر في هذا الجانب، على سبيل التدليل، ما ورد في تسريبات العتيبة من حيث التحريض بالتحديد على الإخوان المسلمين وضرورة تصنيفهم "جماعةً إرهابية".
على مدار عقود من الاستبداد أُخرج الإسلاميون من دائرة المواطنة بمنعهم من حقوقهم المدنية والسياسية واعتبار أن السجن مكانهم الطبيعي!
وقد ورد في البيان أنّ السبسي أكد على "تونسية" الإسلاميين، وكأنه بحث عن اعتراف بمواطنة الإسلاميين لدى "الكبار". فهل الإسلاميون بحاجة لأن يعترف لهم السبسي بـ"تونسيتهم"، أي بحق أصيل وهو حق المواطنة؟ إنها نقطة لافتة في البيان أعادت للذهن مركبات خطاب الإقصاء الذي أسسه نظام الاستبداد طيلة عقود، ومفاده إخراج الإسلاميين من دائرة المواطنة، بحيث لا يجوز تمتيعهم بحقوقهم المدنية والسياسية، فمكانهم الطبيعي هو السجن ببساطة. وهو ذات الخطاب المتحكّم حاليًا في العقل السلطوي للنظام المصري.
اقرأ/ي أيضًا: عودة الإسلام السياسي.. قصة الشبح والعنقاء
لم تمرّ أيام قليلة حتى تأكد بأن بيان النهضة لم يكن "بريئًا"، وبأنه بالفعل حامل لرسائل خفيّة. إذ كشف الصحفي صالح عطية المقرّب من حركة النهضة، وهو مقدم برنامج في قناة الزيتونة المملوكة للقيادي في الحركة أسامة بن سالم؛ أن "30 ضابطًا من المخابرات العسكرية الإماراتية، جاؤوا إلى تونس تحت عنوان حماية السفير الإماراتي". وهو معطى على الأغلب قد نقله من دائرة الكواليس إلى العلن.
في نفس السياق، كشف الصحفي الصحبي سمارة -وهو أحد وجوه الدعاية زمن زين العابدين بن علي قبل أن يعلن "مراجعاته" بعد الثورة- أن "زيارة وليّ عهد أبوظبي محمد بن زايد إلى واشنطن، في 15 أيار/مايو المنقضي، انتهت باقتناع المستشار الأمني الخاص للرئيس الأمريكي، إيريك برانس، بضرورة مجاراة البرنامج الإماراتي للتغيير في المنطقة المغاربية، وتحديدًا ليبيا وتونس والجزائر".
وتحدث عن معطيات مفادها "نجاح الأجهزة الإماراتية في تجنيد 40 عنصرًا تونسيًا تمّ استقطابهم من طرف الأجهزة الليبية، وتسليمهم للقوات العسكرية المصرية التي تشرف على تدريبهم منذ أشهر تحت إشراف القوات الخاصّة التابعة لأكاديمية إيريك برانس".
وإن كان من الصعب، حتى الآن، التسليم قطعيًا بصحة هذه المعطيات، إلا أنه في أقل الأحوال يصعب أن تكون بخارج عن دائرة وجود تصعيد إماراتي مُرجّح في الخفاء، وخلال هذه الفترة، هدفه استهداف التجربة الديمقراطية في تونس.
هل تطوّر الاستهداف الإماراتي من التحريض إلى ضرب الاستقرار الأمني ومنه الاستقرار السياسي النسبي بطبعه؟ الإجابة مرجّحة لعنصر السابقية على الأقل، فالرئيس السابق المنصف المرزوقي لمح لوجود دور إماراتي في محاولة انقلاب في صيف 2013، وهو الذي سبق واتهم الإمارات صراحة بأنها "تموّل الانقلابات".
إيقاف "جراية" ورائحة الصراع الإقليمي
أطلق رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد قبل بضع أسابيع حملة إيقافات ضمت من قالت إنهم من كبار الفاسدين، بموجب قانون الطوارئ، وهي حملة يتابعها جزء كبير من المحلّلين من حيث توقيتها ومضمونها، بمنظار الصراع الإقليمي بين القطريين والإماراتيين، وإن بصفة نسبية، إذ شملت هذه الحملة رجل الأعمال الشهير شفيق جراية وهو أحد أهم مموّلي حزب نداء تونس الحاكم، حيث يُنظر لإيقافه، في جانب منه، إلى أنّه تصفية لأحد أهم المحسوبين على النفوذ القطري في المشهد التونسي عمومًا وفي حزب نداء تونس خصوصًا، وذلك بغض النظر عن صحّة التهم الموجّهة إليه في كل الأحوال.
جراية، المحبوس حاليًا في ثكنة عسكرية والموجهة إليه اتهامات منها الاعتداء على أمن الدولة؛ يتمتع بشبكة علاقات داخلية وإقليمية واسعة، تشمل القطاعات السياسية والمالية والإعلامية. ويُعرف بتعاملاته المالية مع جهات قطرية، وكان وزير الوظيفة العمومية السابق عبيد البريكي، قد أشار إليه "متهمًا"، قبل ثلاثة أشهر، بتلقيه 10 ملايين يورو من قطر، الأمر الذي لم ينفه جراية، مُوضحًا أن المبلغ المحول إليه جاءه من صندوق الاستثمار القطري مقابل جملة استثمارات.
ثمّة اعتقاد سائد بين قطاع كبير من المعارضة في تونس، بأن إيقاف رجل الأعمال شفيق جراية، ليس إلا بغرض تصفية حسابات
وبالإضافة إلى قطر، يُعرف عن جراية علاقاته الوثيقة بأطراف ليبية نافذة، على رأسها عبدالحكيم بلحاج، رئيس حزب الوطن الليبي، وقائد عملية تحرير طرابلس، والذي وضعته الدول المقاطعة لقطر أخيرًا على ما أسمته بقائمتها لـ"الإرهاب"، والتي لم يعترف بها أحد سواها.
ويوجد اعتقاد سائد لدى جزء كبير من المعارضة بأن إيقاف جراية هو في الحقيقة تصفية لجناح مافيوزي داخل منظومة الحكم لحساب جناح آخر يقوده رجل الأعمال كمال اللطيف، وعليه، ومن هذا المنظور، فاعتقال جراية هو تصفية حسابات ضمن حرب الشقوق داخل نداء تونس، وضربة إماراتية مقصود بها قطر.
اقرأ/ي أيضًا: هل يقود يوسف الشاهد حربًا كاذبة ضد الفاسدين في تونس؟
وفي هذا السياق، قالت وسائل إعلام قريبة من الحكومة، إضافة لشخصيات مقربّة من حيثيات ملف الاتهامات الثقيلة ضد جراية؛ إن عملية الإيقاف جاءت على خلفية رصد اجتماع في جنيف تعهّد خلاله رجل الأعمال الموقوف بإدخال كميات كبيرة من السلاح قادمة من أوروبا الشرقية إلى الغرب الليبي عبر الجنوب التونسي.
وزعمت صحيفة آخر خبر أونلاين، المعروفة بعلاقاتها مع أجهزة الداخلية في تونس، بأن المخابرات المصرية أعلمت نظيرتها التونسية بفحوى هذا الاجتماع الذي تم على أساسه إيقاف جراية، وإحالته للقضاء العسكري بتهم منها وضع النفس تحت تصرف جيش أجنبي. وهكذا تفوح رائحة الصراع الإقليمي المتجاوز للمجال التونسي، بالحديث عن إيقاف شفيق جراية.
كيف تخطط الإمارات في تونس؟
كيف تعمل الإمارات على تكوين لوبيات لصالحها في تونس؟ وعلى من تراهن من شخصيات وأحزاب؟ هذا ما تحدثت عنه ما قيل إنها وثيقة مُسربة من داخل مطبخ القرار الإماراتي، نشرتها مواقع تونسية. والوثيقة مُؤرخة بيوم الأوّل من حزيران/يونيو 2017، وهي عبارة عن مجموعة توجيهات للسياسة الإماراتية بعنوان "الاستراتيجية الإماراتية المقترحة تجاه تونس"، صادرة عن "مركز الإمارات للسياسات"، الذي تأسس سنة 2013، والذي يظهر على موقعه الرسمي صور لشخصيات من بينها ضاحي خلفان، المعروف بعدائه الشديد للثورات العربية.
وقد انطلقت الوثيقة بمسلّمة مفادها أنه نتيجة الموقف الإماراتي من الثورات العربية "تراجع الحضور الإماراتي في تونس في مقابل تقدم النفوذ القطري". ويلاحظ أن ربط ميزان تزايد وتراجع النفوذ، تم قياسًا بالموقف الإماراتي من الثورات وليس من الثورات ذاتها، وهو ما يخفي اعترافًا بأن تراجع النفوذ الإماراتي لم يكن في حقيقته إلا اختيارًا ناتجًا عن موقفها، ولم يكن نتيجة للثورات التي استثمرت الإمارات في معاداتها.
وتهدف "الاستراتيجية المقترحة" لضمان نفوذ إماراتي في مواجهة الجزائر وقطر، اللتين وصفهما التقرير بأنهما "الطرفين العربين الحاضرين بقوة في المشهد التونسي". وتتضمّن الورقة ثلاثة أسس، أولّها "محاربة التطرف الراديكالي في أبعاده الأمنية والسياسية والفكرية"، ومن ذلك التنسيق مع مراكز الأبحاث التي "تتصدر المواجهة مع حركة النهضة"، وثانيها بناء كتلة سياسية موالية، لها وزنها في الساحة الداخلية، فيما يتمثل الأساس الثالث في "كبح النفوذ القطري".
وبخصوص بناء كتلة سياسية موالية للإمارات، دعت الوثيقة إلى "كسر التحالف النهضوي الدستوري" الذي يقوم على أساسه التوافق السياسي الحالي، وذلك من خلال دعم حزب "مشروع تونس"، الذي يقوده محسن مرزوق، ليمثّل هذا التوجيه تأكيدًا لما هو معلوم لدى قطاع واسع من التونسيين، أن محسن مرزوق هو الحصان الإماراتي في تونس.
يتضح ذلك إذا ما علمت أن مرزوق، والذي كان مستشارًا للسبسي، يتبنى موقفًا متحفظًا من الإسلاميين، في محاولات للعودة لثنائية الاصطفاف التقليدي ووصمهم بالإرهاب، كما يُعرف بعلاقاته الوثيقة مع خليفة حفتر، حيث سبق وقد زاره قبل أشهر في ليبيا، كما سبق وتوجه مرزوق لمصر لتهنئة السيسي عند فوزه في الانتخابات التي خاضها وحده تقريبًا في 2014.
وقد أسس مرزوق قبل شهرين مع بعض حلفائه ما يُعرف بـ"جبهة الإنقاذ والتقدم"، في محاولة لإنعاش "جبهة الإنقاذ" التونسية التي تأسست صيف 2013، استنساخا عن "جبهة الإنقاذ" المصرية، التي كان لها دور مهم في الإطاحة بمرسي بتحالفها مع العسكريين.
وإن ما كان الحديث عن "إنقاذ" فدائمًا ما يُشتم رائحة تمهيد لتغيير بقوّة الانقلابات، ولعلّ الدعم الإماراتي لتكوين هكذا جبهة معارضة، كشفه النائب والقيادي السابق في "مشروع تونس"، وليد الجلاد، في تصريح إذاعي في كانون الأول/ديسمبر 2016، حول لقاء جمع محسن مرزوق مع محمد دحلان في صربيا، وهو معطى مرجّح، بخاصة وأنه صادر عن أحد قيادات الصف الأول إلى جانب محسن مرزوق قبل الانشقاق عنه.
بوق حفتر على خط التصعيد
يبدو أن التصعيد الإماراتي تجاه قطر، أخذ طابعًا مزدوجًا بإقحام تونس، وذلك على ضوء ما صرّح به مؤخرًا الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي الموالي لمجلس النواب، أحمد المسماري، بأنّ عقيدّا في الاستخبارات القطرية يدعى سالم علي جربوعي، يعمل في تونس كملحق عسكري لقطر في دول شمال إفريقيا، يقف وراء عمليات "إرهابية" في ليبيا، بل وفي تحويل الأموال "للإرهابيين" في تونس، على حد تعبير المسماري، أو "بوق حفتر"، لتصبح تصريحاته هذه آخر فصول المسرحية الجارية التي تخرجها الإمارات.
ويبدو كذلك أن هذا الفصل الحفتري من هذه المسرحية الركيكة، استنسخ إحدى مميزات الفصل المصري، وذلك بخصوص اتهام قيادات من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بالعناصر المتطرفة بليبيا على وسائل التفخيخ والتفجير.
ويكشف توجيه اتهام للملحق العسكري لقطر في تونس بوقوفه وراء عمليات إرهابية في ليبيا وتحويله أموالًا لإرهابيين، محاولة إظهار تونس كقاعدة للتخطيط للإرهاب في منطقة شمال إفريقيا، فيما يظهر أنه تصعيد جديد في التحريض ضد تونس.
والوثائق التي عرضها المسماري في فصله المسرحي المملّ، كانت قد نشرتها في وقت سابق جريدة "السور"، وهي إحدى الصحف الصفراء في تونس، بخلاف أن هذه الوثائق مدلسة ولا تعتمدها الخارجية القطرية في مراسلاتها الداخلية، بل وصدر حكم قضائي تونسي في وقت سابق قضى بعدم صحة هذه الوثائق.
وربما بقدر ما يأتي العرض الحفتري الأخير في إطار التصعيد الإماراتي ضد قطر وتونس، فهو يأتي كذلك في إطار التغطية على التقرير الأممي السنوي حول العقوبات ضد ليبيا، والذي كشف عن خرق الإمارات للحظر الأممي للأسلحة بتقديمها شحنات لحفتر. ليساهم التسليح الإماراتي في مزيد تأجج الحرب الأهلية بين القوى الليبية.
هل ينجح التخريب الإماراتي في تونس؟
يسعى ما بات يُعرف بـ"محور الشرّ العربي"، الذي تقوده الإمارات، والذي يستهدف الثورات العربية ويعمل على إجهاضها؛ على إفشال الديمقراطية الناشئة في تونس، التي اعتبرها منتدى دافوس الاقتصادي قبل أشهر، "الديمقراطية الوحيدة" في العالم العربي، وهي ديمقراطية رغم صعوباتها وتواصل معركة إنفاذ جوهرها وآلياتها في المشهد التونسي، فهي تقضّ مضجع المتربّصين بالثورات العربية ومشاريعها الديمقراطية، لأنها ما زالت "النموذج الوردي" في عيون المصريين والليبيين والسوريين واليمنيين والعرب عمومًا.
يبدو أن "محور الشر العربي" الذي تقود الإمارات، في أشد مراحل تعبته وشغبه الآن في المنطقة
بيد أنه مع وجود مؤشرات تصعيد إماراتي جديد يستهدف التجربة التونسية، خاصة في الوقت الحالي مع استغلال صعود اليمين المتشدد في الولايات المتحدة وتزايد انحصار نفوذ القوى الثورية في الجارة ليبيا والمجال العربي عمومًا، فإن ثمّة اعتقادًا راسخًا لدى الطبقة السياسية التونسية، حكومة ومعارضة، على ضرورة تأمين المسار الديمقراطي، في الوقت الحاضر أكثر من أي وقت مضى.
اقرأ/ي أيضًا: حملة عبرية - "عربية" ضد الدوحة.. القصة الكاملة للتحريض الإسرائيلي على قطر
ولعلّه يساعد تجاور تونس مع الجزائر الحريصة على ضمان "الاستقرار" في "الشقيقة الصغرى"، إضافة للعلاقات التقليدية مع أوروبا غير البعيدة عن سواحل تونس، والداعمة لمسار الانتقال الديمقراطي، في تقليم أي دور إماراتي تخريبي، وإن كانت اليقظة دائمًا ما تكون مستوجبة، خاصة وأن محور الشرّ العربي الذي تقوده الإمارات يبدو حاليًا أنه في أشدّ مراحل تعبئته و"شغبه".
اقرأ/ي أيضًا: